حكم فرق شعر الرأس على الجانبين .
السؤال: 148945
هل فرق الشعر حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سدل شعر الرأس بإرساله حول الرأس وتركه على هيئته مسترسلاً ، أو فرقه من الوسط
يميناً وشمالاً ، كلاهما من الأمور الجائزة ، التي لا حرج فيها
.
وفرق شعر الرأس على الجانبين هو الذي استقر عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في
آخر أمره .
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ
يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ ،
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ
أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ، فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ) . رواه
البخاري (3558) ، ومسلم (2336)
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يخالف شرعه ؛ تأليفاً
لهم ، لأنهم لأقرب إلى الإيمان من عبدة الأوثان ، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب
صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب
.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“وَكَأَنَّ
السِّرّ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْأَوْثَان أَبْعَد عَنْ الْإِيمَان مِنْ أَهْل
الْكِتَاب , وَلِأَنَّ أَهْل الْكِتَاب يَتَمَسَّكُونَ بِشَرِيعَةٍ فِي الْجُمْلَة
فَكَانَ يُحِبّ مُوَافَقَتهمْ لِيَتَأَلَّفهُمْ وَلَوْ أَدَّتْ مُوَافَقَتهمْ إِلَى
مُخَالَفَة أَهْل الْأَوْثَان , فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْل الْأَوْثَان الَّذِينَ
مَعَهُ وَاَلَّذِينَ حَوْله وَاسْتَمَرَّ أَهْل الْكِتَاب عَلَى كُفْرهمْ ،
تَمَحَّضَت الْمُخَالَفَة لِأَهْلِ الْكِتَاب” انتهى من ” فتح الباري” (10/361(
وقوله في الحديث : (ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ) أي ألقى شعر رأسه إلى جانبي رأسه
.
قال ابن حجر رحمه الله :
“وَالْفَرْق
سُنَّة لِأَنَّهُ الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَال ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ
ذَلِكَ وَقَعَ بِوَحْيٍ , لِقَوْلِ الرَّاوِي فِي أَوَّل الْحَدِيث إِنَّهُ كَانَ
يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب فِيمَا لَمْ يُؤْمَر فِيهِ بِشَيْءٍ ,
فَالظَّاهِر أَنَّهُ فَرَقَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّه ” انتهى من ” فتح الباري”
(10/362)
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
“الفَرْقُ
في الشعر سنَّةٌ ، وأولى من السدل ؛ لأنَّه آخر ما كان عليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وهذا الفَرْقُ لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله” انتهى من “التمهيد”
(6/74(
وترك النبي صلى الله عليه وسلم للسدل لا يفيد منعه وتحريمه ، بل هو جائز ، بدليل
جريان عمل الصحابة على كلا الأمرين
.
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله
:
“وغاية
ما روي عنهم : أنه كان منهم من فَرَق ، ومنهم من سدل ، فلم يعب السَّادل على الفارق
، ولا الفارق على السَّادل … فالصحيح : أن الفَرْقَ مستحبٌّ لا واجب ، وهذا الذي
اختاره مالك ، وهو قول جُلِّ أهل المذاهب ” انتهى من ” المفهم لما أشكل من تلخيص
كتاب مسلم” (19 / 51) ، ومثله في “فتح الباري” (10 / 362)
وقال النووي : ” الصَّحِيح الْمُخْتَار : جَوَاز السَّدْل وَالْفَرْق ، وَأَنَّ
الْفَرْق أَفْضَل “. انتهى “شرح صحيح مسلم” (15/90) .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟