يسأل عن سور من القرآن الكريم يقرأها ليجد عملاً
السؤال: 149161
أنا في الثامنة عشر من عمري ، أسعى في البحث عن عمل منذ سنتين ، لا أعلم ما الذي ينبغي علي عمله ، بدأت في قراءة بعض الأدعية منذ الشهر الماضي ، أو حتى التي تشعرني أنني أعيش حياة كريمة ، إلا أني ما زلت لا أجد عملا ، لذا أتساءل ، هل يمكنكم إخباري إذا ما كان هناك سور قرآنية يمكنني قراءتها تمكنني من إيجاد عمل ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الشريعة الإسلامية شريعة الأسباب ، تَبني عقولَ الناس وقلوبَهم على التعامل مع
الحقائق ، والتعاطي مع السنن الكونية التي أودعها الله عز وجل في خلقه ، مع ما فيها
من التوكل على الله تعالى والاعتماد بالقلب عليه في حصول المطلوب.
وسيرته عليه الصلاة والسلام مليئة بالواقعية ، منسوجة بالسببية ، وفيها من التضحيات
وتحمل المشاق والصبر على جني الثمار ما أراده الله عز وجل درسا للبشرية من بعده ،
فلا يطمع أحد أن ينال أعلى مراتب الدنيا بمجرد تلاوات يتلوها فقط دون عمل .
بل
هي الدنيا ، بحلوها ومرها ، بصعبها وسهلها ، فعلى المسلم أن يحسن التعامل معها ،
فيصبر على أذاها ، ويتحمل في سبيل رضا الله شدائدها ، ويحزم الأسباب ، ويكون التوكل
على الله عز وجل في جميع شأنه ، كما قال الله تعالى : (فَإِذَا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل
عمران/159 .
فالرزق له أسبابه المادية والشرعية .
أما
الأسباب المادية فهي العمل والبحث والاجتهاد وعدم اليأس ، فإذا لم يوفق في عمل بحث
عن آخر … وهكذا .
أما
الأسباب الشرعية فكثيرة :
نذكر بعضها :
1-
تقوى الله تعالى ، وهي فعل ما أمر الله به ، وترك ما نهى عنه ، قال الله سبحانه :
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ) الطلاق/2-3 .
2-
الاستغفار ، قال الله تعالى : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)
نوح/10-12 .
وقال سبحانه وتعالى : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ
فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير)
هود/3 .
ولهذا فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ” الوابل الصيب ” في ” الفصل
الثامن عشر ” الاستغفارَ ضمن الأذكار الجالبة للرزق ، الدافعة للضيق والأذى .
3-
الدعاء ، فعن أم سلمة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد
صلاة الفجر : (الَّلهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ رِزقًا طَيِّبًا ، وَعِلمًا نَافِعًا ،
وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً) رواه أحمد في “المسند” (6/294) وابن ماجه في “السنن” (66)
.
وحسنه الحافظ ابن حجر كما في ” الفتوحات الربانية ” (3/70) ، وصححه الألباني في
صحيح ابن ماجه .
وقال يحيى بن معاذ الرازي (ت 258هـ) – وهو من خيار السلف – : “الطاعة مخزونة في
خزائن الله تعالى ، ومفتاحها الدعاء ، وأسنانه الحلال” انتهى .
والحاصل :
أننا لا نعلم سورا معينة من القرآن ثبت أن لها أثرا في جلب الرزق وتيسر وسائله ، ـ
ولكن تقوى الله تعالى على سبيل العموم ـ ومنها قراءة القرآن وتدبره سبب من الأسباب
الشرعية لجلب الرزق ، مع أهمية الأخذ بالأسباب المادية والاعتماد بالقلب على الله
تعالى في تيسير الأمور .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟