0 / 0

حكم قيادة الدراجات الهوائية بالقفز والانحدار بها مع تعريض النفس للخطر

السؤال: 149181

هل هناك حكم شرعي في ركوب الدراجات بطريقة خطيرة ؟ .
أركب دراجة ” bmx ” في الحدائق ، والشوارع ، وأنا أعلم إذا قمت بأي خدعة أو أسأءت التوقيت في قيادة الدراجة فلربما يؤدي ذلك إلى الوقوع وإصابتي .
هل هذ الأمر حرام ؛ لأني أعلم أنه يحرم على الشخص أن يقصد إيذاء بدنه ؟ .
جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
ليَعلم المسلم أن عمره محدود ، وأن ما فات منه لا يستطيع إرجاعه ، وكل يوم يمر عليه فهو خطوة له إلى قبره ، والحياة فانية ولا شك ، والآخرة باقية ولا شك ، فليعمل العاقل لدار يبقى فيها ، ولا يتعلق بدار الفناء فإنه سرعان ما ينتقل عنها ، وليَعلم أن الله تعالى سائله عن عمُره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه .
عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ) .
رواه الترمذي ( 2417 ) وصححه .
قال ابن القيِّم – رحمه الله – :
وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمرّ أسرع من مرّ السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوباً في حياته وإن عاش فيه عاش عيش البهائم ، فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة ، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة ، فموت هذا خير له من حياته .
” الجواب الكافي ” ( ص 109 ) .

ثانياً:
الإسلام جاء بما يحفظ على الناس دينهم وعقلهم ومالهم وعرضهم وبدنهم ، وفي اللعب بالألعاب الخطرة – كالتفحيط بالسيارات واللعب بالدراجات الهوائية تلك الألعاب الخطرة – لا شك أن فيه تعريضاً للبدن بالتلف وللمال بالضياع ، فضلاً عن أن فيه ترويعاً للناس وتضييقاً عليهم في طريقهم وتشجيعاً لغيرهم أن يفعلوا فعلهم ، وكل هذه توجب القول بالتحريم لتلك الألعاب الخطرة والحركات الجنونية ، بتلك الدراجات الهوائية الوارد ذكر اسمها في السؤال ، وما يشبهها من ماركات أخرى . قال الله تعالى ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195.
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجه ( 2314 ) ، وحسنه النووي وابن الصلاح وابن رجب – كما في ” جامع العلوم والحكم ” ( ص 304 ) – وحسَّنه الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .

قال علماء اللجنة الدائمة – في شرح الحديث – :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره ، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على نفسه ، أو غيره .
وهذا الحديث وإن كان فيه مقال إلا أنه جاء من طرق يقوي بعضها بعضاً ، وله شواهد فينهض إلى درجة الحسن لغيره ، ويصلح للاستدلال به .
ونوصيك بمراجعة كتاب ” جامع العلوم والحكم ” للحافظ ابن رجب في شرح هذا الحديث .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 4 / 400 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
يكثر في بلادنا الشباب الذين همهم التفحيط والسرعة والتطعيس وإيذاء المسلمين ، ولذلك يحصل أحياناً – بل كثيراً – حوادث يحصل فيها وفيات ، فهل يعتبر هذا من الانتحار ؟ وما دور أولياء أولئك الشباب وتمكينهم من تلك السيارات ؟ ثم ما حكم ذلك الرجل هل يحل له أن يعفو عن كل من أساء إليه بحادث ونحوه ؟ .
فأجاب :
هذا ليس من الانتحار ؛ لأن الانتحار أن يقصد الإنسان قتل نفسه وهذا ما قصد .
لكن لا شك أنه من السفه ومجانبة الصواب ، ونصيحتي لأولياء أمور هؤلاء : أن يتقوا الله عز وجل ، وألا يمكنوا أولادهم من هذا الفعل الذي يجني عليهم أضراراً نفسيَّة ، وأضراراً مالية ، وعدواناً على الغير ، وليخش هؤلاء من زوال النعم ، فإن النعم إذا لم تشكر زالت ، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته .
” اللقاء الشهري ” ( 74 / السؤال 19 ) .

والخلاصة :
أن ما كان قيادة للدراجة الهوائية تلييناً للجسد ، وتقوية لعضلاته : فلا شيء فيه ، وما كان منه قيادة في المنحدرات وعلى التلال وفوق الأرصفة والجدران وفيه تعريض للنفس للخطر : فهو محرَّم ، ولا يحل لأحدٍ أن يقوم به ، ولا لولي الأمر أن يعين ابنه عليه .
قال الدكتور على حسين أمين يونس – وفقه الله – :
وبعض السباقاتِ تقامُ على الطرقِ الوعرة ِأو المنحدرات ِ… التي قدْ يُصَابُ فيِها اللاعبُ بإصابات ٍ نتيجة َ السقوط .
وهناكَ سباقاتٌ أو ألعابٌ استعراضيةٌ كالهبوطِ من تلة ٍ مرتفعة ٍ شديدة ِالانحدار ، باتجاه الأسفل ، أو القفز للأعلى على عبر منصتين متصلتين ، ولا تخلوا هذه الألعابُ الاستعراضيةُ من الإصابةِ ببعض الجروح أو الكسور ونحوها .
مشروعيتها :
يباح ٌ من هذه الألعاب ما عادَ على الجسد بالنَّفع والفائدة ، على أن تُجنبَ المحظوراتُ ، من مقامرة ٍ ونحوها ، ويكرهُ كراهة ً شديدة ً إطالةُ اللعب بها مما يضيعُ الوقت لمجرد اللهو ؛ لأن المسلم مستأمن على وقته ومسؤول عنه .
أما اللعب بها بصورة ٍخطيرة ٍ قد تلحق الإصابات أو الكسور ونحوها بالجسد : فهي محرمة ؛ لأن إلحاق الأذى بالنفس محرَّم ، وذلك مثل السير بسرعة ٍ عالية ٍ جدّاً على المنحدرات الشديدة ، أو الاستعراض بالنزول عن التلال شديدة الانحدار ، أو الاستعراض بالقفز على المنصاتِ المرتفعةٍ بصورةٍ خطرةٍ ، والله تعالى أعلم .
” الألعاب الرياضية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي ” بإشراف الشيخ عمر الأشقر ، ( ص 233 ، 234 ) باختصار .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android