0 / 0
136,73116/07/2010

هل يجوز أداء صلاة الرواتب والنوافل في السيارة في الحضر ؟

السؤال: 149470

هل يصح أن أصلِّي صلاة الضحى في السيارة لأني أمكث بها نصف ساعة قبل وصولي للمدرسة ؟ وهل يكون لها نفس الأجر لو صليتها بالمدرسة ؟ وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ثمة مسائل ثلاثة هنا :
الأولى : صلاة النافلة في السيارة جالساً ولغير اتجاه القبلة في السفر .
الثانية : صلاة النافلة في السيارة الواقفة جالساً باتجاه القبلة في الحضر .
الثالثة : صلاة النافلة في السيارة السائرة جالساً ولغير اتجاه القبلة في الحضر .
والمسألة الأولى والثانية محل اتفاق بين الفقهاء على الجواز ، والمسألة الثالثة خلافية .
وهذا بيانها – باختصار – :
أما المسألة الأولى :
فقد ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى نافلة على راحلته في السفر حيثما توجهت به ، فسقط شرط الاتجاه للقبلة ، وسقط ركن القيام ، لكنَّ ذلك مشروط بأن تكون صلاة نافلة ، وأن يكون ذلك في السفر ، كما سبق .
وعليه : فمن كان مسافراً راكباً في سيارة : فله أن يصلي الضحى – أو غيرها من النوافل – في أي اتجاه سارت تلك السيارة ، يومئ في ركوعه وسجوده ، ويجعل إيماءه في سجوده أخفض من إيمائه في ركوعه .
عَن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وَهُوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ ) رواه البخاري ( 1043 ) ومسلم ( 540 ) .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِى السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاَةَ اللَّيْلِ ، إِلاَّ الْفَرَائِضَ ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ ) رواه البخاري ( 955 ) ومسلم – نحوه – ( 700 ) .
وهي مسألة إجماعية .
ففي " الموسوعة الفقهية " ( 27 / 228 ) : " اتفق الفقهاء على أنه يجوز للمسافر صلاة النفل على الراحلة حيثما توجهت به " انتهى .

وأما المسألة الثانية :
فإنه لا خلاف بين العلماء – أيضاً – في جواز صلاة النافلة في الحضر ، جالساً ، باتجاه القبلة مع القدرة على القيام ، وأن للمصلي على هذه الهيئة نصف أجر المصلي قائماً .
قال ابن قدامة – رحمه الله – :
" لا نعلم خلافاً في إباحة التطوع جالساً ، وأنه في القيام أفضل ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ ) متفق عليه – رواه البخاري ( 1064 ) فقط – ، وفي لفظ مسلم – ( 735 ) – ( صَلاَةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاَةِ ) " انتهى " المغني " ( 1 / 811 ) .
وعليه : فمن صلَّى الضحى – أو غيرها من النوافل أو الرواتب – في سيارته الواقفة جالساً في الحضر ، وكان اتجاه السيارة إلى القبلة – أو استطاع هو أن يتجه إلى القبلة – : فإنه لا حرج عليه لو صلَّى على تلك الحال بالاتفاق ، ولا فرق بين أن يصلي جالساً – والحالة هذه – في سيارة أو في بيت أو مسجد ، وله أن يومئ في الركوع ، كما يفعل في صلاته جالساً فيما ذكرناه من تلك الأماكن ، فحكم السيارة الواقفة حكم الأرض ، ولا يسقط عنه شرط الاتجاه إلى القبلة .
ويكون للمصلي في تلك الحال نصف أجر صلاة القائم كما سبق ذِكره في الحديث الصحيح .

وأما المسألة الثالثة :
هل يجوز الصلاة في السيارة السائرة جالساً لغير اتجاه القبلة في الحضر ، كما هو الحال في السفر ، أم إن تلك الحال للمصلي لا تصلح إلا في السفر ؟ قولان للعلماء :
القول الأول : عدم الجواز ، وهو قول الجمهور .
القول الثاني : الجواز ، وذهب إلى هذا القول أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة ، وأبو سعيد الاصطخري من الشافعية ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو قول الطبري والأوزاعي وابن حزم .
وقال به من المعاصرين : الشيخ عبد الله بن عقيل ، والشيخ عبد الله بن قعود ، وقال الشيخان عبد الله بن جبرين وعبد الكريم الخضير بالجواز في حال خشي المصلي فوات وقت النافلة ، أو الراتبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
" وأما الصلاة على الراحلة : فقد ثبت فى الصحيح بل استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلِّي على راحلته في السفر قبَل أي وجه توجهت به ، ويوتر عليها ، غير أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة .
وهل يسوغ ذلك في الحضر ؟ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره … " انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 24 / 37 ، 38 ) .
وانظر " شرح مسلم " للنووي ( 5 / 211 ) و " المجموع " – له – ( 3 / 212 ) ، و " المحلى " لابن حزم " ( 3 / 56 ) ، و " نيل الأوطار " للشوكاني ( 2 / 149 ) .
وتنظر رسالة الشيخ عبد الله بن عقيل حفظه الله التي ألَّفها لهذا المسألة تحديداً وهي بعنوان " تُحْفَةُ اْلقَافِلَةِ فِي حُكْمِ الْصَّلَاةِ عَلَى الْرَّاحِلَة " .
فعند هؤلاء العلماء يجوز لمن يركب السيارة السائرة في الشارع أن يصلي فيها الضحى – وغيرها من الرواتب والنوافل – جالساً – ولا يفضَّل ذلك للسائق – ويومئ المصلي في ركوعه وسجوده ، ويكون إيماؤه في سجوده أخفض من إيمائه في ركوعه .

والأظهر في ذلك قول الجمهور ، وهو أن صلاة النافلة جالساً ، ولغير القبلة ، إنما هي لمن كان راكباً على الراحلة السائرة ، وفي السفر دون الحضر ، وهو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يرجحه من المعاصرين الشيخان عبد العزيز بن باز والعثيمين رحمهما الله ، وغيرهما كثير .
وينظر جواب السؤال رقم ( 21869 ) .

تنبيه :
إذا صلى النافلة قاعدا ، وهو قادر على القيام ، فإنه يأتي بالسجود على هيئته على الأرض ، على الأظهر من قولي أهل العلم ، وإنما يسقط عنه القيام ، والركوع تبع له .
قال ابن رشد ـ الجد ـ : " محمد بن أحمد : قوله إن القاعد لا يومىء بالسجود إلا من علة ، يريد في الفريضة ، صحيح لا اختلاف فيه ، لأن السجود فرض كالقيام ، فلا يسقط عنه إلا بعدم القدرة عليه .
وإنما قال : إن له أن يومئ في النوافل من غير علة لما جاء من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى قائماً فهو أفضل ، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد ) ومعلوم أنه من صلى نائماً فإنه يومئ بالركوع والسجود ؛ فإذا جاز أن يترك القعود والسجود مع القدرة عليهما ، جاز أن يترك السجود دون القعود .
وأما قول عيسى إنه لا يومئ في النافلة من غير عذر ولا علة ، بناء على ترك الأخذ بالحديث ، مثل قول مالك في المدونة إنه لا يصلي مضطجعاً إلا مريض ، فلا يجوز ترك الجلوس ولا السجود إلا من علة .
ويحتمل : أن يكون لا يجيز الإيماء بالسجود مع القدرة عليه إلا لمن صلى مضطجعاً، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى قاعداً فله نصف أجر صلاة القائم ) ؛ فكان معناه عند أهل العلم جميعاً : من صلى قاعداً وساجداً ؛ إذ لم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحداً من سلف الأمة ، ترك السجود في صلاة النافلة مع القدرة عليه ، كما ترك القيام فيها مع القدرة عليه " انتهى من "البيان والتحصيل" (1/515-516) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" جدتي كبيرة في السن ، وربما أتعبها الوقوف في الصلاة ، فتصلى النافلة وهي جالسة على الكرسي ، أما الفريضة فهي تصليها وهي واقفة ، وتؤدي ركوعها وسجودها على الوجه الكامل ، والسؤال : هل تأثم بالجلوس على الكرسي ؟ وإذا كانت لا تأثم ، فهل الأفضل في الصلاة أن تصلى على الأرض ، أم على الكرسي ؟ مع العلم بأن الكرسي أروح لها ؟
فأجاب :
" أما بالنسبة لصلاة الفرض فالأمر فيها واضح ، لأنها تؤديها كما ينبغي .
وأما بالنسبة للنافلة فإنها إذا كانت تريد أن تصلي جالسة ، فلتجلس على الأرض وتتربع أثناء القيام والركوع ، والقيام بعد الركوع ، ثم تسجد على الأرض وتجلس بين السجدتين مفترشة كالعادة ، فإذا سجدت السجدة الثانية جلست متربعة ؛ لأن التربع يكون في محل القيام ، وهذا بلا شك أفضل من الكرسي ، لأن الكرسي لا تتمكن معه من السجود على الأرض ، فيفوتها السجود ، والسجود إذا أمكن فإنه لا يجوز الإيماء بدلاً عنه .
وعلى هذا فنقول : هذه الجدة إذا أرادت أن تتطوع في نافلة الصلاة فلتكن على الأرض ، وتعمل كما قلنا ؛ تتربع في محل القيام قبل الركوع ، وفي حال الركوع ، وفي حال القيام بعد الركوع ، وتفترش في الجلسة بين السجدتين والتشهدين ، وتسجد إلى الأرض " انتهى .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android