0 / 0
12,28409/07/2010

هل يسافر إلى بلد آخر لإحياء عبادة التفكر ؟

السؤال: 150371

أعرف قرية ريفية في دولة تركيا محافظة جداً وشعائر الدين تقام فيها بكل يسر والحمد لله ، ولا تكاد تجد امرأة ، فضلاً عن أن تجد متبرجة ، ثم إن من أسباب سفري لهذه القرية هو إحياء عبادة التفكر في صنع الله جل جلاله ، والتأمل في مخلوقاته عز وجل ، فهل يجوز السفر بهذه النية ، وإلى هذه القرية مادامت خالية من المنكرات .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

التفكر عبادة شرعية ، تصفي القلب ، وتؤنس وحشته ، وتروض النفس على المراجعة والتتبع ، وتذكرها بآيات الله الكونية والشرعية ، وتخلصها من أسباب التلهي .
قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران / 190 ، 191
وقال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الجاثية / 13
وروى النسائي في “السنن الكبرى” (11850) بسند جيد عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأُمِّ الدَّرْدَاءِ : أَيُّ عِبَادَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ كَانَتْ أَكْثَرَ ؟ قَالَتْ : التَّفَكُّرُ ، وَالاِعْتِبَارُ .
وروى ابن أبي شيبة في “المصنف” (35728) بسند صحيح عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : ” تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ” .
ولكن هذه العبادة لا تحتاج إلى تكبد مشاق السفر ، ومعاناة أثقاله ، من مغادرة البلاد ، وترك الأهل والصحب والولد ، وإنفاق المال ، إلى غير ذلك مما هو معلوم .
ويحصل التفكر وتحصل ثمرته في العادة بتدبر آيات الله الكونية الموجودة في كل مكان ، وفي أنفسنا ، وفي آياته الشرعية .
فمن أحسن النظر في آيات الليل والنهار ، وتفكر في خلق السموات والأرض ، وتدبر في الكون من حوله ، وتدبر معاني القرآن ، حصل له مقصوده من هذه العبادة ، دون أن يعاني السفر ومشاقه .
فإن كنت تريد السفر للتفكر الشرعي ، فليس لك أن تسافر خاصة لأجله ، حيث كان يمكنك تحقيقه في حال حلك وإقامتك ، وصبغته بالصبغة الشرعية فيه تكلف ظاهر .

أما إذا كان مقصودك التنزه والتفرج فلا بأس بالسفر لهذه الغاية المباحة ، إذا كان في بلاد آمنة من المنكرات ، كالتي ذكرتها ، ولم يعد سفرك بآثار سلبية عليك أو على أسرتك .

والذي ننصحك به : استغلال الوقت والجهد والمال فيما يعود عليك في أمر دينك ودنياك ، بما هو أفضل لك من هذا السفر ؛ كأن تسافر لمكة لعمل عمرة ، أو للصلاة في البيت الحرام ، والذي تكون الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد ، أو للطواف ، أو تسافر إلى المدينة ، لتنعم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن تسافر في طلب العلم ، أو الدعوة إلى الله ، إلى غير ذلك من المقاصد الشرعية .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android