حصل لزوجي حادث أدخل على أثره المستشفى.. والأطباء اقترحوا أن يظل نائما و لا يستيقظ حتى لا يتألم من الكسور.. والآن له سبع أيام وهو نائم. ولم يستيقظ ولم يصلي طيلة هذه الأيام.. سؤالي هو : كيف يقضي صلاته؟ هل يقضيها بعد أن يقرر الأطباء أن يوقظوه من النوم؟ أي ننتظر حتى يستيقظ فيقضيها؟ جزاكم الله خير
أولا :
إذا فقد الإنسان وعيه بغير اختياره ، كالمغمى عليه بحادث ونحوه ، ففاتته صلاة أو صلوات ، فمن أهل العلم من يرى أنه لا قضاء عليه وأنه غير مكلف حال الإغماء ، وهو مذهب المالكية والشافعية ، ومنهم من يرى أن عليه القضاء ، وهو مذهب الحنابلة . ومنهم من يرى القضاء إذا لم تزد الصلوات على ست صلوات ، وهو مذهب الحنفية .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (11/ 110) : ” لا تدارك لما فات من صلاة حال الجنون أو الإغماء عند المالكية والشافعية لعدم الأهلية وقت الوجوب ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ , وعن الصبي حتى يشب , وعن المعتوه حتى يعقل ) . وعند الحنفية : إن جن أو أغمي عليه خمس صلوات – أو ستا على قول محمد – قضاها , وإن جن أو أغمي عليه أكثر من ذلك فلا قضاء عليه نفيا للحرج … وفرق الحنابلة بين الجنون والإغماء , فلم يوجبوا القضاء على ما فات حال الجنون , وأوجبوه فيما فات حال الإغماء ; لأن الإغماء لا تطول مدته غالبا , ولما روي أن عمارا رضي الله عنه أغمي عليه ثلاثا , ثم أفاق فقال : هل صليت ؟ قالوا : ما صليت منذ ثلاث , ثم توضأ وصلى تلك الثلاث . وعن عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما نحوه , ولم يعرف لهم مخالف , فكان كالإجماع ” انتهى .
وينظر : المغني (1/ 240)، المجموع (3/ 8).
وأفتى الشيخ ابن باز رحمه الله بمقتضى أثر عمار ، وقال : إن كان الإغماء ثلاثة أيام أو أقل : قضى ، وإن كان أكثر من ذلك لم يقض .
وينظر جواب السؤال رقم : (10229) .
وهذا فيما إذا كان الإغماء أو فقدان الوعي بغير اختيار الإنسان .
ثانيا :
إذا غاب عن الوعي باختياره ، كمن أخذ البنج أو المادة المنوّمة لإجراء عملية مثلا ، فهذا يلزمه القضاء ، وإلى هذا ذهب الحنابلة ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال في “الإنصاف” (1/ 390) : ” وأما إذا زال عقله بشرب دواء , يعني مباحا , فالصحيح من المذهب : وجوب الصلاة عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : لا تجب عليه … وقال المصنف في المغني , ومن تبعه : من شرب دواء فزال عقله به : فإن كان زوالا لا يدوم كثيرا , فهو كالإغماء , وإن تطاول فهو كالمجنون ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” إذا أغمي على المريض وفقد الوعي فإنه لا صلاة عليه … فلو قدر أن المريض أغمي عليه لمدة يوم أو يومين أو شهر أو شهرين ثم أفاق فإنه لا قضاء عليه ، ولا يمكن أن يقاس الإغماء على النوم ؛ لأن النائم يمكن أن يستيقظ إذا أوقظ ، والمغمى عليه لا يمكن ، فهو في حال بين الجنون وبين النوم ، والأصل براءة الذمة ، وعلى هذا فيكون من أغمي عليه لمرض أو حادث فإنه لا يقضي الصلوات قلّت أو كثرت ، أما إذا أغمي عليه للبنج الذي استعمله باختياره ولكنه لم يصح بعد البنج إلا بعد يومين أو ثلاثة فعليه أن يعيد الصلاة ؛ لأن هذا حصل باختياره ” انتهى من “اللقاء الشهري”. وينظر : الشرح الممتع (2/ 18).
وإذا كان زوجك لم يع بعد الحادث ، وأعطاه الأطباء بنجا أو منوما دون علمه ، فالذي يظهر عدم وجوب القضاء عليه ؛ لأنه فقد وعيه بغير اختياره ، ولو كانت المدة قليلة كثلاثة أيام ، فقضى ، فهذا أحوط .
والله أعلم .