0 / 0

نذر إن فعل معصية أن يتصدق بجميع ماله

السؤال: 152811

أعيش في الغرب ، وبفضل الله وكرمه منَّ الله عليَّ ببعض المال الذي أستطيع أن أهاحر به إلى الله وأغادر إلى بلاد إسلامية ، إلا أنني مؤخراً وقعت في مشكلة مع معصية أرتكبها والتي عانيت الكثير لكي أقلع عنها وتبت منها العديد من المرات ، وحتى لا أعود لها ثانيةً نذرت ( نذر يأس وغضب ) وقلت بالحرف : ” والله لئن وقعت في هذه المعصية ثانية فسوف أتصدق بهذا المال الذي وفرته للهجرة ، ولن أكفِّر كفارة يمين ” ، ولكن – وبكل أسف – لم أستطع منع نفسي عن اقتراف هذا الذنب وفعلته ثانية .
من فضلكم أطلب المساعدة منكم ، هل يمكنكم مساعدتي ؟ أنا لا أريد البقاء في هذه البلاد أكثر من ذلك حتى لا أفتتن .
بارك الله فيكم وأظلكم برحمته .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
الواجب عليك أولاً أن تتوب من ذنبك الذي فعلتَ ، وكلما تكرر منك الذنب فأحدث التوبة ، ولا تيأس من رحمة الله .
ثانياً :
النذر الذي ذكرته لم تقصد به الطاعة ، وهي التصدق بمالك وإنما أردت منع نفسك من هذه المعصية ، وهذا النذر حكمه حكم اليمين ، ويخير فيه الناذر بين أمرين : إما أن يفعل ما نذر به ، وإما أن يكفر كفارة يمين .
قال الشيخ موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي – رحمه الله – :
“نَذْرُ اللِّجَاجِ وَالْغَضَبِ ، وَهو تَعْلِيقُ نَذرِهِ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْهُ ، أَوِ الْحَمْلَ عَلَيْهِ ، أَوِ التَّصْدِيقَ أَوِ التَّكْذِيبَ ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ ، وكَفَّارَةِ يَمِينٍ” انتهى .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه :
“قوله : “نذر اللجاج والغضب” هذا النذر من باب إضافة الشيء إلى سببه ، يعني النذر الذي سببه اللجاج ، أي : الخصومة ، أو المنازعة ، أو ما يشبه ذلك ، والغضب : غليان دم القلب وفورانه ، فينفعل الإنسان وينذر ، لكن ما تعريفه ؟ قال :
” وهو تعليق نذره بشرط يقصد المنع منه ” يعني : أن يعلق الإنسان نذره بشرط يقصد المنع منه ، مثل أن يقول : إن فعلتُ كذا : فللَّه عليَّ نذر أن أصوم سنَة ، وغرضه : أن يمنع نفسه من ذلك ؛ لأنه إذا تذكر صيام السنة امتنع .
أو يقول إنسان لمن يمتنع بيمينه – كابنه مثلاً – : إن فعلتَ كذا فلله عليَّ نذرٌ أن أصوم سنَة ، فهذا – أيضاً – يسمَّى نذر اللجاج والغضب ، فقصده بذلك : المنع .
قوله : ” أو الحمل عليه ” عكس المنع منه ، يعني : ينذر ليحملَ نفسه على الفعل ، مثل أن يقول : إن لم أفعل كذا : فعبيدي أحرار ، وأملاكي وقف ، ونقودي هبة ، والمقصود : حمل نفسه على الفعل ، فهذا يُسميه العلماء ” نذر اللجاج والغضب ” ، وإن لم يكن فيه لجاج أو غضب ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، فما دام سموه نذر اللجاج والغضب ، فنحن نقول ما قالوا ، ونسميه بما سموه .
قوله : ” أو التصديق ” بأن يحدثنا بحديث فقلنا : هذا ليس بصحيح ، فقال : لله عليَّ نذر إن كان كذباً أن أصوم سنَة ، لماذا قال هذا الكلام ؟ قاله تصديقاً لقوله .
قوله : ” أو التكذيب ” بالعكس ، بأن يحدثه شخص بشيء ، فيقول : أنت كذاب ، إن كان ما تقوله صدقاً فعبيدي أحرار ، فالمقصود : التكذيب ، يعني : يؤكد أنه يكذِّب هذا الرجل بهذا القول .
قوله : ” فَيُخَيَّرُ بين فعله وكفارة يمين ” كاليمين ، يعني : كما لو حلفت على شيء ، فإن فعلته فلا كفارة ، وإن لم تفعله فعليك الكفارة ، المهم نقول : هذا النذر إن شئت فافعل ما نذرت ، وإن شئت فكفر كفارةَ يمين .
ودليل هذا الحديث الذي رواه سعيد في سننه : ( لا نذر في غضب ، وكفارته كفارة يمين ) – رواه النسائي وضعفه الألباني – ، أما من جهة التعليل : فقالوا : إن هذا بمعنى اليمين ؛ لأنه لم يقصد بهذا النذر إلا المنع ، أو الحمل ، أو التصديق ، أو التكذيب ، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، ولنضرب مثالاً لذلك : رجل قال : لله عليَّ نذر إن فعلت كذا أن أصوم ثلاثة أيام ، ففعل ، فهل يلزمه صيام ثلاثة أيام أو كفارة يمين ؟ .
الجواب : يخيَّر ، إن شاء صام ثلاثة أيام ، وإن شاء كفَّر كفارة يمين ؛ لأن هذا النذر حكمه حكم اليمين .
وإذا قلنا إن حكمه حكم اليمين فهل الأولى أن يفعل أو الأولى أن يكفِّر ؟ .
نقول : سبق أن المسألة بحسب المحلوف عليه ، إن كان خيراً فالأفضل أن يفعل ، وهنا في الغالب أنه خير ؛ لأنه نذر ، لكن مع ذلك لئلا نلزمه نقول : أنت مخير بين فعلك ، وكفارة اليمين” انتهى من “الشرح الممتع على زاد المستقنع” (15/211 – 213) .
والذي يظهر أن النذر الذي نذرته تضمن نذرين اثنين :
الأول : التصدق بالمال ، والثاني : عدم إخراج كفارة يمين .
وعلى هذا ؛ فإما أن تتصدق بالمال ، وإما أن تخرج كفارتي يمين ، فتطعم عشرين مسكينا من أوسط طعامك .
ولمعرفة كفارة اليمين بالتفصيل ينظر جواب السؤال رقم : (45676) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android