0 / 0

تسمية المولود بنافع ورباح ومبارك

السؤال: 154095

سوف يكون لي طفل عما قريب ، وسؤالي هو: لو رزقني الله ببنت فهل يجوز أن أسميها هنية ، وإن كان ولداً فهل يجوز أن أسميه بـ”نافع”. وقد علمت أن اسم نافع هو لأحد رواة أحاديث النبي الصحيحة.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يجوز أن تسمي ابنك نافعا ، وبنتك هنية .
لكن يكره التسمي بنافع ، لما روى مسلم (3983) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ : ( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ : أَفْلَحَ وَرَبَاحٍ وَيَسَارٍ وَنَافِعٍ ) .
وروى الترمذي (2762) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ رَبَاحٌ وَلَا أَفْلَحُ وَلَا يَسَارٌ وَلَا نَجِيحٌ ؛ يُقَالُ : أَثَمَّ هُوَ ؟ فَيُقَالُ : لَا ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وهذا فيه بيان علة الكراهة ، وهو خوف التشاؤم والتطير ، فقد يقال : هل في البيت نافع ؟ ولا يكون الشخص موجوداً ، فيقال : لا ، فيحصل التشاؤم بأنه ليس هناك ما هو نافع .
وأضاف ابن القيم علة أخرى ، وهي أن المسمى بذلك إذا كانت صفاته مخالفة لاسمه ، ذمه الناس كلما ذكروا اسمه فيقولون: ما هو بنافع بل ضار ، وما هو بصالح بل طالح وهكذا .
قال ابن القيم رحمه الله : ” وأما النهي عن تسمية الغلام بـ”يسار ، وأفلح ، ونجيح ، ورباح” ، فهذا لمعنى آخر قد أشار إليه فى الحديث ، وهو قوله: ” فإنك تقول : أثمت هو؟ فيقال : لا” – والله أعلم – هل هذه الزيادة من تمام الحديث المرفوع، أو مدرجة من قول الصحابى، وبكل حال ، فإن هذه الأسماء لما كانت قد توجب تطيراً تكرهه النفوس ، ويصدها عما هى بصدده ، كما إذا قلت لرجل : أعندك يسار، أو رباح ، أو أفلح ؟ قال : لا ، تطيرت أنت وهو من ذلك، وقد تقع الطيرة لا سيما على المتطيرين ، فقل من تطير إلا ووقعت به طيرته، وأصابه طائره، كما قيل:
تعلم أنه لا طير إلا … على متطير فهو الثبور
اقتضت حكمة الشارع، الرءوف بأمته، الرحيم بهم، أن يمنعهم من أسباب توجب لهم سماع المكروه أو وقوعه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تحصل المقصود من غير مفسدة ، هذا أولى، مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه، بأن يسمى يساراً من هو من أعسر الناس، ونجيحاً من لا نجاح عنده ، ورباحاً من هو من الخاسرين، فيكون قد وقع فى الكذب عليه على الله .
وأمر آخر أيضا وهو أن يطالب المسمى بمقتضى اسمه، فلا يوجد عنده، فيجعل ذلك سببا لذمه وسبه …
وهذا كما أن من المدح ما يكون ذما وموجبا لسقوط مرتبة الممدوح عند الناس، فإنه يمدح بما ليس فيه، فتطالبه النفوس بما مدح به ، وتظنه عنده ، فلا تجده كذلك ، فينقلب ذما، ولو ترك بغير مدح، لم تحصل له هذه المفسدة ، ويشبه حاله حال من ولي ولاية سيئة، ثم عزل عنها، فإنه تنقص مرتبته عما كان عليه قبل الولاية ، وينقص فى نفوس الناس عما كان عليه قبلها، وفى هذا قال القائل:
إِذا ما وصفتَ امراً لامرئٍ … فلا تغلُ في وصفهِ واقصِدِ
فإِنك إِن تغلُ تغلُ الظنو … ن فيه إلى الأمدِ الأبعدِ
فينقص من حيثُ عظمْته … لفضلِ المغيبِ على المشهدِ ” .
انتهى من “زاد المعاد” (2/ 342).
وقال في “تحفة المودود بأحكام المولود” ص 116 : ” وفي معنى هذا مبارك ومفلح وخير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك ، فإن المعنى الذي كره له النبي صلى الله عليه وسلم التسمية بتلك الأربع موجود فيها ، فانه يقال أعندك خير؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمة؟ فيقول: لا ، فتشمئز القلوب من ذلك وتتطير به ، وتدخل في باب المنطق المكروه ” انتهى .

ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم من اسمه رباح ونحوه ، وهذا يدل على أن نهيه عن ذلك للكراهة لا للتحريم .
روى مسلم (3986) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى وَبِبَرَكَةَ وَبِأَفْلَحَ وَبِيَسَارٍ وَبِنَافِعٍ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ بَعْدُ عَنْهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ تَرَكَهُ .
وروى البخاري في الأدب المفرد عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن عشت نهيت أمتي إن شاء الله أن يسمي أحدهم بركة ، ونافعاً ، وأفلح ـ ولا أدري قال: “رافع” أم لا؟ ـ يقال: هاهنا بركة؟ فيقال : ليس ها هنا ” !! فقُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك . وصححه الألباني في “صحيح الأدب المفرد” .
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” : ” وَأَمَّا قَوْله : ( أَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى عَنْ هَذِهِ الْأَسْمَاء ) فَمَعْنَاهُ أَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنْهَا نَهْي تَحْرِيم فَلَمْ يَنْهَ , وَأَمَّا النَّهْي الَّذِي هُوَ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيه فَقَدْ نَهَى عَنْهُ فِي الْأَحَادِيث الْبَاقِيَة ” انتهى .
وقال القاضي عياض رحمه الله : ” وقول جابر : ” ثم سكت عنها ” : دليل أنه ترك النهى ، وأن نهيه أولاً إنما كان نهي تنزيه وترغيب ؛ مخافة سوء القال ، ومايقع فى النفس مما ذكره ، وعكس ما قصده المسمى بهذه الأسماء من حسن الفأل .
وقد كان للنبى صلى الله عليه وسلم غلام اسمه رباح ، ومولى اسمه يسار ، وسمى ابن عمر غلامه نافعاً ” انتهى من “إكمال المعلم”.
والحاصل : أنه يجوز التسمي بنافع ، مع الكراهة التنزيهية .
وينظر : المجموع (8/ 417)، كشاف القناع (3/ 26)، الموسوعة الفقهية (25/ 331).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android