تنزيل
0 / 0

حكم تسمية جمعية خيرية باسم صناع المستقبل

السؤال: 154392

بحمد الله قمنا نحن مجموعة من الشباب بمنطقتنا بتكوين جمعية خيرية سميناها ( صناع المستقبل )، فاعترض علينا بعض الناس في هذا الاسم ، وقالوا : إن هذا الاسم لا يجوز تسمية الجمعية به ، وكذلك اسم ( صناع الحياة ). فنرجو من فضيلتكم أن تفتونا في ذلك . وجزاكم الله خيرا .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لعل السائل يرد عليه في هذه الأسماء – " صناع المستقبل "، و " صناع الحياة " – إشكالان اثنان :
الإشكال الأول : تسمية المخلوقين بـ " الصناع " مع أن الله عز وجل هو الخالق المتفرد في هذا الكون .
ولكن الصواب أن هذا الإشكال في غير محله ، لأن كثيرا من صفات الله وأفعاله جاء إطلاقها في الكتاب والسنة أيضا على المخلوق ، كالسمع والبصر والعلم ، وإنما ينسب إلى الله عز وجل من هذه الصفات ما يناسب كماله عز وجل ، وينسب إلى المخلوق منها ما يناسب نقصه وعجزه ، فسمع المخلوق كَلِيلٌ محدود ، وسمع الله عز وجل وسع الأصوات كلها .
وهكذا أيضا فعل " الصناعة "، أطلق في القرآن الكريم على الرب سبحانه وتعالى ، وهي الصناعة الكاملة المتقنة بكمال الإتقان ، تناسب عظمة الرب عز وجل وقدرته ، فإذا نسب هذا الفعل إلى المخلوق فالمراد " الصناعة " التي تناسب عجز المخلوق وفقره وضعفه ، ليس فيها خلق من عدم ، ولا خروج عن السنن الكونية ، وإنما تشتمل على شيء من التحويل والتغيير في نظام قوانين الكون .
يدل على ذلك حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ )
رواه البخاري في " خلق أفعال العباد " (رقم/102) وغيره ، وصححه ابن حجر في " فتح الباري " (13/507)، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/1637)
فتأمل كيف نسب إلى المخلوق فعل " الصنع " فقال : ( كل صانع وصنعته )، ولأنه صنع المخلوق فهو صنع محدود ، أما الخالق عز وجل فهو الصانع الحقيقي الذي خلق الخلق من العدم ، وخلق العباد وأفعالهم ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) الصافات/96.
الإشكال الثاني : إضافة " الصناعة " إلى المستقبل ، وإلى الحياة ، وهما من تقدير الله عز وجل وليس من تقدير البشر .
ولكن لعل الأولى أن لا تعامل الكلمة بهذا التصور ، بل بأن يقال : إن أفعال المخلوق جزء من أقدار الله عز وجل ، والمخلوق إنما يتخذ الأسباب التي من خلالها يصل إلى المسببات المقدرة ، ويصل إلى المستقبل الذي جرت سنة الله عز وجل بصياغته على هذه السوية التابعة للأسباب ، فالمسلم الذي يريد أن يكون مستقبله – مثلا – مليئا بالنجاح في مجال العلم والتعليم لا بد أن يتخذ أسباب الدراسة والتحصيل كي يصنع هذا المستقبل ، فهي صناعة محدودة في إطار الأسباب التي أمر الله عز وجل بها أو خلقها في هذا الكون ، ولا يراد بصناعة المستقبل التقدير المطلق والخلق من العدم الذي تفرد الله عز وجل به ، وإنما يراد به اتخاذ الأسباب الموصلة – بحكم الشرع والقدر – إلى ذلك المستقبل المعين .
وينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (2/458) .
وطريق الهجرتين لابن القيم (38) .
والحاصل أنه لا يظهر لنا حرج في تسمية الجمعية بـ " صناع المستقبل "، أو " صناع الحياة "، ولا يبدو أن فيه هذا الاسم تعديا على حقوق الربوبية لله عز وجل ، ولا شبهة التعدي .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android