0 / 0

مُقعد يسأل عن حكم صلاة الفريضة في السيارة

السؤال: 154593

الله سبحانه وتعالى قدر لي أن أكون معاقا ، أعتمد على عكازات في المشي ، كل صلواتي أصليها في البيت عدا صلاة الجمعة ، أروح إلى المسجد لأن هذا المسجد مهيأ للمعاقين الدخول فيه ، أواجه صعوبات في مساجد ثانية بسبب أنها غير مهيأة للمعاقين ، سؤالي : هل يجوز أن أصلي الفرض في السيارة لما أكون بعيدا عن البيت ولم أستطع دخول المسجد بسبب الدرجات المرتفعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

القاعدة الشرعية في جميع الواجبات وأوامر الشرع أن الإنسان لا يكلف إلا بما يستطيعه ، وقد دل على ذلك قوله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286، وقوله عز وجل : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالاستطاعة والقدرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِن لَم تَستَطِع فَقَاعِدًا ، فَإِن لَم تَستَطِع فَعَلَى جَنبٍ ) – رواه البخاري -.
وقد اتفق المسلمون على أن المصلي إذا عجز عن بعض واجباتها – كالقيام أو القراءة أو الركوع أو السجود أو ستر العورة أو استقبال القبلة أو غير ذلك – سقط عنه ما عجز عنه ، وإنما يجب عليه ما إذا أراد فعله إرادة جازمة أمكنه فعله .
بل مما ينبغي أن يعرف ، أن الاستطاعة الشرعية المشروطة في الأمر والنهي لم يكتف الشارع فيها بمجرد المكنة ولو مع الضرر ، بل متى كان العبد قادرا على الفعل مع ضرر يلحقه جُعل كالعاجز في مواضع كثيرة من الشريعة ، كالتطهر بالماء ، والصيام في المرض ، والقيام في الصلاة ، وغير ذلك ، تحقيقا لقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ ) ولقوله تعالى : ( مَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ ) ولقوله تعالى : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِن حَرَجٍ ) ، وفى الصحيح عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّمَا بُعِثتُم مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبعَثُوا مُعَسِّرِينَ ) " انتهى باختصار.
" مجموع الفتاوى " (8/438-439) .
ومن صور التيسير بسبب المشقة الظاهرة جواز الصلاة على الراحلة – سواء كانت سيارة أم دابة – لمن لا يستطيع النزول عنها إلا بمشقة بالغة ، ويخاف أن لا يجد من يساعده إلى الركوب فيها مرة أخرى .
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله :
" من به أدنى علة وهو في طريق ، فخاف إن نزل عن المحمل للصلاة بقي في الطريق ، فإنه يجوز أن يصلي الفرائض على محمله ، وكذا المريض الراكب إذا لم يقدر على النزول ولا على من ينزله ، بخلاف ما لو قدر على مَن يُنزله " انتهى .
" البحر الرائق " (2/122) .
وقال الحطاب المالكي رحمه الله :
" صلاة الراكب باطلة ، إلا أن يكون الركوب لمرض" انتهى .
" مواهب الجليل " (1/514) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" العاجز عن النزول عنها – أي عن الدابة – كأن خشي منه مشقة لا تحتمل عادة , أو فوت الرفقة وإن لم يحصل له إلا مجرد الوحشة على ما اقتضاه إطلاقهم فيصلي عليها على حسب حاله ، قال القاضي : ولا إعادة عليه " انتهى .
" تحفة المحتاج " (1/493) .
وعلق صاحب الحاشية على " التحفة " بذكر أعذار أخرى تجيز صلاة الفريضة على الدابة ، فقال :
" أو احتاج في نزوله إذا ركب إلى مُعين وليس معه أجير لذلك ، ولم يتوسم من نحو صديق إعانته أو شق الركوب بالمعين مشقة لا تحتمل " انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" إن خاف المريض بنزوله عجزا عن ركوبه صلى عليها – أي على الدابة – دفعا للحرج والمشقة " انتهى باختصار .
" كشاف القناع " (1/502) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا علمنا أن هذا المريض لو نزل لم يستطع الركوب لأنه ليس عنده من يركبه ، وهذا قد يقع : فيصلي على الراحلة ؛ لأن هذا أعظم من التأذي بالمطر وأخطر " انتهى.
" الشرح الممتع " (4/347) .
والحاصل : أن المريض الذي يشق عليه النزول من سيارته – كالمقعد مثلا – يجوز له صلاة الفريضة في سيارته ، ولكن بشرط أن لا يمكنه النزول من السيارة ثم الركوب مرة أخرى إلا بمشقة شديدة لا يحتملها .
ويلزمه استقبال القبلة ، فإن لم يمكنه الاستقبال وهو في السيارة ، فإنه يوجه السيارة إلى جهة القبلة ، ثم يصلي حسب ما تيسر له .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android