متزوج منذ عشر سنين ، ولدي طفلان ، وأعيش مع زوجتي وأولادي في بيت منفصل بعيداً عن أبي وأمّي ، إننا نزورهما باستمرار ، ولكن زوجتي لم تستطع التأقلم معهما طوال هذه المدة…لقد طلبت مني أن آذن لها بعدم الذهاب معي إلى بيتهما ؛ لأنها – كما قالت – لا تريد أن تقابلهما مطلقاً.. وتقول إن زيارتهما واجب في حقي أنا ، أمّا هي فليست بحاجة إلى أن تراهما أو تزورهما.. فهل يجوز لي أن أسمح لها بعدم الذهاب لزيارتهما ورؤيتهما ؛ ولأكون منصفاً في حقها ، إنها تحثني على طاعتهما وعلى الاعتناء بهما وزيارتهما ، لكنها لا تريد أن تكون طرفاُ في هذه الزيارة ، ولا ترى أن هذا حق عليها ، لا من قريب ولا من بعيد..
سوف ينزعجان بالطبع ويشعران بالانقباض إذا لم تأت زوجتي معي عند زيارتهما.. ولكن ما العمل ، إن زوجتي ترى أنني إن لم آذن لها فقد أكون ظلمتها ، وأن الله سيسألني عن ذلك.. فهل هي محقة في ذلك ؟
أرجو منكم المساعدة ، فلقد سألت العديد من المواقع ولكن لم يجب عليّ أحد .
هل يجب على الزوجة أن تصل والدي زوجها ؟
السؤال: 154607
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ينبغي للزوجة أن تحسن إلى أهل زوجها ، فذلك من إحسانها إلى زوجها ، وإكرامها له ، وتتأكد زيارتها لهم إذا كان ذلك بطلب من الزوج ، مع عدم حصول ضرر على الزوجة .
قال النووي رحمه الله :
” يستحب استحبابا متأكدا : زيارة الصالحين ، والإخوان ، والجيران ، والأصدقاء ، والأقارب ، وإكرامهم ، وبرهم ، وصلتهم ، وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم ” انتهى.
” الأذكار ” (ص/268) .
ثانيا :
فإن لم تستجب الزوجة ، ولم تقم بزيارة أهل زوجها فلا يلحقها إثم قطيعة الرحم ؛ لأن أهل الزوج ليسوا من أقاربها – إن لم يكن بينها وبينهم نسب حقيقي – وصلة الرحم إنما تجب للأقارب فقط ، وليس لغيرهم من الأصهار والأصحاب .
قال النووي رحمه الله :
” قال القاضي عياض : اختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها ، فقيل : هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما .
فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام ولا أولاد الأخوال ، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه ، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال .
وقيل : هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث ، يستوي المحرم وغيره ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم أدناك أدناك ) .
هذا كلام القاضي ، وهذا القول الثاني هو الصواب ، ومما يدل عليه الحديث السابق في أهل مصر : ( فإن لهم ذمة ورحما )، وحديث : ( إن أبر البر أن يصل أهل ود أبيه ) مع أنه لا محرمية . والله أعلم ” انتهى.
” شرح النووي على مسلم ” (16/113) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
” المراد بالأرحام الذين يتأكد برهم وتحرم قطيعتهم جميع الأقارب من جهة الأب أو الأم وإن بعدوا ” انتهى .
” الفتاوى الفقهية الكبرى ” (4/245) .
وهو اختيار ابن عابدين من الحنفية (5/264) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
” نص أحمد أنه تجب صلة الرحم محرما كان أو لا ” انتهى.
” الآداب الشرعية ” (1/507) ، وانظر : ” الموسوعة الفقهية ” (3/83) .
فهذه أقوال أهل العلم في تعريف ” الرحم ” التي تجب صلتها ، وليس فيها أن ” الرحم ” تشمل أقارب الزوج بالنسبة للزوجة .
لذا فلا ينبغي للزوج أن يُلزم زوجته بزيارة أهله إن كانت لا ترغب بذلك ، أو كانت تتضرر بالجلوس معهم ، وليسع هو للإصلاح بينهما ، فلا يخبر أهله بحقيقة موقفها ، وله أن يكذب في ذلك ، ولينظر أسباب الخلاف والابتعاد بين الطرفين فيقرِّب البعيد ، ويردم الهوة بينهما ، والله يتولاه ويرعاه .
ويمكن .. تحصيلاً للمصلحة ، ودفعاً لمفسدة القطيعة والنزاع ، أن يتفق مع زوجه أن تزورهم على فترات متباعدة ، حتى لا يشعر أهله بأنها لا تحبهم ولا تريد مجالستهم .
ولمزيد من الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (75057) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة