سؤالي عن الاعتكاف ، حيث إن زوجي ينوي الاعتكاف طوال شهر رمضان ، ونحن بحاجته إذ إنه متزوج من ثلاث نساء إحداهن بالشهر التاسع من الحمل وليست من نفس المنطقة التي يعيش فيها ، ولديه عدة أطفال ، ولا نريده أن يذهب من أول الشهر .
فهل يحق له الذهاب بدون رضانا مع حاجتنا إلى وجوده معنا ؟ .
أجيبوني جزاكم الله خيراً .
متزوج من ثلاث نساء وأهله يحتاجون وجوده بينهم وهو ينوي اعتكاف رمضان كاملاً !
السؤال: 155577
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاعتكاف عبادة عظيمة ينقطع فيها العبد عن مشاغل الدنيا ليراجع نفسه ، ويعبد ربه ، وما كان لا يستطيع فعله قبل ذلك فإنه يتفرغ له الآن ، وما كان مقصِّراً فيه قبل ذلك فإن له وقته الذي يستحقه ، ولا خلاف بين العلماء أنه سنَّة ، وقد نقل الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” ( 4 / 272 ) عن الإمام أحمد قوله ” لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون ” .
ولكن هذه العبادة لا يجوز أن يكون معها تقصير في واجب شرعي ، كالقيام على الأهل ، وكتمريض زوجة ، أو رعاية والد أو والدة ، إذا كان ذلك متعين على العبد ولا يقوم مقامه أحد ، وإذا كان يمكن أن يقوم على والديه بعض أشقائه وشقيقاته فإنه لا يقوم على تربية أولاده غيره ، ولا يقوم على العناية بزوجاته سواه .
ومن هنا : فإنه بحسب ما ذُكر في السؤال فإننا لا نرى جواز اعتكاف الزوج شهراً كاملاً بل ولا أقل من شهر ؛ لوقوعه في التفريط بسبب ذلك بواجبات شرعية أوجبها ربه تعالى عليه .
ونرى أنه يمكن أن يجمع بين الأمرين فيقوم على العناية بأهل بيته ويرمن لهم طلباتهم ، ثم يعتكف أياماً يسيرة ، ثم يرجع للبيت ليقوم بما أوجبه الله عليه ، ثم يرجع ليعتكف من جديد ، وهكذا لا يقع في مخالفة شرعية ولا يتوجه له اللوم من أحد .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – رحمه الله – :
ما أكثر الاعتكاف وما أقله ؟ .
فأجاب :
لا حد لأكثره ، إلا أنه يكره إطالته إذا حصل إضاعة العبد لأهله وانشغاله عنهم ، فقد ورد في الحديث ( كفى بالمرء إثما أن يضيِّع من يعول ) فمن أطاله كثيراً : فإنه يلزم منه ترك طلب المعاش ، وتكليف غيره بالإنفاق عليه ، وحصول المشقة بإحضار طعامه وشرابه إليه في المسجد ونحو ذلك من الأغراض .
رسالة ” حوار في الاعتكاف ” السؤال رقم ( 2 ) .
وسئل – رحمه الله – :
إذا أراد الاعتكاف ولكنه هو ولي بيته ولا يوجد غيره : فأيهما أفضل : ولايته على أهل بيته أم الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ؟ .
فأجاب :
نختار قيامه بواجب أهله وقضاء حوائجهم وإقامته معهم كمحرم ومؤنس يحميهم ويحفظ عليهم منزلهم وأنفسهم أو يكتسب لهم ما يقوتهم ؛ فإن باعتكافه وتركهم بلا ولي يتعرضون للصوص والمفسدين ، أو تتعطل حوائجهم ، أو يتكلفون في إحضار أغراضهم من الأسواق ، أو يكلِّفون غيرَهم بشراء ما هم بحاجته وفي ذلك منَّة عليهم قد لا يتحملونها ، وقد روى مسلم عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ) فيدخل فيه : عدم الإنفاق عليهم ، وإهمالهم بلا كسب مع القدرة ، فإن وجد من يتولى حوائجهم من أقاربه ويحفظهم ويحفظ لهم ما يتطلبونه : جاز الاعتكاف ، بل هو مستحب ؛ لعدم ما يشغله عنه .
رسالة ” حوار في الاعتكاف ” السؤال رقم ( 11 ) .
ويمكن الاطلاع عليها كاملة هنا :
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=3&book=10&toc=328
وقد سبق التنبيه على خطأ ما يفعله من ينشغل عن أهله والقيام بشئونهم بحجة الانشغال بالدعوة أو التعليم ، وأن ذلك ليس بعذرٍ لهم في تفريطهم بما أوجب عليهم , ولتنظر في ذلك أجوبة الأسئلة : (3043 ) و (6913 ) و (23481 ) و (110591 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة