تنزيل
0 / 0

أخذت من حماتها ذهبا بغير علمها وتظن أنه من حقها

السؤال: 157977

أخذتُ من حماتي دون علمها مصاغا ذهبيا لها في لحظة إيمان أنه حق لي ولأولادي ، لأنها كانت تفرض على زوجي راتبا لها على الرغم أن لها راتبا تقاعديا من عمي المتوفى ، ولها أملاك من والديها المتوفيين ، وعندها مصاغ ذهبي ، أخذته في أيام ضيق ودَين مرت بزوجي وبأولادي ، وهي لا همَّ لها سوى جمع راتبه في البنك ، وتلبية طلبات بناتها المتزوجات على حسابي أنا وأطفالي ، وتصرف ما تأخذ منا على نفسها من باب أنه ابنها ويجب أن يعطيها ، حتى لو كان من فم أطفاله ، والله شهيد على ما أقول ، واضطر زوجي للسفر ، وكان لا بد لي من السفر معه لأني لا أملك أحدا يدير شؤوني وأطفالي ، ولم نكن نملك مال السفر ، فتملكني الغضب عليها ، والشعور بالظلم لي ولأطفالي ، فأخذت منها العقد ، وبعته وصرفته على أولادي ، وساعدت به زوجي ، كنت أضع في جيبه النقود دون أن يعرف ، ومضى على هذا الحال خمس سنوات .
وباتت الشكوك تراودني : هل ما قمت به حق لي ولأولادي وظلمها وأخذها مالنا دون أن تكون محتاجة ، ولها أولاد قديرون أكثر منا بكثير .
هل كان يجب أن أتركها لله فهو المنتقم الجبار .
وإذا أردت أن أرد لها ما أخذت ولا أملك المال ، ولا عمل لي ، وراتب زوجي لا يكاد يلبي حاجاتنا ويسد ديوننا ، كيف لي أن أرد لها ما أخذت ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا ينبغي للمسلم أن يضيع أجر إحسانه ، كما لا ينبغي له أن يكون عونا للشيطان على
نفسه ، فيستبدل السيئات بالحسنات ، ويقلب الحق الذي له حقا عليه .
وهكذا نرى كثيرا من الناس ، يقدمون الإحسان للآخرين ، ثم إذا ما رأوا إن إحسانهم لم
يكن في محله تصرفوا بما يحرمهم أجورهم ، ويعود عليهم بالإثم والعدوان .
لقد أحسن زوجك – أختنا السائلة – بمراعاة والدته ، وإكرامها بالهبات المالية ،
والإنفاق الشهري ، إذ لا شك أن طاعة الوالدة في منحها النفقة – ولو كانت زائدة عن
الحاجة – هو من الصدقة التي يتقبلها الله بيده ، ثم يضاعفها أضعافا كثيرة .
صحيح أنه لا يجب على الابن أن ينفق على والدته إذا كانت مكفية بدخل مالي أو أملاك
تكفيها حاجتها وتسد كفايتها .
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله :
” لا تجب النفقة لمالك كفايته – ولو زمِنًا أو صغيرا أو مجنونا – لاستغنائه عنها “.
انتهى من
” مغني المحتاج ” (5/185) . وينظر : ” الموسوعة الفقهية ” (5/255)

ومع ذلك نقول : إن الولد إذا دفع لوالدته – التي تملك
كفايتها – مالا فهو متبرع به ، يناله الأجر والثواب بسببه ، ولا يعد طلب الوالدة
المال ولا إلحاحها به أو تهديدها بمقاطعة ابنها أو دعائها عليه – لا يعد شيء من ذلك
إكراها ملجئا ، فإن من حق الولد أن يتجاوز جميع هذه التهديدات من الوالدة ولا
يمنحها شيئا من ماله إذا كانت مكتفية بما تملك ، أما إذا دفع إليها شيئا من ماله
فقد تبرع به ، وسقط حقه فيه .
فليس من حقك – أختنا السائلة – أخذ أي مبلغ أو ذهب أو شيء من أملاك والدة زوجك ،
وكل ما أخذتِهِ فهو اعتداء محرم على حقوق الآخرين ، مهما كانت ظروفكم المالية ،
ومهما كانت حاجتك إلى ما أخذتِه ، والله عز وجل يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيء فَلْيَتَحَلَّلْهُ
مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ
لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ
لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) رواه البخاري
(2449)
فالواجب عليك التوبة النصوح مما فعلت ، والندم الصادق على ما بدر منك ، وطلب العفو
والمغفرة من الله سبحانه وتعالى ، والله يقبل التوبة من عباده ، لكن بشرط إرجاع
الحقوق إلى أصحابها ، ورد المظالم إليهم ، فلا تتأخري في إعادة قيمة المصاغ الذهبي
بسعرها يوم أدائك لها.
ثم اعلمي أن هذا المال متعلق بذمتك أنت ، وليس بذمة أحد غيرك ، ولا يلزم زوجك أن
يتحمله عنك ، كما لا يحاسب عليه يوم القيامة ، بل أنت المسؤولة عنه في الدنيا
والآخرة .
فإن عجزت عن أداء قيمة الذهب دفعة واحدة ، فبإمكانك أن ترديه على دفعات ، بشرط أن
يبلغ المجموع قيمة الذهب الذي أخذتِه . ولا يشترط أن تعلميها بشيء مما حدث أصلا ،
بل متى قدرت على رد المال ، فرديه سرا إليها ، بأي طريقة ممكنة لك ، كما أخذتيه سرا
، ولم ينتبه إليك.
أو تستحلي صاحبة المال عن مالها ، ولو عن طريق زوجك ، إذا كان ذلك ممكنا لك ، وعلمت
أنه لا يترتب عليه مفاسد أخرى ، أو إساءة إليك .

وأخيرا نقول لك : نحن نقدر الظرف النفسي الذي دفعك إلى
هذا العمل ، ولا نشك أن الحاجة ، والتأويلات الخاطئة ، ربما تدفع إلى ارتكاب مثل
ذلك ؛ الخطأ ، لكن إذا علمت خطأك في الماضي ، وتبت منه ، فأصلحي ما هو آت بالتوبة
النصوح ، وأداء الحقوق إلى أهلها .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android