تنزيل
0 / 0

حكاية باطلة عن أبي حنيفة رحمه الله في رؤية الله تعالى في المنام

السؤال: 158606

ذكر العلامة نجم الغيطي أن الأمام أبا حنيفة (رضى الله عنه) قال : رأيت الله فى منامى تسعة وتسعون مرة . وبعدها قلت لنفسى ، لو رأيت الله فى المرة المائه ، سأسأل الله كيف تكون النجاة والخلاص للخلق يوم القيامة ؟ وبعدها رأيت الله فى المرة المائة ، وهكذا سألته ؟ أى ربى تعالى جدك و تقدست أسماؤك : كيف يكون للخلق النجاة والخلاص يوم القيامة ؟ فقال الله تعالى من قرأ فى الصباح والمساء “سبحان أبدى الأبد ،سبحان الواحد الأحد ، سبحان الفرد الصمد ، سبحان رافع السماء بغير عمد ، سبحان من سوى الأرض على ماء جمد ، سبحان من قسم الرزق ولم ينسى أحد ، سبحان الذى لم يتخذ صاحبة ولا ولد ، سبحان الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ” سينجو من عذابى . (مقدمة نور الٌإيضاح ، صفحة اربعة ، )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إن ذِكْرا يكون للخلق به الخلاص والنجاة يوم القيامة ، لحري به أن تحفظه الصدور ،
ويروى في المصنفات ، وتتناقله الثقات ، وتتوارثه الأجيال ، وحيث لم يُعلم عن هذا
الذكر شيء من هذا المقام والفضل ، عُلم أنه منحول مدخول ، لا أصل له ولا تعويل عليه
.
وقد قال الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بقي شيء يقرب
من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) . رواه الطبراني في الكبير (1647)
وصححه الألباني في الصحيحة (1803)
فلو كان لهذا الذكر هذا الفضل لكان مما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه
، ولكان مما رواه أهل العلم الثقات في مصنفاتهم ، وخاصة أنه – حسب الرواية – من
أذكار الصباح والمساء .
ثانيا :
لا تصح نسبة هذه الحكاية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، وإنما ذكرها عنه نجم
الدين الغيطي بلا إسناد ، راجع “رد المحتار” (1/51) ، وبين أبي حنيفة والغيطي مئات
السنين .
توفي أبو حنيفة رحمه الله سنة 150 ، وتوفي الغيطي سنة 981 .
ثم إن الغيطي كان صوفيا مولعا بأمثال تلك الغرائب والحكايات ، فلا يحتج بما يذكره .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” وأما حديث : “من قال : لا إله إلا الله سبعين ألفا ؛ فقد اشترى نفسه من الله
تعالى” !
فقد قال الحافظ ابن حجر – وقد سئل عنه – :
“ليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف ، بل هو باطل موضوع ، لا تحل روايته إلا مقرونا ببيان
حاله” .
نقله الشيخ محمد بن أحمد نجم الدين الغيطي في “الابتهاج في الكلام على الإسراء
والمعراج” (5/ 1) ، ثم علق عليه بقوله :
” لكن ينبغي للشخص أن يفعلها اقتداء بالسلف (!) ، وامتثالا لقول من أوصى بها ،
وتبركا بأفعالهم” (!)
كذا قال ! ويعني بـ (السلف) هنا : مشايخ الصوفية ، وبـ (من أوصى بها) : ابن عربي –
النكرة – ، كما ذكر هو نفسه قبيل الحديث .
فانظر أيها المسلم ! كيف جعل كلام هؤلاء وفعلهم بمنزلة كلام الله تعالى ، وكلام
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفعله ؟! والله عز وجل يقول : ( أم لهم شركاء
شرعوا لهم من الدينا ما لم يأذن به الله ) ” انتهى .
“سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة” (11 /467)
ثالثا :
على افتراض أن القصة صحيحة ؛ فمن المقرر أنه لا تثبت الأحكام الشرعية ، والتي منها
فضائل الأعمال ، بالرؤى والمنامات .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
” لَا رَيْبَ أَنَّ الْأَذْكَارَ وَالدَّعَوَاتِ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ ،
وَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوْقِيفِ وَالِاتِّبَاعِ لَا عَلَى الْهَوَى
وَالِابْتِدَاعِ ، فَالْأَدْعِيَةُ وَالْأَذْكَارُ النَّبَوِيَّةُ هِيَ أَفْضَلُ
مَا يَتَحَرَّاهُ الْمُتَحَرِّي مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَسَالِكُهَا عَلَى
سَبِيلِ أَمَانٍ وَسَلَامَةٍ ، وَالْفَوَائِدُ وَالنَّتَائِجُ الَّتِي تَحْصُلُ لَا
يُعَبِّرُ عَنْهُ لِسَانٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ إنْسَانٌ ، وَمَا سِوَاهَا مِنْ
الْأَذْكَارِ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ يَكُونُ
فِيهِ شِرْكٌ مِمَّا لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ ، وَهِيَ جُمْلَةٌ
يَطُولُ تَفْصِيلُهَا .
وفِي الْأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ غَايَةُ
الْمَطَالِبِ الصَّحِيحَةِ وَنِهَايَةُ الْمَقَاصِدِ الْعَلِيَّةِ وَلَا يَعْدِلُ
عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْأَذْكَارِ الْمُحْدَثَةِ الْمُبْتَدَعَةِ إلَّا
جَاهِلٌ أَوْ مُفَرِّطٌ أَوْ مُتَعَدٍّ ” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (22 /510-511)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” المرائي التي ترى في المنام إن لم يشهد لها الشرع بالصحة : فإنها رؤيا باطلة لا
عمل عليها ؛ فإن شهد لها الشرع بالصحة : فالعمل على ما اقتضاه الشرع ، لا على هذه
الرؤيا ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” – لابن عثيمين (13/204) .

رابعا : وصفه الربَّ تعالى بأنه أبدي الأبد وصف لم يرد
في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نعرف عن أحد من أهل
العلم من أهل السنة أنه وصف الله به . وأسماء الله وصفاته توقيفية ، قال الإمام
أحمد رحمه الله : ” لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، لا يتجاوز
القرآن والحديث ” .
“مجموع الفتاوى” (5/26)
وعليه : فلا يجوز وصف الله تعالى به .
راجع لرؤية الله تعالى في المنام جواب السؤال رقم : (14096)
، (43176)

والله تعالى أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android