تنزيل
0 / 0

يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره

السؤال: 158714

أخوتي في الإسلام لقد قمت بزيارة موقع علي الإنترنت حيث وجدت ما أراه بدعة ، ولكن الله أعلم ، أرجو أن تخبروني عن صحة هذا الحديث لأنني أشك فيه. الحديث في صحيح مسلم، كتاب 024 رقم 5149، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ قَالَ : أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ : بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ (جزء من حرير في الثوب) وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ (غشاء للسرج من حرير أحمر) وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ . فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ : أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ ؟ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ ) فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ . وَأَمَّا مِيثَرَةُ الْأُرْجُوَانِ فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَإِذَا هِيَ أُرْجُوَانٌ ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ فَخَبَّرْتُهَا فَقَالَتْ : هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الجبة رداء يلبس فوق الثياب) ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ (الديباج نوع من الحرير الطبيعي) فَقَالَتْ : هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا ، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا . ما مدى صحة هذا الحديث؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الحديث رواه مسلم في "صحيحه" (2069) ، كما ذكر السائل ، باللفظ المذكور أعلاه ،
ورواه الإمام أحمد في "مسنده" (182) – مختصرا – والبيهقي في "سننه" (4381) من طريق عبد الملك – وهو ابن أبي سليمان – به .
وهذا إسناد صحيح متصل ، رجاله ثقات ، يكفي في إثبات صحته إخراج مسلم إياه في صحيحه ، ولا نعلم أحدا تكلم فيه بشيء ، وما كان بهذه المثابة لم يجز غمزه أو التوقف عن تصحيحه .

وأما عن شرح الحديث يقول النووي رحمه الله :
" أمّا جَوَاب اِبْن عُمَر فِي صَوْم رَجَب فَإِنْكَارٌ مِنْهُ لِمَا بَلَغَهُ عَنْهُ مِنْ تَحْرِيمه , وَإِخْبَار بِأَنَّهُ يَصُوم رَجَبًا كُلّه , وَأَنَّهُ يَصُوم الْأَبَد . وَالْمُرَاد بِالْأَبَدِ مَا سِوَى أَيَّام الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيق , وَهَذَا مَذْهَبه وَمَذْهَب أَبِيهِ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَائِشَة وَأَبِي طَلْحَة وَغَيْرهمْ مِنْ سَلَف الْأُمَّة ، وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّهُ لَا يُكْرَه صَوْم الدَّهْر .
وَأَمَّا مَا ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ كَرَاهَة الْعَلم فَلَمْ يَعْتَرِف بِأَنَّهُ كَانَ يُحَرِّمهُ , بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ تَوَرَّعَ عَنْهُ خَوْفًا مِنْ دُخُوله فِي عُمُوم النَّهْي عَنْ الْحَرِير .
وَأَمَّا الْمِيثَرَة فَأَنْكَرَ مَا بَلَغَهَا عَنْهُ فِيهَا , وَقَالَ : هَذِهِ مِئْثَرَتِي , وَهِيَ أُرْجُوَان , وَالْمُرَاد أَنَّهَا حَمْرَاء , وَلَيْسَتْ مِنْ حَرِير , بَلْ مِنْ صُوف أَوْ غَيْره , وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا قَدْ تَكُون مِنْ حَرِير , وَقَدْ تَكُون مِنْ صُوف , وَأَنَّ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَنْهَا مَخْصُوصَة بِاَلَّتِي هِيَ مِنْ الْحَرِير .
وَأَمَّا إِخْرَاج أَسْمَاء جُبَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَكْفُوفَة بِالْحَرِيرِ , فَقَصَدْت بِهَا بَيَان أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُحَرَّمًا , وَهَكَذَا الْحُكْم عِنْد الشَّافِعِيّ وَغَيْره أَنَّ الثَّوْب وَالْجُبَّة وَالْعِمَامَة وَنَحْوهَا إِذَا كَانَ مَكْفُوف الطَّرَف بِالْحَرِيرِ جَازَ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَع أَصَابِع , فَإِنْ زَادَ فَهُوَ حَرَام .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّهْي عَنْ الْحَرِير الْمُرَاد بِهِ الثَّوْب الْمُتَمَحِّضُ مِنْ الْحَرِير , أَوْ مَا أَكْثَره حَرِير , وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد تَحْرِيم كُلّ جُزْء مِنْهُ بِخِلَافِ الْخَمْر وَالذَّهَب , فَإِنَّهُ يَحْرُم كُلّ جُزْء مِنْهُمَا " انتهى مختصرا .

وأما قول أسماء رضي الله عنها في آخر الحديث :
" وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا ، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا " ، فهذا النوع من التبرك هو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يفعله السلف الصالح بأثر سوى أثر النبي صلى الله عليه وسلم .
وينظر جواب السؤال رقم (100105) .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android