تنزيل
0 / 0

حكم إبقاء العضو المريض بحجة عدم التشويه ولو أدى إبقاؤه للموت

السؤال: 159052

قرأت إجابتكم المتعلقة بالأدوية الطبية والتي قد تؤدي الى الوفاة ، لكن سؤالي مختلف بعض الشيء ، فهناك بعض الناس هنا في الولايات المتحدة – وهم كثر – يصابون بأمراض خبيثة – والعياذ بالله – ولا طريقة لعلاجهم إلا باستئصال أو بتر عضو من أعضائهم ، وما لم يفعل ذلك فإن الموت هو النتيجة الحتمية ، فبعض هؤلاء المرضى يرفض الخضوع لعملية الاستئصال أو البتر ويفضل الموت ؛ لأنه يرى أن الموت أفضل من العيش مشوَّهاً مقعداً ، فهل يُعتبر هذا انتحاراً ؟ وما حكم هؤلاء الأشخاص ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
اختلف العلماء في حكم التداوي ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (2148) أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص .
ثانياً :
إذا أصيب الإنسان بمرض يؤدي إلى الموت ، ولا سبيل إلى إنقاذه منه إلا بقطع العضو المريض من جسمه ، فقطعه واجب ، فإذا لم يفعل ومات بسبب ذلك فهو نوع من الانتحار .
وقد نص العلماء رحمهم الله على بعض الصور القريبة مما جاء في السؤال .
قال ابن هبيرة – رحمه الله – :
"لو ترك تاركٌ جرحَه يسيل دمه فلم يعصبه حتى سال منه الدم فمات : كان عاصياً لله تعالى قاتلاً لنفسه" .انتهى
انظر " الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلي ( 2 / 349 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 34 / 53 ) :
"للحر البالغ العاقل قطع سِلْعة – أي : ورم ونحوه – من جسده لا خطر في قطعها ، ولا في تركها ؛ لأن له غرضا في إزالة الشيْن ، فإن كان في قطعها خطر على نفسه بقول طبيبين أو طبيب ثقة ولا خطر في تركها ، أو زاد خطر القطع : فلا يجوز له قطعها ؛ لأن ذلك يؤدي إلى هلاك نفسه ، والله يقول ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195 .
وإن قال الأطباء : إن لم يقطع حصل أمر يفضي إلى الهلاك : وجب القطع ، كما يجب دفع المهلكات ، ومثل السلعة العضو المتآكل في الأحكام" انتهى .
وفي ( 6 / 283 ، 284 ) قالوا :
"الامتناع من التداوي في حالة المرض لا يعتبر انتحاراً عند عامة الفقهاء ، فمن كان مريضاً وامتنع من العلاج حتى مات : لا يعتبر عاصيا ، إذ لا يتحقق بأنه يشفيه .
كذلك لو ترك المجروح علاج جرح مهلك فمات : لا يعتبر منتحراً ، بحيث يجب القصاص على جارحه ، إذ البرء غير موثوق به وإن عالج .
أما إذا كان الجرح بسيطا والعلاج موثوقا به ، كما لو ترك المجني عليه عصب العِرق : فإنه يُعتبر قد قتل نفسه ، حتى لا يسأل جارحه عن القتل عند الشافعية … .
فيفهم منه : أن ترك الجرح اليسير لنزف الدم حتى الموت يشبه الانتحار" انتهى مختصراً .
والبقاء مشوَّهاً بعد قطع العضو المتآكل أو العضو المريض : ليس عذراً يبيح للمريض إبقاءه ، كما أنه يحرم قطع الورم إن كان قطعه يؤدي إلى الوفاة ، ولو قصد بقطعه إزالة العيب والتشوه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 19 / 207 ، 208 ) :
"يحرم على الشخص قطع غدة أو عضو متآكل إذا كان في القطع خطر على النفس ، وليس في بقائهما خطر أو زاد خطر القطع ، وإن كانت تشينه ؛ لأنه قد يؤدي إلى هلاك نفسه .
أما إذا لم يكن في إزالتها خطر : فله إزالتها ، لإزالة الشين .
وإن تساوى الخطران أو زاد خطر الترك : فله قطعها" انتهى .
والخلاصة :
أنه إذا كان المرض الذي أصاب العضو يسري في بدنه ويكون مسببا للوفاة ، وليس هناك طريقة لعلاجه إلا بقطع العضو : فإنه يجب قطع العضو المريض .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
"فإن الناس قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب ؟ .
والتحقيق : أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما هو مباح ، ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب وهو : ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ، وقد قال مسروق : "من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار" ، فقد يحصل أحيانا للإنسان إذا استحرَّ المرض ما إن لم يتعالج معه مات ، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف وكاستخراج الدم أحياناً". انتهى من مجموع الفتاوى (18 / 12) .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (2148) ، (81973) .
والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android