تنزيل
0 / 0

المبالغة في تجميل الصوت عند إمامة الناس ، هل تدخل في الرياء؟

السؤال: 159897

في بعض الأحيان عندما أؤمّ الناس في الصلاة أحاول أن أجمل صوتي قدر الإمكان، ثم بعد الصلاة أشعر وكأنني بالغت بعض الشيء، ثم أعود فأقول: لا بأس بذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على تجميل الصوت.. فما رأيكم؟ وهل في كل ما سبق نوع من أنواع الرياء أو ما يفسد العمل؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : تحسين الصوت بقراءة القرآن من الأمور المستحبة التي ندبت إليها الشريعة في نصوص كثيرة ، ومنها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) رواه النسائي (1015)، وأبو داود (1468) ، وصححه الألباني .
قال السندي :
” أَيْ بِتَحْسِينِ أَصْوَاتكُمْ عِنْد الْقِرَاءَة ، فَإِنَّ الْكَلَام الْحَسَن يَزِيد حُسْنًا وَزِينَةً بِالصَّوْتِ الْحَسَن ، وَهَذَا مُشَاهَد “. انتهى من ” حاشية سنن النسائي ” (2/179) ..
وقال المُناوي :
” وفي أدائه بحسن الصوت وجودة الأداء بَعْثٌ للقلوب على استماعه وتدبره والإصغاء إليه “. انتهى من ” فيض القدير ” [4 /90]
وحرص الإنسان على تجميل صوته في قراءة القرآن من الأمور المشروعة ، وليس من التكلف المذموم ، ولا من الرياء .
ويدل على ذلك ما جاء عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : اسْتَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَتِي مِنَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ، قَالَ : يَا أَبَا مُوسَى ، اسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَكَ اللَّيْلَة، َ لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ.
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ عَلِمْتُ مَكَانَكَ ، لَحَبَّرْتُه لَكَ تَحْبِيرًا.
رواه النسائي في السنن الكبرى (7/273) ، وابن حبان في صحيحه (16/169)، والبيهقي في سننه (3/12) ، وصححه الألباني (3532)
والتحبير: ” تحسين الصوت وتحزينه “. انتهى من ” النهاية في غريب الحديث” (1/327).
قال الحافظ ابن كثير : ” دل هذا على جواز تعاطي ذلك وتكلُّفه ، وقد كان أبو موسى قد أُعطي صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ، ورقة أهل اليمن ؛ فدل على أن هذا من الأمور الشرعية ” .انتهى “تفسير ابن كثير” [1 /63]
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – :
” وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يُسر الناس به” انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” ( 4 / 662 ) .
قال الحافظ في الفتح (9/ 63) :
” وَلَا شَكّ أَنَّ النُّفُوس تَمِيل إِلَى سَمَاع الْقِرَاءَة بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَر مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّم ، لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّة الْقَلْب وَإِجْرَاء الدَّمْع …
وَالَّذِي يَتَحَصَّل مِنْ الْأَدِلَّة أَنَّ حُسْنَ الصَّوْت بِالْقُرْآنِ مَطْلُوب ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا فَلْيُحَسِّنْهُ مَا اِسْتَطَاعَ كما قال ابن أبي مُلَيكة “. انتهى .
وقال: ” وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي مُسْجِعَة قَالَ: كَانَ عُمَر يُقَدِّم الشَّابّ الْحَسَن الصَّوْت لِحُسْنِ صَوْته بَيْن يَدَيْ الْقَوْم ” . انتهى من فتح الباري (9/80) .

ثانياً : إن كنت تقصد بتحسين الصوت تحقيق المقاصد الشرعية المرجوة من ذلك كحصول الخشوع للقلب وبكاء العين ، أو تأثر الناس بسماع القرآن ، فهو عمل مشروع ومرغَّب فيه ، وليس من الرياء في شيء.
وأما إن قصدت بذلك إظهار جمال صوتك ، وحسن قراءتك ، ليمدحك الناس بذلك ويثنوا عليك به ، فهذا نوع من الرياء ، وعليك مجاهدة نفسك ليكون عملك خالصاً لله .
وينظر جواب السؤال (9359) ، (156796) .
والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android