أنا طالب في كلية الطب ، وأستخدم ” الويكيبديا ” استخداماً شبه يومي ، ولا يوجد لها بديل في مثل جودتها ، وهي للعلم مؤسسة غير ربحية تعتمد في قيامها على التبرع غير المشروط من المنتفعين بها ، ولو زرتها الآن ستجد أنها ترجو من المنتفعين بها التبرع ، ونظراً لانتفاعي الشديد بها ففكرت في التبرع لها ، ولكن المشكلة في الآتي :
1. أن ” الويكيبديا ” مصدر معلومات يعتمد على ما يكتبه الناس ، يعني : كما يوجد بها معلومات عن الإسلام يكتبها مسلمون يوجد معلومات عن كل الأديان الأخرى ، وكما فيها المعلومات القيمة جدّاً فيها معلومات في كل شيء ، قبيحاً كان أو جيداً ، عالماً أو عاهرة ، حسب اجتهاد الكاتبين من المناصرين لها .
هل يمكن تشبيهها بالشراء من “سوبر ماركت ” يعرض لحوم الخنزير واللحم الحلال – مثلاً – والمشتري هو الذي يختار ، وعندما يدفع فهو يدفع مقابل الخدمة التي أديت له .
2. أظن أنها كبقية المؤسسات الإعلامية العالمية ذات توجه يهودي أو تملك يهودي – لست متأكداً – ولكن مثلا في معلوماتهم عن ” القدس ” يكتبون عنها أنها عاصمة إسرائيل في صفحة غير قابلة للتحرير أو التغيير على عكس أغلب الصفحات مما يدل على وجود بعض التوجيه في هذه المؤسسة .
فما الحكم ؟ فأنا أجد في نفسي ما يدفعني للتبرع لها كأي أحدٍ يقدم لك خدمات علمية كثيرة بدون مقابل ، وأحببت أن تشكره بشيء رمزي لا يكافئ الخدمات التي يقدمها مطلقا كدافع إنساني بحت .
ومساعدة لها في أن تظل مصدر معلومات طبية جيد على الأقل بالنسبة لي ، وفي نفس الوقت أتراجع للأسباب الماضية ، فهل يجوز التبرع أم لا ولو بشيء رمزي ؟ وإن كان لا فكيف يرد المرء على شعوره بالسلبية في رد الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسة ؟ .
هل يجوز التبرع لصالح موقع ” الويكيبيديا ” ؟
السؤال: 160771
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
” الويكيبيديا ” كلمة مركبة تأتي من الكلمتين ” ويكي ويكي (wikiwiki) ” و ” انسايكلوبيديا (encyclopedia) ” ، الكلمة الأولى تأتي من لغة هاواي وتعني ” سريع ” والكلمة الثانية تأتي من اللغة الإنجليزية وتعني ” موسوعة ” – كما جاء في موقع الموسوعة نفسها – .
وهو موقع غير ربحي يقوم على تقديم معلومات عامة في التاريخ والجغرافيا والفلسفة والرياضيات والأديان والتراجم والأعلام وغير ذلك ، ويسعى القائمون عليه ليكون أكبر وأضخم موسوعة حرة يمكن الاعتماد عليها ، ويقوم صاحب الموقع في كل عام بطلب التبرع لموقعه ؛ ليتم الصرف على تشغيله وتطويره ، وقد احتل الموقع مرتبة متقدمة في المواقع الأكثر دخولاً عليها من الناس ، ويرفض صاحبه الاستفادة من الشركات التجارية بالإعلان في موقعه ، ويزعم أنه يقدِّم للناس معلومات ليس وراءها أهداف سوى العلم المجرد ، وفي الموقع ميزة لا توجد في غيره وهي أنه يمكن لأي شخص أن يغيِّر في محتوى المعلومات في الموقع من خلال تحرير النص ! ومن هنا فإن كثيراً من المؤسسات العلمية والجامعات العالمية لا يعدُّون الموقع مكاناً للمعلومة الموثقة المحققة المدققة ، وبحسب كلام الأخ السائل فإن تحرير النصوص لا يطال ما يحرفه اليهود في التاريخ ! .
ثانياً:
الذي نراه أن لا يتبرع المسلمٌ بأي مبلغ مالي – ولو قلَّ – دعماً لذلك الموقع ؛ لما فيه من نصوص كفرية وإلحادية وسب لله تعالى ، وبالنظر فيما هو مكتوب فيها في قسم ” الأديان ” ترى العجب العجاب من التسويق والدعاية للديانات الوثنية ، والإلحادية ، كالهندوسية والبوذية والسيخية والشيوعية ، وتجد في تعريف النصرانية التصريح القبيح في تعريف عيسى عليه السلام بأنه ابن الله ! فكيف يجوز للمسلم أن يساهم بدعم هذا الموقع وتطويره وتقويته ؟! .
واعلم أن هذا الموقع السيء قد تلقى أكثر من 180 ألف – وهذا العدد تضاعف كثيراً لأنه كان قبل ثلاث سنوات تقريباً – طلب لإزالة بعض الصور المرسومة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم موجودة على الموقع وقد رفض رفضاً قاطعاً ! فهل مثل المواقع التي يديرها طائفة من الكفرة والملحدين يجوز أن يكون لنا فيها سهم نشاركهم بسببه فيما يكسبونه من آثام وذنوب ؟!.
ولو شئنا تتبع ما في الموقع من مخالفات لطال بنا الأمر – كتتبع ما يُكتب في السياحة والموسيقى والأفلام – وما ذكرناه كافٍ للقول بتحريم دفع أي مبلغ لهذا الموقع ، وليعلم المسلم أنه لن تزول قدمه يوم القيامة حتى يسأله ربه تعالى عن ماله فيم أنفقه ، فلا ينبغي أن يكون شكر الله تعالى على ما أنعم على المسلم من مال أن يجعله في نشر الكفر والإلحاد وسب الله تعالى وإيذائه .
وإننا إذ نثني عليك خيراً لشعورك الطيب في رد الجميل لأهله ، إلا أننا نريد منك أن تضع نصب عينيك واقع ما تريد دعمه والتبرع لصالحه ، وليكن هذا الدعم منك للمواقع الإسلامية التي يقوم عليها أهل السنَّة ، والتي تنشر الخير وتعلِّم الناس وتدعوهم إلى التوحيد ، وليكن هذا الدعم للقنوات الإسلامية الصافية من الشوائب ، وليكن هذا للدعاة من أهل السنَّة ، وغير ذلك من مشاريع تفيد المسلمين في دينهم وتساهم في إخراج الكفار من الظلمات إلى النور .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب