0 / 0

حكم الصلاة في مكان فيه صور

السؤال: 161222

ما الحكمة في أنه لا يجوز للمسلم الصلاة في غرفة فيها تماثيل وصور على الجدران ، مثل صور أكاليل عيد الميلاد وما شابه ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
اتفق أهل العلم على المنع من الصلاة في المكان الذي يشتمل على صور ذوات الأرواح ، بل ذهب بعضهم إلى تحريم ذلك ، وقال الأكثرون بالكراهة .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" أما الثوب الذي فيه صور أو صليب أو ما يلهي فتكره الصلاة فيه ، وإليه ، وعليه " انتهى من " المجموع " (3/185)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره ، وهو منصوص عن أحمد وغيره : أنه إن كان فيها – يعني الكنيسة – صور لم يصل فيها ؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى مُحي ما فيها من الصور ، وكذلك قال عمر : إنّا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها " انتهى من " مجموع الفتاوى " (22/162)
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" يكره صلاته إلى صورة منصوبة ، نص عليه ؛…لأنه يشبه سجود الكفار لها…وفي الفصول : يكره أن يصلي إلى جدار فيه صورة وتماثيل ؛ لما فيه من التشبه بعبادة الأوثان والأصنام " انتهى باختصار من " كشاف القناع " (1/370)
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" الصلاة في المكان الذي فيه الصورة أمام المصلين فيه تشبه بعباد الأصنام ، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة دالة على النهي عن التشبه بأعداء الله والأمر بمخالفتهم ، مع العلم بأن تعليق الصور ذوات الأرواح في الجدران أمر لا يجوز ، بل هو من أسباب الغلو والشرك ، ولا سيما إذا كانت من صور المعظمين " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (6/250-251)
عبد العزيز بن باز – عبد الرزاق عفيفي – عبد الله بن غديان – عبد الله بن قعود .

وشدد المتأخرون من فقهاء الحنفية والشافعية أيضا – خلافا للحنابلة -، حتى منعوا من الصلاة في المكان الذي فيه صور ولو كانت خلف المصلي ، أو ملقاة على الأرض بحيث لا يراها .
قال الشبراملسي الشافعي :
" يكره أن يصلي في ثوب فيه صورة ، أو يصلي عليه…ولو أعمى ، أو في ظلمة ، أو كانت الصورة خلف ظهره ، أو ملاقية للأرض بحيث لا يراها إذا صلى عليه , وهو ظاهر ، تباعدا عما فيه الصورة المنهي عنها " انتهى من " حاشية نهاية المحتاج " (2/14)
وانظر جواب السؤال رقم : (130263)

ثانيا :
من النقول السابقة يمكننا جمع ومعرفة أوجه الحكمة في منع الصلاة في المكان الذي فيه الصور والتماثيل ، وهذه الأوجه هي :
الوجه الأول : أن الملائكة لا تدخل بيتا في صورة ، فعن أبي طلحة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ ) رواه البخاري (3225) ومسلم (2106)
والمصلي يسأل الله تنزل الرحمات ، وتكاثر الخيرات ، فكيف يطلب ذلك في مكان لا تدخله ملائكة الرحمة .
الوجه الثاني : تجنب الوقوع في مشابهة عباد الأصنام والأوثان من الوثنيين ، بل من النصارى ـ أيضا ـ الذين ملؤوا كنائسهم بصور المسيح وأمه مريم عليهما السلام كذبا وبهتانا ، واجتناب التشبه بغير المسلمين من الأحكام المهمة التي جاءت بها الشريعة ، حفاظا على هوية المسلم من الذوبان والتآكل ، وإبقاء على بريقها الناصع الذي يشع نورا بين الأمم .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ ، أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري (427) ومسلم (528) .
الوجه الثالث : تجنب ما يلهي ويشغل بال المصلي ، فالصور – إذا كانت بين يدي المصلي – قد تذهب بفكره وتسرح بخاطره ، والمسلم يحرص على بلوغ أقصى درجات الخشوع والانقطاع إلى الله عز وجل في صلاته .
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال : كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : ( أَمِيطِى عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِي ) رواه البخاري (374) باب كراهية الصلاة في التصاوير .
وانظر جواب السؤال رقم : (161211) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android