هل يجب على الرجل فك ضفائره لكي يتوضأ أو يغتسل أو يصلي . أو هل يجوز أن يصلي بالضفائر في شعره.
إذا جعل شعره ضفائر فهل يلزمه نقضها في الوضوء والغسل والصلاة
السؤال: 163428
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تطويل الرجل شعر رأسه ، وجعله ضفائر ، سبق بيان حكمه في جواب السؤال رقم (69822) .
ثانيا :
الواجب في الوضوء مسح الرأس ، لا غسله ، لقوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) المائدة/6
وعليه فلا يجب نقض الضفائر للرجل أو المرأة ، بل يلزم مسح الرأس من منابت الشعر إلى القفا ، ولا يلزم مسح ما نزل عن القفا ؛ لأن الرأس ما له الترؤّس ؛ يعني : ما كان عاليا فقط.
قال في “كشاف القناع” (1/99) : ” ( ولا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر ) لعدم مشاركته الرأس في الترؤس ( ولا يجزئ مسحه عن الرأس ، سواء ردّه فعقده فوق رأسه أو لم يردّه ) ” انتهى .
ثالثا :
يلزم في الغسل إيصال الماء إلى جميع البدن وإلى باطن الشعر ، لكن رخص الشارع للمرأة إذا ضفرت شعر رأسها ، وأرادت الغسل أن تحثو الماء على رأسها بحيث يصل إلى أصول شعرها ، ولا يلزمها نقض ضفائرها ، والرجل في ذلك مثل المرأة .
وذلك لما روى مسلم (330) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ قَالَ : ( لَا إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ ) .
وفي رواية له : ( فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ فَقَالَ لَا ).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : ” فمذهبنا ومذهب الجمهور أن ضفائر المغتسلة إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهرِه وباطنِه من غير نقض لم يجب نقضُها ، وإن لم يصل إلا بنقضِها وجب نقضُها ، وحديث أم سلمة محمول على أنه كان يصل الماء إلى جميع شعرها من غير نقض ؛ لأن إيصال الماء واجب . وحُكِي عن النَّخعي وجوبُ نقضها بكل حال ، وعن الحسن وطاوس وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة ، ودليلنا حديث أم سلمة ” انتهى .
وقال في “المجموع” (2/ 216) : ” قال أصحابنا : ولو كان لرجل شعر مضفور فهو كالمرأة في هذا والله أعلم ” انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله : ” والرجل والمرأة في هذا سواء , وإنما اختصت المرأة بالذكر ; لأن العادة اختصاصها بكثرة الشعر وتوفيره وتطويله ” انتهى من “المغني” (1/299) .
وقال الشوكاني رحمه الله في “السيل الجرار” (1/72) :
” قوله : (وعلى الرجل نقض الشعر) .
أقول: ليس في هذا دليل صحيح يدل على وجوب ذلك ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا ) … [ أحمد “2/132 – 133″، البخاري “254”، ابن ماجة “276” ] .. والأحاديث بنحو هذا كثيرة .
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب ذلك على النساء ، كما في الصحيح من حديث أم سلمة … ؛ والنساء شقائق الرجال ، فهذا التعليم لأم سلمة يدل على أن حكم الرجال في ذلك حكم النساء ، ولم ينتهض دليل صحيح يدل على التفرقة بين الرجال والنساء ” انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
” هل هناك فرق بين غسل الرجل والمرأة من الجنابة ، وهل تنقض المرأة شعرها أو يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات من الماء للحديث ، وما الفرق بين غسل الجنابة والحيض ؟ ” .
فأجابت :
” .. لا فرق بين الرجل والمرأة في صفة الغسل من الجنابة ، ولا ينقض كل منهما شعره للغسل ، بل يكفي أن يحثي على رأسه ثلاث حثيات من الماء ، ثم يفيض الماء على سائر جسده … ” . انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/349) .
رابعا :
لا حرج في صلاة الرجل مع ضفره لشعره ، لكن يكره له العقص ، وهو جمع هذه الضفائر حول الرأس كما تفعله النساء ، أو جمع الشعر وعقده في مؤخرة الرأس ؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ ، فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : مَا لَكَ وَرَأْسِي ؟! فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ) رواه مسلم (رقم/492) .
قال المناوي رحمه الله : “( معقوص ) أي : مجموع شعره عليه (مثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي : مشدود اليدين إلى كتفيه في الكراهة ؛ لأن شعره إذا لم يكن منتشرا لا يسقط على الأرض ، فلا يصير في معنى الشاهد بجميع أجزائه ، كما أن يدي المكتوف لا يقعان على الأرض في السجود . قال أبو شامة : وهذا محمول على العقص بعد الضفر كما تفعل النساء” انتهى من “فيض القدير” (3/6) .
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” (26/ 109): ” اتفق الفقهاء على كراهة عقص الشعر في الصلاة ، والعقص هو شد ضفيرة الشعر حول الرأس كما تفعله النساء ، أو يجمع الشعر فيعقد في مؤخرة الرأس ، وهو مكروه كراهة تنزيه ، فلو صلى كذلك فصلاته صحيحة …
والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد مع المصلي ، ولهذا مثَّله في الحديث بالذي يصلي وهو مكتوف .
والجمهور على أن النهي شامل لكل مَن صلى كذلك ، سواء تعمده للصلاة أم كان كذلك قبل الصلاة وفعلها لمعنى آخر وصلى على حاله بغير ضرورة ، ويدل له إطلاق الأحاديث الصحيحة وهو ظاهر المنقول عن الصحابة .
وقال مالك : النهي مختص بمن فعل ذلك للصلاة ” انتهى .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب