0 / 0
124,16005/09/2014

هل يجوز قول رجل لامرأة أجنبية عنه: “أحبكِ في الله” وكذلك العكس ؟

السؤال: 163565

أود أن أسأل : في الحديث الصحيح : ” أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ به رجل فقال : يا رسول الله إني لأحب هذا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أعلمتَه ؟ ) قال : لا ، قال : ( أعلمه ) قال : فلحقه فقال : إني أحبك في الله ، فقال : أحبك الذي أحببتني له .
سؤالي : هل بالإمكان أن أقول لامرأة مسلمة : أحبكِ في الله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الحديث الذي أورد السائل رواه أبو داود ( 5125 ) ، وصححه النووي في ” رياض الصالحين ” ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود ” ، وهناك حديث آخر في الموضوع نفسه فلينظر مع شرح الحديثين والتعليق على معناهما جواب السؤال رقم : ( 115765 ) .

ثانياً:
أصل المحبة بين الرجل والمرأة : إنما تكون بين الزوجين والمحارم ، وأما من لا تحل للرجل : فقاعدة الشرع قطع باب التواصل والتعارف بينهما ما أمكن ، وسد أبواب الفتن ومنافذها .
قال المنَّاوي – رحمه الله – :
” ( إذا أحب أحدكم عبداً ) أي : إنساناً … فالمراد : شخص من المسلمين قريب أو غيره ، ذكراً أو أنثى ، لكن يظهر تقييده فيها بما إذا كانت حليلته أو محرَمه ” .
انتهى من ” فيض القدير ” ( 1 / 319 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً – :
ظاهر الحديث لا يتناول النساء ، فإن اللفظ ( أحد ) بمعنى واحد ، وإذا أريد المؤنث إنما يقال ” إحدى ” لكنه يشمل الإناث على التغليب ، وهو مجاز معروف مألوف ، وإنما خص الرجال لوقوع الخطاب لهم غالباً ، وحينئذ إذا أحبت المرأة أخرى لله : ندب إعلامها ” .
انتهى من ” فيض القدير ” ( 1 / 318 ) .
لكن إذا قدر أن رجلا متصديا للخير ، معروفا به ، أو بالدلالة عليه : فمن المفهوم أن تتعلق قلوب المحبين للخير به ، وأن تقع محبته في القلوب ، وهذا أمر لا حرج فيه ، إن شاء الله ، ما دام الأمر قاصرا على ذلك : نعني محبة الخير وأهله ، ومحبة هذا العبد لله .
وثواب المتحابين في الله يشمل الرجال والنساء جميعا ، والمؤمن يحب جميع المؤمنين والمؤمنات في الله ، وكذلك المؤمنة تحب جميع المؤمنين والمؤمنات في الله ، وتزداد تلك المحبة كلما ازداد الشخص إيمانا وطاعة لله تعالى ، ولا يشترط لحصول الثواب أن يخبره أنه يحبه في الله .

ثالثا :
إذا كانت الفتنة مأمونة من الإخبار بهذه المحبة بين الرجل والمرأة : كأن يكون الشيخ كبيرا في السن ، والفتنة به مأمونة من جانب المرأة ، والتواصل بينهما متعذرا ، وإنما هي كلمة قيلت ، وانتهى الأمر عند ذلك : فلا يظهر حرج في ذلك الإخبار إن شاء الله .
فقد بعثت سائلة للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رسالة من خلال برنامج ” نور على الدرب ” قالت فيها :
يعلم الله كم أحبكَ في الله ، وأطلب منك – يا شيخنا – أن توجه إليَّ نصيحة لوجه الله كما تنصح إحدى بناتك في ديني وخلُقي ، أرجو ذلك .
فأجابها الشيخ :
” أحبكِ الله الذي أحببتِنا له ، والله جل وعلا أخبر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن المتحابين في جلاله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) ذكر منهم اثنين ( تحابَّا في الله اجتمعا في ذلك وتفرقا عليه ) ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( يقول الله يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) ، فالتحاب في الله من أفضل خصال الإيمان ومن أفضل القربات … “.
انتهى من ” نور على الدرب ” ( شريط 513 ) ، ونحو ذلك في : ” نور على الدرب ” ( شريط 593 ) .
رابعا :
الواجب أن يحذر العبد من التساهل في قول مثل هذا الكلام وسماعه ، أو أن يغره الشيطان بأن هذه محبة في الله ، أو أن هذه امرأة بعيدة عنك ، أو أكبر منك في السن ؛ فكم ممن دخل الشيطان عليه بتلك الحيل : حتى أفسد عليه دينه ودنياه :
فلكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يوما لها سوقُ
وكم ممن تعلق بامرأة لم يرها ، حتى عمي قلبه عن حقيقة الحال ، ولربما لو رآها قبل أن يتعلق بها : لفر منها فرارا !!
والأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانا
وقد تنبَّه العلماء رحمهم الله لهذا الأمر فمنعوا من تشميت المرأة الشابة ، ومن السلام عليها ، ومن تعزيتها : من رجل أجنبي عنها ، حيث يخشى الفتنة بينهما ، فهذه الكلمة الرقيقة ( أحبك في الله ) أولى بالمنع في حال توقع الفتنة بها .
ففي ” الموسوعة الفقهية ” ( 25 / 166 ) قالوا :
” ورد السلام منها – أي : المرأة – على مَن سلَّم عليها لفظاً واجب ، وأما إن كانت تلك المرأة شابَّة يُخشى الافتتان بها ، أو يخشى افتتانها هي أيضاً بمن سلَّم عليها : فالسلام عليها وجواب السلام منها : حكمه الكراهة عند المالكية والشافعية والحنابلة ، وذكر الحنفية أن الرجل يرد على سلام المرأة في نفسه إن سلمت هي عليه ، وترد هي أيضا في نفسها إن سلم هو عليها ، وصرح الشافعية بحرمة ردها عليه ” انتهى.

وعلى هذا ، فهذه الكلمة : ( أحبك في الله ) يقولها الرجل للرجل ، ولزوجته ولمحارمه من النساء ، وتقولها المرأة للمرأة ، ولزوجها ، ولمحارمها من الرجال .
أما أن تقال بين رجل وامرأة أجنبية عنه فأقل أحوالها الكراهة ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فقد يجد الشيطان فرصته ليثير في نفسه شرا ، إلا إذا قيلت في حال نأمن فيها الفتنة والمفسدة فلا حرج في ذلك .
وينبغي أن يتنبه إلى أن ما وقع من الشيخ ابن باز رحمه الله هي رسالة مكتوبة من امرأة لا يدري الشيخ من هي ، ولا يمكنه معاودة الاتصال بها مرة أخرى ، مع إمامة الشيخ وجلالة قدره رحمه الله ، فكل المسلمين ينظرون إليه نظرة إجلال وإعظام ، فهناك فرق بين هذه الصورة الجائزة ، وصورة أخرى : امرأة تتصل بالشيخ الذي قد يكون شابا أو قريبا من الشباب مباشرة بالهاتف ، سواء هاتفه الخاص أو عن طريق إحدى القنوات ، وتخاطبه مشافهة : أحبك في الله ! أو ترسل له رسالة على بريده الإلكتروني . فهذا هو الذي ينبغي أن يمنع ، وأن ينبه على منعه .

فإن تردد المرء ، أو لم يدر هل تحصل الفتنة أو لا تحصل : فالمتوجه أيضا المنع من ذلك ، سدا للذريعة ، ولأن درء المفاسد ، مقدم على جلب المصالح .
هذا مع ضعف جانب المصلحة التي ترجى من قول مثل ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android