صفة صلاة الوتر التي يصليها إمام المسجد الذي أصلي فيه ، هي على النحو التالي : أنه يصليها ثلاث ركعات بنفس صفة صلاة المغرب ، أي : يجلس للتشهد الأول في الركعة الثانية ، ثم يأتي بالركعة الثالثة ، وبعد فراغه من قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة يكبر دون أن يركع يقف صامتا ما بين 2 إلى 3 دقائق ، ثم يكبر مرة أخرى فيركع الركعة الثالثة ، ثم يتم الصلاة دون أن يدعو بدعاء القنوت لأنه قد دعا به قبل أن يشرع بأداء صلاة الوتر أي : بعد فراغه من صلاة التراويح وهو جالس ( دعاء جماعي ) .
ما حكم هذه الصلاة ؟ وهل لها أصل في الشرع أم لا ؟ هل أصلي معه التراويح فقط ثم أنصرف وأصلي الوتر وحدي ؟ أم أصلي الوتر معه ؟ علماً بأنني حريص جدّاً بأن يكتب لي قيام ليلة كما قال الرسول عليه الصلاة السلام فيما معنى الحديث : (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ، وللمعلومية : الإمام متعصب جدّاً للمذهب الحنفي .
إمامهم يصلي الوتر ثلاثاً بتشهدين وسلام ويدعو دعاء جماعيا بدل القنوت
السؤال: 165761
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
ما فعله إمامكم من صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين وسلام واحد هو من مسائل الخلاف المشهورة بين الحنفية وجمهور العلماء ، والذي نراه أن صلاة الوتر بهذه الصفة مكروهة ، فالوتر بثلاث ركعات له صفتان كلتاهما مشروعة وهما :
الأولى : أن يسرد الثلاث بتشهد واحد .
والثانية : أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة .
وتجد تفصيل هاتين الصورتين بأدلتهما في جواب السؤال رقم (46544 ) .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين وسلام كصلاة المغرب ، وقد ذكرنا فتاوى العلماء في المنع من هذه الصفة في جواب السؤال رقم : (72246) و (26844) .
ثانياً :
ما فعله إمامكم من التكبير بعد القراءة وقبل الركوع والبقاء صامتاً من غير ذِكر : أمر مبتدع ليس له أصل ، فالتكبير بعد القراءة يعقبه ركوع ، وليس يعقبه صمت أو ذكر ثم تكبير آخر للركوع كما فعله ، وهذه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي علمها لأصحابه ليس فيها شيء من هذا ، فالواجب عليكم نصحه وإرشاده لاتباع السنَّة والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه عامة وفي صلاته خاصة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتًُمونِي أُصَلِّي) رواه البخاري ( 605 ) .
وقد ذكرنا مسألة القنوت في الوتر في جواب السؤال رقم : (14093) .
ثالثاً :
أما دعاء القنوت قبل صلاة الوتر وهو جالس فهذا لا أصل له في السنة ، وقد وردت السنة بدعاء القنوت في صلاة الوتر وليس قبلها . فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر ، في القنوت : (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ … الحديث) رواه أبو داود (1214) والترمذي (426) والنسائي (1725) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
والذي نراه لك : هو أن تنصح هذا الإمام بالتي هي أحسن فلعله يستجيب فيترك ما ابتدعه من أفعال ، فإن استمر على ما هو عليه : فلا تترك الصلاة خلفه إلا أن تذهب لإمام يطبق السنة في هيئته وصلاته ، فإن لم تجد فصلِّ خلف إمامك وعليه بدعته ، ولن تحرم أجر قيام ليلة إن شاء الله .
قال الإمام البخاري في كتاب الأذان من صحيحه عند بَاب ” إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ ” : وَقَالَ الْحَسَنُ : صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ .
وروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : (الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ) انتهى .
وأما تعصبه للإمام أبي حنيفة رحمه الله ، فالواجب على المسلم أن يتبع ما ظهر له من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وإن خالفه من خالفه من الناس .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد .
وكل إمام من أئمة المسلمين له اجتهادات ، إن أصاب فيها الحق فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ) رواه البخاري (7652) ورواه مسلم (1716) .
ولذلك كان من حرص الأئمة على اتباع الكتاب والسنة ، أن أمرونا بترك أقوالهم التي قالوا اجتهاداً وظهر لنا مخالفتها للسنة .
وتجد كثيراً من هذه الأقوال في مقدمة كتاب “صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” للألباني رحمه الله . غير أننا نقتصر على بعض أقوال الإمام أبي حنيفة .
قال رحمه الله :
“إن صح الحديث فهو مذهبي” .
وقال :
“لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه” .
وقال :
“إذا قلت قولاً يخاف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي” .
فهذا الإمام أبو حنيفة نفسه رحمه الله يأمرنا بالأخذ بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك قوله المخالف لهما الذي قاله اجتهاداً .
فكيف نتعصب لأرائه بعد ذلك ونترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فهذا الإمام المتعصب لقول أبي حنيفة لو أخذ بقول أبي حنيفة حقاً لأخذ بالسنة وترك قول أبي حنيفة كما أمر بذلك أبو حنيفة رحمه الله .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة