في كلّ عامِ يوجد لدينا موسم جمع حبّ الزّيتون ، وهو من الأصنافِ الّتي نعرف يقيناً أنها من الواجب فيها الزّكاة ، ولكن تثار عدّة نقاط حول الزّكاة ، نضعها بين أيديكم لمعرفة حلولها . جمع حبّ الزّيتون يحتاج إلى عناءِ بالغ ولذا منّا من يجمعه بنفسه ، ومنّا من يلجأ إلى جمعه عن طريق العمّال ، طبيعي فإنّ العمال يؤجرون على عملهم هذا . بعد جمع حبّ الزّيتون ينقل إلى معاصر الزّيت ، وهذه تقوم بعملية العصر بمقابل عيني من الزيت المنتج ، ومنها من يأخذ ربع الإنتاج ، ومنها من يأخذ الخمس ، وقد درج أصحاب معاصر الزّيتون على أخذ مخلّفات العصر – الفاتورة – دونما أخذ رأي صاحب الحبّ بالرّغمِ من أنها أضحت ذات جدوى اقتصادية ، وتباع من قبل أصحاب المعاصر للفلاّحين لإعطائها كعلفٍ لحيواناتهم . الأسئلة : 1) هل تستقطع تكاليف العمالة من قيمة ما يدفع من الزّكاة ؟
2) هل الزّكاة تدفع من مجموع ما أنتح من زيت بما فيه الحصّة الّتي ستأخذها المعصرة مقابل العصر ؟
3) هل الزّكاة تدفع من الحبّ ، أو من الزّيت أو من القيمة المالية ؟
4) كيف تكون زكاة أصحاب المعاصر ؟
5) هل لأصحاب المعاصر الحقّ في أخذِ الفاتورة دونما مقابل لأصحاب حبّ الزّيتون لمجرّد عادةً اعتادوها ؟.
وبدلاً من أن يقوم هو بالدّفعِ لما يشتري من البائع يدفع عنه المصرف فور تسلّمه البضاعة ، وهو لا يقوم للتسديد للمصرف إلاً بعد مدّة من الزّمن يتمّ الاتّفاق عليها ، ومقابل تأجيل الدّفع يلتزم بدفع زيادة على ما دفع المصرف للبائعِ ، وتكون هذه الزّيادة قابلة للتّفاش والتّفاوض فيمكن أنْ تكون خمسة بالمائة ، ويمكن أن تكون غير ذلك ؟ تأجيلُ الدّفع تكون هناك زيادة على ثمن البضاعة إن دفع الثّمن فورا ً؟
الخلاف في زكاة الزيتون وطريقة إخراجها
السؤال: 170374
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة في الزيتون على قولين مشهورين ، فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله القديم وأحمد في رواية إلى الوجوب ؛ لقوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141، ولأنه يمكن ادخار غلته (الزيت) فأشبه التمر والزبيب .
وذهب الشافعي في قوله الجديد ، وأحمد في رواية ، وهو المذهب عند الشافعية والحنابلة إلى عدم الوجوب ؛ لأنه لا يدخر يابسا ، فهو كالخضروات ، ولأن الآية ليست صريحة في إيجاب الزكاة ، وقد ذكر فيها الرمان ، ولا زكاة فيه .
ينظر : “أحكام القرآن” للجصاص (3/16) ، “المنتقى” للباجي (2/163) ، “المجموع” (5/437) ، “المغني” (2/295) ، “الإنصاف” (3/88) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” التين والزيتون لا تجب فيهما زكاة في أصح قولي العلماء ؛ لأنهما من الخضروات والفواكه ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (14/70).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل في الزيتون أو الزيت زكاة وكذلك الرمان والتين ؟
فأجاب : هذه الأشجار ليس فيها زكاة ، وإنما الزكاة في التمر والعنب . أما الزيتون والرمان والبرتقال والتفاح والأترج فكلها ليس فيها زكاة ، ولكن إذا باعها الإنسان وحصل على ثمن نقد ، فإنه إذا بقي عنده إلى تمام الحول وجب عليه الزكاة ، وتكون زكاة نقد لا زكاة ثمار ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
وأما على القول بوجوب الزكاة ، فيشترط أن يبلغ الزيتون نصابا ، وهو خمسة أوسق ، أي ثلاثمائة صاع ، يخرج منها العشر إن كانت الأرض تسقى بغير كلفة أكثر العام ، أو نصف العشر إن كانت تسقى بالآبار والسواقي والماكينات .
ويجوز إخراج الزكاة من الزيتون نفسه ، كما يجوز إخراجها من الزيت ، عند بعض أهل العلم ، وحينئذ يمكن إخراج الزكاة من الزيتون قبل عصره .
وتكاليف جمع الزيتون لا تسقط من الزكاة ، إلا إذا لم يكن عند المزارع مال واستدان لأجل ذلك.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته الثالثة عشرة بدولة الكويت ، في الفترة من 7 إلى 12 شوال 1422 هـ ، الموافق 22- 27 ديسمبر 2001 م ، بشأن زكاة الزراعة مات يلي :
“ثالثا: النفقات المتعلقة بشراء البذور والسماد والمبيدات لوقاية الزرع من الآفات الزراعية ونحوها مما يتعلق بموسم الزروع ؛ إذا أنفقها المزكي من ماله لا تحسم من وعاء الزكاة ، أما إذا اضطر للاستدانة لها لعدم توافر مال عنده فإنها تحسم من وعاء الزكاة ، ومستند ذلك الآثار الواردة عن بعض الصحابة ، ومنهم ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ، وهو أن المزارع يخرج ما استدان على ثمرته ثم يزكي ما بقي” انتهى .
من مجلة المجمع (1/425) .
ثانيا :
ليس لأصحاب المعاصر الحقّ في أخذِ ما يسمى بالفاتورة دون مقابل ، لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه . ولصاحب الزرع أن يمنعهم من ذلك حتى يدفعوا ثمنه .
ثالثا :
لا يجوز لأصحاب المعاصر في حال شرائهم الزيتون أو غيره أن يفوضوا البنك في دفع الثمن ، مقابل تأجيلهم ودفعهم له بزيادة ، لأن هذا من الربا المحرم .
رابعا :
يجوز لصاحب الزرع أن يبيعه بثمن مؤجل أعلى من ثمنه الحال ، كأن يبيعه بمائة إن كان حالا ، وبمائة وعشرين إن كان مؤجلا ، بشرط أن ينفضّ المجلس ويتم التعاقد على اختيار إحدى الطريقتين .
خامساً :
إذا أخذ صاحب المعصرة الربع أو الخمس مقابل عمله ، فليس عليه زكاة فيه ، لأنه وقت وجوب الزكاة في هذه الثمرة (وهو وقت صلاحيتها للأكل) لم تكن ملكاً له ، وإنما كانت ملكا لصاحب الشجر .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب