تنزيل
0 / 0

التعليق على دعاء ” اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري “

السؤال: 170599

كنت أدعو بدعاء وقال لي أصدقائي إن هذا الدعاء حرام ، فأرجو معرفة إذا كان حراماً أم لا:
” اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري ” ! .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من فضل الله تعالى على المسلم أن جعله في سعة من أمره في شأن الدعاء ؛ فهناك أدعية
في القرآن من أدعية الأنبياء والمرسلين قليلة المباني عظيمة المعاني ، وهناك أدعية
في السنَّة المشرفة من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن هناك أدعية جليلة
للصحابة الكرام والتابعين الأجلاء والعلماء الأفاضل ، وهي مجموعة في كتب كثيرة ،
كما أنها مبثوثة في سيرهم العطرة ، فلا ندري ما الحاجة لأن يَخرج علينا من يخترع
ألفاظاً في أدعيته لربه تعالى ولا يكتفي بأن يذكرها بينه وبين ربِّه حتى يشيعها بين
الناس في مواقع الإنترنت وغيرها ، والمطلع على المواقع الإلكترونية يجد من هذا
شيئاً كثيراً ، وغالبه عليه ملاحظات شرعية ؛ والسبب في ذلك أن من يكتب ذلك في الأصل
ليسوا من أهل العلم ولا طلبته .
ومن الأمثلة على ما نقوله ما انتشر في كثير من المواقع الإلكترونية من دعاء فيه
تكلف واضح ، وفيه جملة غاية في الشناعة والبشاعة ، وهي التي ذكرها الأخ السائل ،
ويكمن خطؤها في وجهين :
الأول : المشاكلة في اللفظ بين اجتهاد العبد المخلوق العاصي واجتهاد الرب الخالق
الغفور ، وهذا غير لائق بالداعي أن يفعله ، ففيه انتقاص من قدر الرب عز وجل .
الثاني : إثباته ” الاجتهاد ” لله تعالى ! وهو لفظ قبيح نسبته للرب تعالى ، فاللفظ
يدل على بذل مجهود وطاقة ، وهذا محال في حق الله تعالى الذي أخبر عن نفسه أنه خلق
السموات والأرض وما بينها وما مسَّه من لغوب – أي : تعب – ، قال الله تعالى (
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) ق/ 38 ، وهذا النفي للتعب والإعياء منفي عن الله تعالى
مطلقاً وإنما ذكره هنا بعد خلقه السموات والأرض وما بينهما لدفع الإيهام وللرد على
من أثبت له ذلك من اليهود ، وهذا النفي للتعب والإعياء يدل على كمال قدرته عزَّ
وجلَّ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ” واعلم أن الصفات المنفية لا
يراد بها مجرد النفي ؛ وإنما يراد بها مع النفي : ضدها ، فإذا قال الله تعالى عن
نفسه ( وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فالمراد : نفي اللغوب ، وإثبات كمال قوته وقدرته
” انتهى من ” تفسير سورة البقرة ” ( 2 / 132 ) .
وإذا كان يصح أن يقال عن العبد العاصي إنه ” اجتهد ” في المعصية فكيف يطيب للعبد أن
يقول لربِّه تعالى إنه ” اجتهد ” في سترها وهو قادر – سبحانه – على سترها بل
ومغفرتها وتبديلها بحسنات بكلمة ” كُن ” ؟! هذا غير جائز ، بل هو محرَّم ، ولا يحل
لأحدٍ أن يتكلم في حق ربه بما يوهم نقصا ، أو يبعد عن المقام اللائق في الأدب معه
سبحانه .
فالواجب على المسلم ترك الدعاء بهذه الجملة ، والحذر من نشرها ، كما يجب على
المواقع الإلكترونية حذف هذه الجملة من مواقعها وعدم اكتساب الإثم بنشرها .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android