0 / 0

الهجرة من موطن الشرك

السؤال: 170927

لقد عزمنا على شراء دارا جديدة لنسكن فيها في مدينة بغداد ، ووالدي يأبى أن يسكن إلا في المنطقة التي تربى فيها ، وهي منطقة شيعية ، تقام فيها مراسم الشرك كل سنة ، ويضرب أبنائها أنفسهم بالسلاسل حزنا على الحسين كما يدعون ، ونحن الآن كأبناء في حيرة ، فيما أن نخالف والدنا وأن نمنعه من شراء دار في هذه المنطقة ، أو أن نـُسلم لما يريد طاعة ً له ، وفي حال لم نستطع من منعه فما العمل ؟
و هل يدخل في ذلك موضوع الهجرة من مواطن الشرك ، وما هي شروطها و واجباتها ، و للعلم فوالدي رجل ملتزم، ولكن غلب عليه طابع المكان الذي تربى فيه .
سددونا بارك الله فيكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يجب على الآباء أن يعلموا أن الله تعالى قد جعلهم رعاة على أهليهم وهم مسئولون عنها يوم القيامة ، كما جاء عن عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، … ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
وقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ) التحريم/ 6.

ومن هنا ننطلق لنقول للأب الفاضل إن الإقامة بين أظهر أهل البدع المغلظة والعقائد الفاسدة فيه خطر عليك وعلى أسرتك من حيث الفتنة بعقائدهم ، وإذا كان الوالد ملتزما وفي مأمن إن شاء الله من ضلالاتهم وبدعهم ، وإذا كنتم أنتم كذلك : فالخطر لا يزال باقيا على ذريتكم وأولادكم .
وإذا علمنا أن أولئك المبتدعة هم الرافضة ازداد تحذيرنا لك ليشمل الخوف على نفسك وأسرتك من كيدهم وإيقاع الضرر الحسي عليكم ، وواقع بلادكم يشهد بذلك ، فلا ينبغي أن تقدِّم العاطفة على العقل والدِّين ، بل ينبغي إعادة النظر في إقامتكم بين أظهر أولئك الذين يقيمون شعائر الشرك ، ويسبون خير هذه الأمة وهم صحابة رسول الله عليه وسلم ، وقد ذكر العلماء أن المسلم إذا كان لا يأمن على نفسه وأهله الوقوع في الفتنة أو كان لا يستطيع إظهار شعائر دينه : فإنه يجب عليه الهجرة من دياره ، ولا فرق حينها بين أن تكون الديار ديار فسق أو بدعة أو شرك ، وهذا في حال أن يكون المسلم في تلك الديار فيجب عليه الهجرة منها ، فكيف بمن يختارها ليذهب ليسكن فيها ويقيم بين أظهر أولئك الذين يظهرون الشرك باسم الإسلام ويسبون الصحابة رضي الله عنهم ويكفِّرون أهل السنَّة ؟! .
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله – في بيان أقسام الهجرة – : الثاني : الخروج من أرض البدعة ، قال ابن القاسم : سمعتُ مالكاً يقول : ” لا يحل لأحد أن يقيم ببلد يُسبُّ فيها السلف ” .
وهذا صحيح ; فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره فزُل عنه ، قال الله تعالى ( وَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوصُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ” . انتهى من ” أحكام القرآن ” ( 2 / 412 ، 413 ) .

فالذي نراه لوالدكم الفاضل تجنب السكنى بين أظهر تلك الفرقة المارقة لما ذكرناه من أسباب .
وفي حال إصرار والدكم على السكنى في ذلك المكان – بعد نصحه بالحسنى – فيجب عليكم الحذر من كيد الرافضة وشرهم ، والاحتياط لدينكم من الفتنة بشعائر دينهم ، واختاروا أن يكون جيرانكم الأقربون من أهل السنة المقيمون في هذا المكان .
والذي نشير عليكم به : ألا تشتروا بيتا أو أرضا في هذا المكان ، بل اجتهدوا أن تكون إقامتكم فيها بإيجار مؤقت ، فلعل الله أن يهدي والدكم ، ويقتنع بالبعد عن هذا المكان ، إلى ما هو خير منه .
وينظر جواب السؤال رقم ( 116607 ) .
وللاطلاع على أحوال الهجرة وشروطها انظر جواب السؤال رقم (72955 ) ففيه تفصيل مفيد .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android