0 / 0

ما حكم المرأة تجعل زوجَها يستمع لمكالمة صديقتها معها عبر الهاتف دون إذنها ؟

السؤال: 171181

اتصلتْ بى قريبة من العائلة معروف عنها في العائلة أنها سليطة اللسان وتكذب ومثيرة للمشاكل ، ولكنها أمام زوجها شخصية ملائكية ، لا يعرف عنها ذلك ، فهو يعلم أنها داعية إلى الله ولا تفعل أيّاً من هذا ، ونعاني منها كثيراً لدرجة أننا نتجنبها ، وعندما تسببت في مشكلة أخرى اتصلتْ بي على تليفوني المحمول واكتشفتُ بعدها أنها كانت تفتح مجهر التليفون وتُسمع زوجها المكالمة الهاتفية دون علمي ، وعندما علمتُ استأتُ جدّاً وشعرتُ أن هذا عمل غير أخلاقي .
سؤالي هو : هل يجوز هذا ؟ وهل يعتبر هذا خيانة لأمانة المجلس ، خاصة أني لا أعلم حتى الآن ماذا كان غرضها من ذلك ؟ وهل زوجها مشترك معها في الإثم ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
يجب على المسلم أن يطيع ربَّه تعالى فيما أمر ، وأن ينتهي عما نهى عنه وزجر ، ولا يليق بالمسلم أن يتخير من أحكام الدين وأخلاقه ، فيفعل ما يوافق هواه ويترك ما يخالفه ، ومن الأخلاق القبيحة التي لا تليق بالمسلم أن يكون ذا وجهيْن ، وأصحاب هذا الخلُق من شرِّ الناس يوم القيامة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ) رواه البخاري ( 5711 ) ومسلم ( 2536 ) .
قال المباركفوري – رحمه الله – : ” قال القرطبي : إنما كان ذو الوجهين شرَّ الناس لأن حاله حال المنافق ، إذ هو متملق بالباطل وبالكذب ، مُدخل للفساد بين الناس .
وقال النووي : هو الذي يأتي كل طائفة بما يُرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها ، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين ، وهي مداهنة محرمة ” انتهى من ” تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي ” ( 6 / 144 ) .
ثانياً:
ما تفعله هذه المرأة ـ إن كان ما ذكرت عنها صحيحا ـ من إسماع زوجها لحديث صديقتها يُعدُّ من الخيانة ، ولا يحل لها فعله ، ولا يحل لزوجها أن يستمع لحديثها ، وهو مع كونه مخالفاً للشرع لكونه خيانة لأمانة الحديث ، فهو أيضاً مخالف للمروءة ومكارم الأخلاق ، إذ ليس من مكارم الأخلاق أن يستمع رجل لحديث صديقة زوجته ، وبينهما من الخصوصية والتبسط في الكلام ما لا يليق لأقرب الناس منها من الرجال أن يستمع له ، فكيف أن يكون رجلاً أجنبيّاً ؟! وهل يرضى هذا الزوج ما يفعله مع صديقات زوجته ، أن يفعله أزواجهن مع زوجته ؟! والمعلوم أن الأصل في المكالمات الهاتفية أنها بين المتصِل والمتصَل عليه ، ولذا فلا يحل للثاني أن يفتح مكبر الصوت ليسمع حديثَ المتصل غيره ، كما لا يحل له أن يسجِّل مكالمته الصوتية ، وكل ذلك يجوز إذا أُعلم المتَّصِل بذلك ورضي به ، وأما مع عدم علمه فلا يجوز ، إلا إذا كان المستمع من جنس المتكلم ، كأن يسمع رجل حديث رجل ، ولم يكن ذلك الكلام مما يستسر به الناس عادة ، أو يستسر به المتكلم على وجه الخصوص .
ويشتد المنع والإثم إذا كان المتصل امرأة والمستمع لحديثها رجل .
وقد ورد الوعيد الشديد فيمن استمع لحديث قومٍ خفية وتنصتاً عليهم ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَمَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري ( 7042 ) ، والآنُك هو الرصاص المذاب .
قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي – رحمه الله – : ” ( وَهُم لَهُ كَارِهُونَ ) أي : حالة كونهم يكرهونه لأجل استماعهم ، أو يكرهون استماعه اذا علموا ذلك ” انتهى من ” التيسير بشرح الجامع الصغير ” ( 2 / 769 ) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله – : ” لا يجوز لمسلم يرعى الأمانة ويبغض الخيانة أن يسجل كلام المتكلم دون إذنه وعلمه مهما يكن نوع الكلام : دينياً ، أو دنيويّاً كفتوى ، أو مباحثة علمية ، أو مالية ، وما جرى مجرى ذلك … .
فإذا سجلتَ مكالمته دون إذنه وعِلْمِه : فهذا مكر وخديعة، وخيانة للأمانة.
وإذا نشرتَ هذه المكالمةَ للآخرين فهي زيادة في التَّخون، وهتك الأمانة … .
والخلاصة : أن تسجيل المكالمة – هاتفية أو غير هاتفية – دون علم المتكلم وإذنه : فجور ، وخيانة ، وجرحة في العدالة ، ولا يفعلها إلا الضامرون في الدِّين والخلُق والأدب ، فاتقوا الله – عباد الله – ولا تخونوا أماناتكم ، ولا تغدروا بإخوانكم ” انتهى من ” أدب الهاتف ” ( ص 28 – 30 ) باختصار .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android