العمل في شركة يقوم العملاء فيها برشوة الموظفين
السؤال: 171189
يعمل أحد أقربائي في شركة يقوم العملاء برشوة الموظفين في هذه الشركة لكي يقوموا ببيع منتجاتها بأسعار رخيصة. فهل المال الذي يتقاضاه من هذه الشركة حلال أم لا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
أجمع أهل العلم على تحريم الرشوة فلا يجوز التعامل بالرشوة أخذا أو إعطاء ، وهي من
كبائر الذنوب ؛ لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه الألباني في “إرواء الغليل” (2621)
و”الراشي” هو معطي الرشوة ، و”المرتشي” هو آخذها .
ثانياً : الواجب على قريبك نصح هؤلاء الموظفين ، وتذكيرهم بتقوى الله عز وجل ،
وبيان تحريم الرشوة ، وخطر أكل المال الحرام وعاقبته السيئة ، وأن مثل هذه الأموال
المحرمة سبب لعدم قبول الدعاء والأعمال الصالحة قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ، وَإِنَّ
اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : (يَا
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا
تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ، وَقَالَ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ
أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ،
وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ
بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم (1015).
قال ابن رجب رحمه الله : ” وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو
إلا بأكل الحلال ، وأن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله ؛ فإنه قال بعد تقريره :
( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا
) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) والمراد
بهذا : أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال ، وبالعمل الصالح
، فما كان الأكل حلالا فالعمل الصالح مقبول ، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون
العمل مقبولا . وما ذكره بعد ذلك من الدعاء وأنه كيف يُتقبل مع الحرام فهو مثال
لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام ” انتهى من “جامع العلوم والحكم” (100) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) رواه الطبراني
وأبو نعيم عن أبي بكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4519) .
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ : ( إنّه لا يربو لحم نبت من سحت إلا
كانت النار أولى به ) .
فإن استجابوا للنصيحة فبها ونعمت ، وإن لم يستجيبوا ، فالواجب عليه تبليغ صاحب
الشركة ، أو من له السلطة فيها ، عن هذه المخالفات ، فإن ذلك واجب النصيحة بين
المسلمين بعضهم البعض ، ومن التعاون على البر والتقوى .
ثالثا :
إن كان عمل قريبك لا تعلق له بهذه المعاملات المحرمة من جهة كونه يؤدي الواجب عليه
، ويبيع بالسعر الذي تحدده له الشركة دون غش لها ، أو محاباة لعملائها على حسابها ،
مع ما تقدم من المناصحة لهم ، فلا مانع من عمله في هذه الشركة ، ولا يضره معصية
غيره بعد القيام بواجب النصيحة .
وأما إن كان يعلم أن عمله ذلك سوف يجره إلى الوقوع في الرشوة ، أو المساعدة عليها ،
أو الرضى بها ، وترك الإنكار على من يعملها وهو يقدر عليه : فلا يجوز له البقاء في
هذه الشركة ، حينئذ ؛ بل إما أن يترك هذا المنكر ، ويسعى في تغييره على قدر طاقته ،
أو يترك هذا المكان ، ويعمل في مكان آخر .
والله أعلم.
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟