0 / 0

الفرق بين الغناء والمعازف وحكم كلٍّ منهما

السؤال: 171894

أكاتبكم وأملي كبير أن أجد عندكم ضالة سؤالي وأخرج من متاهة الشك إلى حظيرة اليقين ، الموسيقى تحليلها , وتحريمها , وأوجه الاختلاف في ذلك , موضوع تطرق له مجموعة من العلماء والشيوخ ، لكن ومن وجهة نظري الضعيف تبقى ردودهم دون المستوى الذي يتطلع إليه السائل ، لا يدققون ، ولا يفرقون بين الموسيقى والغناء والكلام الفاحش الملحن ، كلما سأل سائل في هذا الموضوع انطلقوا يهيمون في أمر الكلام عن الاختلاط والفيديو كليبات والتعابير الساقطة … إلخ ، نحن يا شيخ لا نشك في تحريم ذلك ، لكن سؤالنا نحن : ما الموسيقى ؟ ما موقعها من مصادر التشريع الإسلامي ؟ ما الغناء ؟ ما حكم الاستماع لمقاطع موسيقية ، سواء أكانت خالية من الكلمات أو مصاحبة لكلمات لكنها محترمة وتعالج موضوعاً ذا قضية اجتماعية ؟ هل العزف على آلة موسيقية يعد محرماً قطعاً أم هناك حالات ؟ هل هناك آلات موسيقية حرمها الإسلام وأخرى أحلها ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
لا ننكر أن هناك خلطاً في كلام كثير من الناس ونقولاتهم بين المعازف والغناء ، وسبب الخلط ثلاثة أمور :
الأول : عدم تحقيق معنى اللفظين في الكتاب والسنة وكلام السلف .
الثاني : إطلاق بعض أهل العلم لفظ المعازف على الغناء .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ونقل القرطبي عن ” الجوهري ” أن المعازف : الغناء .
وقال ابن حجر – أيضاً – :
ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف .
” فتح الباري ” (10 / 55 ) .
الثالث : أن الغناء الآن لا يوجد إلا بمصاحبة المعازف – آلات الموسيقى – فصار يطلق على ” الأغنية ” هذا اللفظ وهي بلا شك مشتملة على معازف ، بينما يطلق لفظ ” النشيد ” – غالبا – على ما خلا من المعازف المشهورة ، فصار المتحدث عن الغناء الذام له إنما يقصد تلك الألفاظ الفاحشة والملحنة المصاحب لها آلات الموسيقى – المعازف – ، والمتكلم عن المعازف إنما يتكلم عن استعمالها من قبل المغنين في أغنياتهم .
مع التنبيه لوجود فرق في استعمال ” المعازف ” و ” الموسيقى ” حيث يجعلهما كثير من الناس شيئاً واحداً ، والصحيح أن لفظ ” المعازف ” عربي يراد به الآلات التي يُضرب بها ، وهي آلات الملاهي ، وأما لفظ ” الموسيقى ” فهو ” لفظ يوناني يطلق على فنون العزف على آلات الطرب … والموسيقى في الاصطلاح : علم يُعرف منه أحوال النغم والإيقاعات وكيفية تأليف اللحون وإيجاد الآلات ” كما جاء في ” الموسوعة الفقهية ” ( 38 / 168 ) .
والعلاقة بين المعازف والموسيقى : أن المعازف تُستعمل في الموسيقى ، كما جاء في المرجع السابق .
ثانياً :
فرقت النصوص بين المعازف والغناء ، وكذا ما نقل عن أهل العلم ، وسنذكر بعض هذه النصوص بعد أن نبين الفرق بينهما ثم نذكر حكم كلٍّ منهما .
تعريف الغناء ، وأنواعه :
يطلق لفظ ” الغناء ” على رفع الصوت ، وعلى الترنم ، ومن أنواعه المشهورة : ما يقوله المسافرون في سفرهم ، ويسمى ” غناء الركبان ” أو ” النَّصْب ” ، وما يقوله الراعي في سوقه للإبل ، ويسمى ” الحُداء ” ، ويلتحق به : ما يغنيه الحجيج تعبيراً عن شوقه للحج وللصلاة في مكة ، وما يقوله الشعراء في الجهاد لإلهاب الحماس للمقاتلين ، وما تغنيه الأم لولدها وهي تلاعبه ، وهذا كله من أنواع الغناء الذي يخلو من آلات ومعازف ، وكله من الغناء الجائز – كما سيأتي – .
قال ابن منظور :
والنَّصْبُ : ضَرْبٌ [نوع] من أَغاني الأَعراب ، وقد نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إِذا غَنَّى النَّصْبَ .
” لسان العرب ” ( 1 / 758 ) :
وقال الزبيدي – نقلاً عن ” الفائق في غريب الحديث ” للزمخشري في معنى ” النَّصْب ” – :
وسُمِّىَ ذلك لأَنّ الصَّوْتَ يُنْصَبُ فيه أَي : يُرْفَع ويُعْلَى .
” تاج العروس ” ( 1 / 972 ) .
وقال الحافظ ابن حجر :
الغناء يطلق على رفع الصوت ، وعلى الترنم الذي تسميه العرب ( النَّصْب ) ، وعلى الحُداء ، ولا يسمَّى فاعله مغنيّاً ، وإنما يسمَّى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح .
” فتح الباري ” ( 2 / 442 ) .
تعريف المعازف ، وأنواعها :
والمعازف هي آلات اللهو ، وهي ما يستعمل مع الغناء ، وتختلف أنواعها تبعاً للعصر الذي تستعمل فيه ، وتصنع غالباً – قديماً وحديثاً – من الأوتار والصفائح والجِلد .
قال الفيروز آبادي :
والمَعازِفُ : المَلاهي كالعودِ والطُّنْبُورِ ، والعازِفُ : اللاعبُ بها والمُغَنِّي .
” القاموس المحيط ” ( 1082 ) .
وقال الزبيدي :
والمَعازِفُ : المَلاهِي التي يُضْرَبُ بها كالعُودِ والطُّنْبُورِ والدُّفِّ وغَيْرِها ، وفي حَدِيُثِ أُمِّ زَرْعٍ ” إِذا سَمِعْنَ صَوْتَ المَعازِفِ أَيْقَنَّ أَنَّهُن هَوالِكُ “…
والعازِفُ : اللاعِبُ بها ، وأَيضاً : المُغَنِّي .
” تاج العروس ” ( 1 / 6022 ) .
والطنبور من آلات الطرب الوترية ، وهو طويل العنق ، له صندوق نصف بيضوي ، فيه وتران أو ثلاثة – كما قال الألباني في ” تحريم آلات الطرب ” ( ص 76 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والمعازف هي الملاهي ، كما ذكر ذلك أهل اللغة ، جمع مِعْزَفة ، وهي الآلة التي يعزف بها ، أي : يصوَّت بها .
” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 576 ) .
وقال :
والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها .
” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 535 ) .
وقال ابن القيم :
المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك .
” إغاثة اللهفان ” ( 1 / 260 ) .
ما ورد في المعازف :
عن أبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قال : قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ) .
رواه البخاري في كتاب الأشربة معلقا مجزوماً بصحته ، وقد وصله البيهقي في ” السنن ” ( 3 / 272 ) والطبراني في ” المعجم الكبير ” ( 3 / 319 ) وابن حبان في ” صحيحه ” ( 8 / 265 ، 266 ) ، وصححه ابن القيم في ” تهذيب السنن ” ( 5 / 270 – 272) والحافظ ابن حجر في ” الفتح ” ( 10 / 51 ) والألباني في ” الصحيحة ” ( 91 ) .
وقد زعم ابن حزم أنه منقطع ، وتبعه في ذلك بعض المقلدين ، ورد عليه الأئمة المحققون .
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح :
فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام ، وجعله جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف ، وأخطأ في ذلك من وجوه ، والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح ، والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسنداً متصلاً ، وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع .
” مقدمة ابن الصلاح ” ( ص 36 ) .
ما ورد في الغناء :
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَ) .
قَالَ قَتَادَةُ : يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ . رواه البخاري ( 5857 ) ومسلم ( 2323 ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
“وأما الحُداء : سوق الإبل بضربٍ مخصوص من الغناء ، والحُداء في الغالب إنما يكون بالرجز ، وقد يكون بغيره من الشعر ، ولذلك عطفه – أي : البخاري – على الشعر والرجز ، وقد جرت عادة الإبل أنها تسرع السير إذا حُدي بها” انتهى .
” فتح الباري ” ( 10 / 538 ) .
وقال ابن القيم :
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده : ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن ، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم : أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء .
” إغاثة اللهفان ” ( 1 / 250 ) .
ثالثاً :
حكم المعازف :
لم يختلف الأئمة الأربعة في تحريم استعمال جميع آلات المعازف – الموسيقى – ، ومن نقل عن واحدٍ منهم أنه أباح شيئاً منها أو استعملها فقد كذب عليه ، وما قاله هؤلاء الأئمة الكبار هو مقتضى ما جاء في النصوص الصريحة الصحيحة ، وهو ما نقل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم .
قال القرطبي :
أما المزامير والأوتار والكوبة – وهي الطبلة – : فلا يختلف في تحريم استماعها ، ولم أسمع عن أحدٍ ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك ، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج الشهوات والفساد والمجون ، وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه .
نقله عنه ابن حجر الهيتمي في كتابه ” الزواجر عن اقتراف الكبائر ” ( 2 / 193 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام .
” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 576 ) .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 38 / 177 ) :
“ذهب الفقهاء إلى تحريم استعمال المعازف الوترية كالطنبور ، والرباب ، والكمنجة ، والقانون ، وسائر المعازف الوترية ، واستعمالها هو الضرب بها” انتهى .
وعليه : فإن التحريم يشمل جميع آلات الموسيقى القديم منها والحديث ، بعضها بالنص ، وبعضها بدخولها في عموم التحريم (المعازف) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
اعلم أخي المسلم أن الأحاديث المتقدمة صريحة الدلالة على تحريم آلات الطرب بجميع أشكالها وأنواعها ، نصّاً على بعضها كالمزمار والطبل والبربط ، وإلحاقا لغيرها بها وذلك لأمرين :
الأول : شمول لفظ ( المعازف ) لها في اللغة .
والآخر : أنها مثلها في المعنى من حيث التطريب والإلهاء ، ويؤيد ذلك قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : (الدف حرام ، والمعازف حرام ، والكوبة حرام ، والمزمار حرام) .
أخرجه البيهقي (10/222) من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي هاشم الكوفي عنه
قلت : وهذا إسناد صحيح إن كان ( أبوهاشم الكوفي ) هو ( أبو هاشم السنجاري ) المسمى (سعدا) فإنه جزري كعبد الكريم ، وذكروا أنه روى عنه لكن لم أر من ذكر أنه كوفي وفي ” ثقات ابن حبان ” ( 4 / 296 ) أنه سكن دمشق والله أعلم .
” تحريم آلات الطرب ” ( 92 ) .
ولا يستثنى من تحريم المعازف إلا الدف فقط وفي حالات معينة ، سبق بيانها في جواب السؤال رقم (20406) .
حكم الغناء :
وبالنظر إلى تعريف الغناء الذي ذكرناه سابقاً يُعلم أنه لا تحريم للغناء من حيث الأصل ، بل هو مباح ، إلا أن تستعمل آلات اللهو والمعازف معه ، أو يكون في الكلام من الفحش والمنكر ما يقتضي تحريمه .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
وهذا الباب من الغناء قد أجازه العلماء ووردت الآثار عن السلف بإجازته وهو يسمى غناء الركبان وغناء النصب والحُداء ، وهذه الأوجه من الغناء لا خلاف في جوازها بين العلماء .
روى ابن وهب عن أسامة وعبد الله ابني زيد بن أسلم عن أبيهما زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال : الغناء من زاد الراكب ، أو قال : زاد المسافر …
فهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء إذا كان الشعر سالما من الفحش والخنى .
” التمهيد ( 22 / 197 ، 198 ) .
وقال رحمه الله :
وأما الغناء الذي كرهه العلماء فهذا الغناء بتقطيع حروف الهجاء ، وإفساد وزن الشعر ، والتمطيط به طلباً للهو والطرب ، وخروجاً عن مذاهب العرب .
والدليل على صحة ما ذكرنا : أن الذين أجازوا ما وصفنا من النَّصْب والحُداء هم الذين كرهوا هذا النوع من الغناء ، وليس منهم يأتي شيئاً وهو ينهى عنه .
” التمهيد ” ( 22 / 198 ) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ويلتحق بالحداء هنا : [ غناء ] الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد ، ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال ، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد .
” فتح الباري ” ( 10 / 538 ) .
فكل غناء جاء تحريمه أو ذمه عن السلف فهو ما كان معه آلات طرب ، أو كان فيه غناء امرأة أجنبية أمام الرجال ، أو العكس ، أو كان فيه تمييع وتخنث وتكسر ، أو كان فيه من الألفاظ ما يوجب تحريمه وذمه ، أو كان فيه إسراف في الاستعمال حتى ألهى عن واجبات في الدين .
فيكون الغناء مباحاً وفق شروط ، وهي :
أولها : أن يخلو من آلات اللهو والطرب .
ثانيها : أن لا يتشبه بالفساق والفاسقات من المغنين والمغنيات .
وثالثها : أن لا يُكثر منها حتى تكون ديدنه فيترك ما أوجب الله عليه .
ورابعها : أن لا يكون من امرأة أمام رجال أجانب .
وخامسها : أن لا يكون في الكلام اعتقاد فاسد أو فحش أو قبح أو ثناء على فعلٍ محرم .
وسادسها : أن لا يتخذها مهنة فيعرف بها .
وفي هذه الشروط أدلة عامة وخاصة ، ومنها :
1. عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) . رواه أبو داود ( 4031 ) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
2. أن المرأة لم يشرع لها أن تؤذن وأن تؤم بالناس ، وشرع لها التصفيق في الصلاة إذا أرادت تنبيه الإمام لخطأ ، ولم يُشرع لها التسبيح ، فكيف سيكون حكم غنائها أمام الرجال – وخاصة إذا كان فيه كلام فحش – ؟ .
3. عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ ” وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ ” فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ) . رواه البخاري ( 3779 ) .
فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من الغناء الذي يحوي كلاماً مخالفاً للشرع .
4. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا) . رواه البخاري ( 909 ) ومسلم ( 892 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قال القرطبي قولها : ” ليستا بمغنيتين ” أي : ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك ، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به ، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وهذا النوع – إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة – لا يختلف في تحريمه .
” فتح الباري ” ( 2 / 442 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
وعلى كل حال من اتخذ الغناء صناعة يؤتى له ويأتي له أو اتخذ غلاماً أو جاريةً مغنيين يَجمع عليهما الناس : فلا شهادة له ؛ لأن هذا عند من لم يحرمه سفه ودناءة وسقوط مروءة ، ومن حرَّمه فهو مع سفهه عاص مصرٌّ متظاهر بفسوقه ، وبهذا قال الشافعي ، وأصحاب الرأي .
” المغني ” ( 12 / 42 ) .
رابعاً :
لا يستطيع الباحث في حكم هذه المسائل أن يقطع النظر عن كلمات الأغاني الحالية السخيفة والمثيرة ، ولا يقطع النظر عن حركات المائلات المميلات ، ولا يقطع النظر عن إثارة المعازف ، وأثر ذلك كله على من يستمعها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
والمعازف هي خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ، فإذا سكروا بالأصوات حلَّ فيهم الشرك ، ومالوا إلى الفواحش ، وإلى الظلم ، فيشركون ، ويقتلون النفس التي حرم الله ، ويزنون ، وهذه الثلاثة موجودة كثيراً في أهل سماع المعازف.
” مجموع الفتاوى ” (10 /417 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب : أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها : إلا سلط الله عليهم العدو ، وبُلوا بالقحط والجدب وولاة السوء ، والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر ، والله المستعان .
” مدارج السالكين ” ( 1 / 500 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android