تنزيل
0 / 0

حكم قبول ضيافة من اختلط ماله الحلال بالحرام

السؤال: 171922

لدي صديق اعتنق الإسلام ولكنه غير ملتزم ، والسؤال هو أنه أحياناً يقدم لي بعض الطعام المصنوع في بيتهم على أنه طعام حلال بالطبع ، ولكني أرفض أخذ ذلك الطعام لعلمي أن المال الذي يصرفون منه مال حرام ، لأنه أباه يقامر ويبيع الخنزير ، وهو نفسه يعلم هذه الحقيقة أيضاً ، فما رأيكم ، هل آكل من ذلك الطعام الذي يقدمه ، أو الشيء الذي يشتريه مثل الشوكولاتة – على سبيل المثال – التي يشتريها بالطبع من المال الذي يعطيه إياه والده ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اختلف الفقهاء في حكم التعامل مع من اختلط ماله الحلال بالحرام ؛ من حيث البيع والشراء وقبول الهدية وأكل الطعام ونحو ذلك ، على أقوال ، أقواها قولان :
القول الأول : أنه لا يحرم قبول هديته والتعامل معه ، وإنما يكره ، وهو معتمد مذهب الشافعية والحنابلة ، واختاره ابن القاسم من المالكية .
قال النووي رحمه الله :
" إذا كان في مال المشتري حلال وحرام ولم يعلم من أين يوفيه الثمن لم يحرم على الإنسان الموهوب له ، ولكن الورع تركه ، ويتأكد الورع أو يخف بحسب كثرة الحرام في يد المشتري وقلته " انتهى من " المجموع " (9/344)
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا اشترى ممن في ماله حرام وحلال ، كالسلطان الظالم ، والمرابي ؛ فإن علم أن المبيع من حلال ماله ، فهو حلال ، وإن علم أنه حرام ، فهو حرام ، ولا يقبل قول المشتري عليه في الحكم ؛ لأن الظاهر أن ما في يد الإنسان ملكه ، فإن لم يعلم من أيهما هو كرهناه ؛ لاحتمال التحريم فيه ، ولم يبطل البيع ؛ لإمكان الحلال ، قل الحرام أو كثر ، وهذا هو الشبهة ، وبقدر قلة الحرام وكثرته تكون كثرة الشبهة وقلتها ، قال أحمد : لا يعجبني أن يأكل منه " انتهى من " المغني " (4/201)
وانظر : "الشرح الكبير" (3/277) .
القول الثاني : ينظر في الغالب على المال ، فإن غلب الحلال جاز التعامل معه ، وإن غلب الحرام لم يحل ، وهذا مذهب الحنفية والمالكية .
قال ابن نجيم رحمه الله :
" إذا كان غالب مال المهدي حلالا فلا بأس بقبول هديته وأكل ماله ، ما لم يتبين أنه من حرام ، وإن كان غالب ماله الحرام لا يقبلها ، ولا يأكل إلا إذا قال : إنه حلال ورثه أو استقرضه " انتهى من " الأشباه والنظائر " (ص/96)
وذهب بعض العلماء إلى تحريم معاملة من اختلط ماله من حلال وحرام ، وقال بهذا القول أصبغ من المالكية .
ولكن قال ابن رشد : " وقول أصبغ تشدد " انتهى من " البيان والتحصيل " (18/194) .
والراجح هو جواز معاملته وقبول هديته .
وهذا القول هو الذي يرجحه أكثر العلماء المعاصرين .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قبل الهدية من المرأة اليهودية حينما أهدت إليه شاة في غزوة خيبر ) و ( أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوة يهودي دعاه في المدينة على خبز شعير وإهالة سنخة ) ، وعامل اليهود بيعاً وشراء، حتى إنه عليه الصلاة والسلام مات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير اشتراه لأهله ، وهذا يدل على جواز معاملة من اختلط ماله بحرام ؛ لأن اليهود كما وصفهم الله تعالى : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) " انتهى من " فتاوى نور على الدرب "
وانظر جواب السؤال رقم : (39661) .
وعلى هذا فلا حرج عليك من قبول الهدية من صاحبك والأكل من طعامه .
إلا إذا كان امتناعك من هذا سيؤثر فيه وفي أبيه وسيحمله على التوبة فيجب عليك الامتناع حينئذ .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android