0 / 0

أقسم على عدم فعل شيء في حياته واشترط على نفسه صيام ثلاثين يوماً متتابعة إن فعله ، وإذا لم يف بذلك يصوم ستين يوماً متتابعة ، وحنث في يمينه

السؤال: 172210

لقد أقسمت بالله أني لن أفعل كذا وكذا حتى الموت ، وهذان الشيئان اللذين حلفت علي عدم فعلهما محرمان في الإسلام ، وقد أضفت شرطا لهذا اليمين بأني لو فعلت أي من الشيئين سأصوم ثلاثين يوما متتابعين مباشرة بعد الحنث في اليمين ، ولو فعلت كلا الشيئين سأصوم ستين يوما متتابعين ، وقد وضعت هذين الشرطين ؛ كي لا أحنث في يميني ، ولكني لسوء الحظ أحنثت في يميني ولم أصوم أي يوم مما اشترطت .
أسئلتي هي:
هل هذه الشروط التي وضعتها جائزة في الإسلام ؟
إنني لم أوف بالشروط التي وضعتها في وقتها المحدد ، فماذا أفعل الآن؟
بعد الحنث في اليمين : فعلت هذا الذنب أربع أو خمس مرات ، فماذا أفعل؟
أشعر الآن أني لن أستطيع تنفيذ تلك الشروط وصيام هذه الأيام فما الحل ؟ وهل هناك بديل لهذه الشروط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذا الشرط الذي أضفته إلى يمينك هو من ” نذر اللجاج” ، الذي يقصد به صاحبه أن يحث نفسه على فعل شيء ، أو يمنعها منه ؛ فإذا وفى بما حلف عليه ، أو نذره فلا إشكال ، وهذا هو الأصل الواجب عليه ، ما دام قد نذر طاعة ، أو حلف عليها ؛ فإن الطاعة إما أن تكون واجبة ، فيحرم عليه تركها بأصل الشرع ، ويتأكد ذلك عليه بما ألزم به نفسه من اليمين أو النذر ، وإما أن تكون مستحبة ، فيلزمه فعلها بيمينه أو نذره .
وهكذا الشأن في ترك المحرم ، أو المكروه .
فإن حنث في يمينه ، وفعل ما حلف على تركه ، أو ترك ما حلف على فعله : فإنه يخير بين أن يكفر عن يمينه ، أو يوفي بالنذر الذي ألزم به نفسه .
وينظر جواب السؤال رقم (2587) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” مَسْأَلَةٌ : أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِين :
… إذَا أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ ، بِأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِهِ شَيْئًا ، أَوْ يَحُثَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ ، أَوْ صَدَقَةُ مَالِي ، أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ ، فَهَذَا يَمِينٌ، حُكْمُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ ، فَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ ، وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ.
وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ ، وَحَفْصَةَ ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ .
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ ، وَطَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ ، وَالْقَاسِمُ ، وَالْحَسَنُ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَقَتَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَالْعَنْبَرِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ…
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ ، كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ.
وَلَنَا، مَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْجُوزَجَانِيُّ، فِي ” الْمُتَرْجَمِ “.
وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ، أَوْ الْهَدْيِ، أَوْ جَعْلِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ فِي الْمَسَاكِينِ، أَوْ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ ، وَلِأَنَّهُ يَمِينٌ ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة: 89] ، وَدَلِيلُ أَنَّهُ يَمِينٌ، أَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ ، وَيُسَمَّى قَائِلُهُ حَالِفًا، وَفَارَقَ نَذْرَ التَّبَرُّرِ؛ لِكَوْنِهِ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْبِرَّ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ ، وَهَا هُنَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قُرْبَةً وَلَا بِرًّا ، فَأَشْبَهَ الْيَمِينَ مِنْ وَجْهٍ وَالنَّذْرَ مِنْ وَجْهٍ، فَخُيِّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَبَيْنَ الْكَفَّارَة …” انتهى من “المغني” (9/505) ، وينظر : “كشاف القناع” (6/275) ، “الشرح الممتع” (6/508) .
ثانيا :
إذا حنث الحالف أو الناذر في يمينه ، فقد انحلت تلك اليمين ، ولم يلزمه إلا كفارة واحدة ، وما فعله بعد ذلك ، فلا كفارة عليه ؛ إلا أن يكون قد حلف أنه كلما فعل الذنب ، لزمه كذا ..، فهنا يلزمه كفارة كلما حنث ، لكن إن حنث مرات ولم يكفِّر بعد كل حنث كفاه كفارة واحدة .
على أن الذي ينبغي أن تعتني به قبل يمينك أو نذرك ، وأن يطول اهتمامك به : هو ذلك الذنب الذي غلبك على نفسك ، وأضعف عزمك ، ووقعت أسيرا له ؛ فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله عز وجل من ذلك ، والأخذ بالأسباب العملية لتجنب ذلك الذنب ، وأن تغلق عن نفسك كل تلك الأبواب ، وأن تهاجر إلى ربك جل جلاله ، وتفر إليه ؛ تهاجر من معصيته إلى طاعته ، ومن طاعة نفسك وهواك ، إلى طاعة ربك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android