تنزيل
0 / 0
25,72719/08/2011

نظرة سلوكية في قول بعضهم : ” وددت أني شعرة في صدر عمر بن الخطاب “

السؤال: 172337

أنا عضوة في إحدى المنتديات النسائية ، ولقد أدهشني كتابات بعض العضوات ، مثلا : ( ليتني شعرة في جسد عمر بن الخطاب رضي الله عنه )، والبعض يكتب تحت عضويته : المكان في القبر .
كيف علي أن أنصحهم .
وهذا رد إحدى الأخوات بعد أن أرسلت لها لتوضح لي ما كتبته :
” بالنسبة للمقولة فهي من عندي ، حبا لعمر بن الخطاب رضي الله ، وافتخارا به
في زمن أصبح المسلم فيه ذليلا ، متكالبة عليه الأمم ، وأحب أن أقتدي بعمر ، ولطالما سألت نفسي لو كان عمر حيا ..ماذا كان سيفعل في هذا الزمان “؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يبدو لنا في إطلاق هذه المقولة ” ليتني شعرة في جسد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ”
ملحظان مهمان :
الملحظ الأول :
إذا كانت مقولة عابرة ، يدلل بها المسلم على حبه للصالحين ، ورجائه أن يحشره الله
معهم ، ويسلكه في ركبهم ودربهم ، فلا بأس في إطلاق مثل تلك العبارات ، فقد استعملها
بعض السلف الصالحين ، وتناقلها العلماء والمؤلفون من غير نكير من أحد منهم ، ومن
يبحث عنها يجد أمثالها في كتب السير والتاريخ والتراجم ، كما أنها – بهذا الملحظ –
تحمل دلالة شرعية صحيحة ، ولا موجب لمنعها ولا القول بكراهتها ، خاصة وأن بعض الناس
يطلقها ويريد الدلالة على خوفه من الله عز وجل ، فيتمنى أن يكون شعرة في جنب مؤمن
ولا يتعرض للسؤال يوم الحساب ، كما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : ”
ليتني شعرة في صدر مؤمن ” انتهى. انظر : ” التبصرة ” لابن الجوزي (2/210)
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
” وددت أني شعرة في صدر أبي بكر رضي الله عنهما ” انتهى. رواه ابن أبي الدنيا في ”
المتمنين ” (ص/58) بإسنادين ، وابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” (30/343)
وقال عبد الله بن حماد الآملي :
” وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل البخاري ” انتهى. رواه الخطيب البغدادي في
” تاريخ بغداد ” (2/340)
الملحظ الثاني :
أن يتخذ المسلم هذه العبارة شعارا دائما ، يستغرق في دلالته ، ويظل يستَجِرُّ آثاره
: فهذا ما لا ننصح به ، ونخشى أن يكون سبيلا للتقاعس والتقاعد عن العمل ؛ بحيث يظل
صاحب هذا الشعار يسترجع الماضي ، ويتمنى المستحيل ، ويكل الصلاح إلى الصالحين فيغمط
نفسه في جنبهم ، وينشغل بذلك قلبه عن الهمة العالية والجهد الدؤوب في العمل ، ويبقى
متعلقا بأوهام التمني المستحيل ، فيؤثر فيه ذلك من حيث يشعر أو لا يشعر ، خاصة
وأنها عبارة تنطوي على هضم كامل للنفس ، وتغييب كلي لها في جنب أحد الصالحين ،
والأصل في المسلم أنه عبد من عباد الله المكرمين ، خلقه ربه عز وجل ليعبده وحده لا
شريك له ، فلا ينبغي للمسلم أن يحتقر نفسه على وجه الدوام ، وإنما يستعمل التذلل
لله تعالى سبيلا لتهذيب النفس وتأديبها ، وليس لإلغائها ومحو وجدانها ولا الخروج
بها عن مقتضى كرامة العبودية التي أكرمها الله بها ، ثم إذا استعملت مثل هذه
العبارات على سبيل الرياء والسمعة للتظاهر بحب الصالحين عاد ذلك وبالا على صاحبه .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android