امرأة مسلمة حلفت ألا تكلم امرأة مسلمة أخرى بسبب خلاف نشب بينهما، وقامت الأخرى بالاتصال بها عبر الجوال مرارا وتكرارا، فقامت الأولى بالرد عليها عبر خدمة الرسائل النصية ؟ والآن تسأل الأولى هل علي كفارة يمين أم لا ؟ وماذا علي إذا أردت أكلمها مرة أخرى.
حلفت ألا تكلمها ثم أرسلت لها رسالة بالجوال فهل تحنث؟
السؤال: 172345
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من حلف ألا يكلم إنسانا ، فكتب له رسالة ، ففي حنثه خلاف بين الفقهاء ، فالحنفية والشافعية على أنه لا يحنث .
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يحنث ، واعتبروا المراسلة والكتابة من الكلام .
والراجح أن الكتابة لا تعد كلاما ، لكن ينظر في نية الحالف ، وفي الباعث له على الحلف ، فإن أراد منع الكلام اللفظي فقط لم يحنث ، وإن أراد منع التواصل مطلقا ، أو كان الباعث له على الحلف أنه لا يريد التواصل مطلقا ، حنث بكتابته .
قال في “المبسوط” (9/ 23) : ” وإن كتب إليه أو أرسل لم يحنث لما بينّا أن الكلام لا يكون إلا مشافهة , ألا ترى أن أحدا منا لا يستجيز أن يقول : كلمني الله ، وقد أتانا كتابه ورسوله . وإنما يقال : كلم الله موسى تكليما ; لأنه أسمعه كلامه بلا واسطة ” انتهى .
وقال في “كشاف القناع” (6/ 259) : ” ( وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان من ذكر وأنثى وصغير وكبير وعاقل ومجنون ) … ( ولو كاتبه ) الحالف ( أو أرسل إليه رسولا حنث ) لقوله تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا وقول عائشة : ما بين دفتي المصحف كلام الله ، ولأن ذلك وضع لإفهام الآدميين أشبه الخطاب . قال في الشرح والمبدع : والصحيح أن هذا ليس بتكليم ، لكن إن نوى ترك مراسلته ، أو سببُ يمينه يقتضي هجرانه ، فإنه يحنث ( إلا أن يكون ) الحالف ( أراد أن لا يشافهه ) فلا يحنث بالمكاتبة ولا بالمراسلة ” انتهى .
وينظر : مواهب الجليل (3/ 299)، مغني المحتاج (6/ 218).
ثانيا :
إذا لم تحنث في يمينها ، وكان الخير في كلام هذه المرأة ، فينبغي أن تكلمها وتكفّر عن يمينها ؛ لحديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ) . رواه البخاري ( 6343 ) ومسلم ( 1652 ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) . رواه مسلم ( 1650 ) .
وأما إن حصل الحنث بالكتابة لها – على التفصيل السابق – فقد انحلت اليمين ، وأمكنها الكلام ، وعليها كفارة الحنث .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب