رجل لامس امرأة في شقة زوج أختها , وفعل معها أشياء محرمة , ثم تاب وأناب , ولكن ما يسأل عنه هو : ما حق الرجل صاحب الشقة عنده , ما واجبه نحوه , هل يجب عليه طلب السماح والعفو منه علي فعلته هذه في شقته , أم ماذا يفعل , مع العلم طبعا أنه لا يستطيع أن يقول له سامحني لكذا , لأنه سوف يفضح نفسه ويفضح البنت .
جزاكم الله خيرا
لامسها في شقة رجل آخر هل يخبر صاحب الشقة
السؤال: 172464
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا شك أن ما فعله هذا الرجل معصية لله عز وجل ، وتعدي لحرمات ؛ فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ، ومن تاب : فأقلع عن ذنبه ، وندم على ما فات منه ، وعزم على ألا يعود إليه ؛ من تاب كذلك : تاب الله عليه .
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ إِمَّا قُبْلَةً أَوْ مَسًّا بِيَدٍ أَوْ شَيْئًا كَأَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ كَفَّارَتِهَا ( وفي رواية : أَصَابَ رَجُلٌ مِنْ امْرَأَةٍ شَيْئًا دُونَ الْفَاحِشَةِ فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَعَظَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَعَظَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي رواه مسلم ( 4963) .
وفي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ ، قَالَ : فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا دَعَاهُ وَتَلا عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ : ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً قَالَ بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . رواه مسلم (4964) .
ثانيا :
كون صاحب الشقة فتح لهذه الفتاة بيته وأمنها عليه ، كان حقه عليها أن تحافظ على هذه الأمانة ، وأن لا تنتهك حرمة بيته ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال / 27 . وعموم هذه الآية يدخل فيه كل شيء يؤتمن الإنسان عليه .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ” رواه البخاري (32) ، ومسلم (89) ، وفي رواية لمسلم برقم 90 : ” وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ” .
فالواجب على الشاب والفتاة التوبة إلى الله مما صنعا ، واستغفاره عما اقترفا في حق صاحب الشقة ، ولا يلزمهما أمر زائد على ذلك لصاحب الشقة .
ثالثا : لا يجوز لهذا الرجل إخبار صاحب البيت عما وقع فيه ، فكيف يفضح نفسه وقد ستره الله عز وجل ، عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ :ُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .
رواه البخاري ( 5721 ) ومسلم ( 2990 ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
” أما المؤمن العاصي فإنه إذا ابتلي بالمعصية ، فإن الأفضل ألا يجاهر بها ، وألا يخبر بها أحداً ، وأن يستتر بستر الله ويتوب إلى الله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ) ، المجاهرون هم الذين يعملون السيئات ثم يصبحون يتحدثون للناس بما صنعوا ، فمن أصاب شيئاً من هذه القاذورات : فليستتر بستر الله ، وليتب إلى الله عز وجل ، ولا يخبر بها أحداً . ” لقاءات الباب المفتوح ” ( 13 / السؤال رقم 13 ) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب