0 / 0

حكم من يعمل في شركة نقل أموال وعمله لا يجعله يصلي الصلوات في وقتها

السؤال: 173019

أنا أعمل فى شركة نقل أموال ، وطبيعة عملي من الساعة الخامسة بعد العصر إلى منتصف الليل ، وإني أنام إلى الساعة الواحدة ظهراً ، وعندما أستيقظ من نومي أصلى صلاة الفجر ثم صلاة الظهر ، ثم أصلى صلاة العصر قبل الذهاب إلى العمل ، أما صلاة المغرب والعشاء فإني أجمعهما مع بعض فى البيت بعد رجوعى من العمل نظراً لظروف عملي الليلية وطبيعتها من مسؤولية ، فهل يجوز لي صلاة القصر أم لا ؟ وهل هذه الطريقة صحيحة أم لا ؟ .
ارجو الرد مع الشرح للطريقة الصحيحة ، ولكم الشكر والاحترام .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
إذا كان عملك يتعلق بنقل الأموال من البنوك الربوية إلى أجهزة الصرف أو إلى البنك المركزي ، أو كان يتعلق بنقل أموال الشركات والمصانع إلى البنوك الربوية : فهذا عمل محرَّم في الأصل لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان ، وانظر جواب السؤال رقم ( 26771 ) .

وأما إذا لم يكن المال يتعلق بالبنوك الربوية وأمثالها من المؤسسات الربوية : فيظهر لنا أن عملك جائز من حيث الأصل .
ثانياً:
لا نرى أن عملك هذا جائز لما يسبِّبه من تضييع الصلوات إذا كنتَ ستستمر على طريقتك في إقامة الصلوات ، فأنت بسبب العمل تضيع صلوات الفجر والمغرب والعشاء ! أما الفجر فواضح بسبب صلاتك لها الساعة الواحدة ظهراً ! وأما المغرب والعشاء فلصلاتك لهما الساعة الواحدة ليلاً ! ولتعلم أن وقت صلاة العشاء ينتهي عند منتصف الليل ! فتكون بذلك مؤديّاً للصلاتين في غير وقتهما الشرعي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ” يجب على كل مسلم أن يصلي الصلوات الخمس في مواقيتها ، وليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر ، لكن العذر يبيح له شيئين يبيح له ترك ما يعجز عنه ويبيح له الجمع بين الصلاتين ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن تيمية ” ( 21 / 428 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 52923 ) ففيه حكم من ترك صلاة واحدة عمداً حتى خرج وقتها وفيه بيان من قال بكفر من فعل ذلك .
وعليه :
فلو فرضنا أن عملك مباح في الأصل فإنه إذا كان يؤدي لأن تترك صلاة الفجر حتى تصليها بعد خروج وقتها ، ويجعلك تصلي المغرب والعشاء بعد خروج وقتهما : فلا شك في حرمة عملك هذا ، وانظر جواب السؤال رقم ( 36784 ) .
والذي يجب عليك أن تصلي الصلوات في وقتها ، قدر الطاقة ، وما عجزت عنه لنوم طارئ ، أو نسيان : تصليه في وقت استيقاظك ؛ وحينئذ ؛ فعليك أن تستيقظ لصلاة الفجر ، وتؤديها في وقتها ، ولك أن تنام بعدها إلى صلاة الظهر ، وهو وقت كافٍ جدّاً في العادة ، ثم تصلي العصر في وقته ، وليس عندك شغل ولا نوم .
ويبقى النظر في المغرب والعشاء : فالواجب عليك في معتاد الأحوال أن تصليهما في وقتهما ، فإن طرأ لك طارئ ، أو كان معك مال تخشى عليه الضيعة أو السرقة : فلا بأس من جمعهما في وقت المغرب تقديماً ، أو في وقت العشاء تأخيراً – وانظر جوابي السؤالين ( 118486 ) و ( 20712 ) – على أن لا يتجاوز وقت أدائهما منتصف الليل ، ولا يحل لك أداء هاتين الصلاتين بعد منتصف الليل ، وليس العمل عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها ، وإنما يباح في حال الحرج بسبب طبيعة العمل الجمع بين الصلاتين لا تأخيرهما حتى يخرج وقت الثانية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ” ويجوز الجمع أيضا للطباخ ، والخباز ، ونحوهما ، ممن يخشى فساد ماله ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” ( 5 / 351 ) .
وقال المرداوي رحمه الله في “الإنصاف” (2/336) : ” وَمِنْهَا: مَا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ لَهُ شَغْلٌ أَوْ عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَرَمِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . انْتَهَى، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُشَيْشٍ: الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ إذَا كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ مِثْلُ مَرَضٍ أَوْ شُغْلٍ. قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِالشُّغْلِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهَذَا مِنْ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كُلَّهَا تُبِيحُ الْجَمْعَ ، وَقَالَا أَيْضًا: الْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ ، وَأَوْلَى، لِلْخَوْفِ عَلَى ذَهَابِ النَّفْسِ وَالْمَالِ مِنْ الْعَدُوِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَشَرْحِهِ، [وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ] مُرَادَ الْقَاضِي غَيْرُ غَلَبَةِ النُّعَاسِ. قُلْت: صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ. فَقَالَ: وَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ لَهُ شُغْلٌ أَوْ عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، عَدَا نُعَاسٍ وَنَحْوِهِ ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ كَلَامِ الْقَاضِي قُلْت: إلَّا النُّعَاسَ ، وَجَزَمَ فِي التَّسْهِيلِ بِالْجَوَازِ فِي كُلِّ مَا يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَازَ الْجَمْعِ لِلطَّبَّاخِ، وَالْخَبَّازِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّنْ يُخْشَى فَسَادُ مَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ بِتَرْكِ الْجَمْعِ” . انتهى ، وينظر : “كشاف القناع” (2/6) ، الفروع وتصحيحه (3/108) ، حاشية الروض (1/488-489، 2/359-360) .
والحاصل :
أن الواجب عليك أن تصلي الفجر في وقتها ، وتجعل نومك وراحتك بين الفجر والظهر ، فإن نمت قبل الفجر ، وجب عليك أن تأخذ بأسباب استيقاظك للصلاة قبل طلوع الشمس ، ثم تصلي الظهر والعصر في وقتهما ، ثم المغرب والعشاء بحسب الحال ؛ فإن كنت في حال عذر ، كما قدمنا : جمعت بينهما ، وإن كنت في حال سعة ، وليس معك ما تخاف عليه ، أو معك من يحرس لك المال : فصل الصلاة لوقتها .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android