عمى قبل وفاته أحضر شنطة ، وأراني فيها أوراقا ، وقال لي : إن الأوراق تخص أرضه ، وبعض العقود ، ولم يرني وصيته التي اكتشفت بعد مماته أنه تركها في الشنطة .
وبعد أن أغلق الشنطة ، في وسط كلامه مع والدتي ، قال : أنا تركت له وصيتي ، لكنني ظننت أنه يقصد أوراقه التي رأيتها .
وبعد مماته فتحت الشنطة لكي أبحث هل ذكر في الأوراق أنه ترك وصيته في مكان ما ؛ لكن وجدت مع رسومات الأرض في الشنطة : وصية .
فهل أعطي الشنطة لزوجة عمي أولا ؟ مع العلم أنها لما عرفت أن فيها وصية ، لم توافق عليها ، وتريد أن تقطع الوصية من غير أن يعرف باقي الورثة ؛ ومع العلم أن عمي قال : إنه لم يقبل أن يترك الشنطة في بيته ، ولا عند امرأته ، أو عند والدها ، ومع العلم أيضا أنه كاتب في وصيته نصف أرضه لأخواته ، ومال نهاية خدمته يطلع كله لأخواته ، بعدما يقضى دينه ؟
أوصى بنصف أرضه لأخواته فهل تنفذ وصيته ؟
السؤال: 174421
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز إعطاء الشنطة والأوراق لامرأة عمك ؛ لما ذكرت من احتمال تمزيقها للوصية وعدم إطلاع الورثة عليها .
والواجب أن تطلع جميع الورثة على الوصية ، أو تعطي الأوراق لشخص مأمون يعمل على تنفيذ الوصية – إذا كانت موافقة للشرع .
والوصية الموافقة للشرع هي ما كنت في حدود الثلث ، ولغير الورثة .
فإن زادت الوصية على الثلث ، أو كانت لأحد الورثة ، توقفت على موافقة جميع الورثة على تنفيذ ما زاد على الثلث ، أو تنفيذها من أصلها إن كانت لأحد الورثة .
والأصل في ذلك ما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس بلفظ : ( لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام .
وروى البخاري (5659) ومسلم (1628) عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ فَقَالَ لَا قُلْتُ فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ قَالَ لَا قُلْتُ فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : ( الثُّلُثُ ؛ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” فالوارث لا يجوز للإنسان أن يوصي له لا بقليل ولا بكثير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) ، ولأن الوصية للوارث تؤدي إلى أن يأخذ من المال أكثر مما فرض الله له ، وهذا تعدٍ لحدود الله ، وغير الوارث تجوز بالثلث فأقل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه : ( الثلث والثلث كثير ).
قوله : ( إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت فتصح تنفيذا ) ، ظاهر كلامه رحمه الله أنه إذا أجازها الورثة صارت حلالا ، وفيه نظر ، والصواب أنها حرام ، لكن من جهة التنفيذ تتوقف على إجازة الورثة ، فتصح تنفيذا لا ابتداءَ عطية ” انتهى من “الشرح الممتع” (11/ 139).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب