0 / 0
4,17826/06/2012

هل يجوز لموظفي الدولة بيع المساكن التي توفرها لهم الدولة ؟

السؤال: 174461

أنا أسكن في حي سكني تابع للدولة ، ويسكن هذا الحي موظفو الدولة ، ويقوم بعض الموظفين ببيع هذه الدور فيما بينهم ؟ وأحيانا يشتري البيت شخص ليس بموظف ؛ فهل هذا يجوز؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لهذه المسألة ثلاث صور :
الأولى : أن تعطيهم الدولة هذه البيوت للانتفاع بها بالسكنى ، دون تميلك .
ففي هذه الحال ، ليس لهم بيعها ، ولا تأجيرها ، لأنها ليست ملكاً لهم ، وليس لهم أن يسكنوا فيها من لا تجيز الدولة سكناه فيها ممن لا تتوافر فيهم الشروط .
قال الشيخ ابن باز : ” أما البيوت التي أعدتها الدولة للسكن ، فلا يسكنها إلا بإذن الدولة … ولا يسكنها إلا إذا توفرت فيه الشروط ، ولا يتساهل في خيانة الموظفين “.
انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (19/404) .
وينظر : جواب السؤال (111335) .
الثانية : أن تعطيها لهم على سبيل التمليك المطلق ، دون قيد ولا شرط .
ففي هذه الحال يجوز لهم التصرف بها مطلقاً كما يشاءون : بيعاً ، وهبةً ، وإجارةً ، وغير ذلك ؛ لأنها ملكهم ، وللإنسان أن يتصرف في ملكه كما يشاء .
الثالثة : أن تعطيها لهم على سبيل التمليك ، مع اشتراط عدم التصرف بها بيعاً أو هبةً إلا بإذنهم.
فهذه الصورة محل خلاف بين العلماء :

فجمهور العلماء على أن هذا الشرط باطل ، لا يلزم الوفاء به ؛ لأنه مخالف لمقتضى عقد البيع ، إذ مقتضى البيع والتمليك : أن المالك يبيع ملكه على من شاء.
وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الشرط صحيح ، إذا ترتب عليه تحقيق غرض مقصود للبائع ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال شيخ الإسلام: ” وَأُصُولُ أَحْمَد وَنُصُوصُهُ تَقْتَضِي جَوَازَ شَرْطِ كُلِّ تَصَرُّفٍ فِيهِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْعٌ مِنْ غَيْرِهِ “. انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/ 169).
وقال : ” وَكَذَلِكَ جَوَّزَ أَنْ يَشْتَرِطَ بَائِعُ الْجَارِيَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ ، وَأَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُهَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَيْعَهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، كَمَا رَوَوْهُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَامْرَأَتِهِ زَيْنَبَ “. انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/170).
وقال : ” وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَالَ : هَذَا الشَّرْطُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ ، قِيلَ لَهُ : يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ ، أَوْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا؟
فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ: فَكُلُّ شَرْطٍ كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ: لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ ؛ وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ: أَنْ يُنَافِيَ مَقْصُودَ الْعَقْدِ ، كَاشْتِرَاطِ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ ، أَوْ اشْتِرَاطِ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدِ.
فَأَمَّا إذَا شَرَطَ مَا يُقْصَدُ بِالْعَقْدِ : لَمْ يُنَافِ مَقْصُودَهُ ، هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ ، بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ ، وَالِاعْتِبَارِ ، مَعَ الِاسْتِصْحَابِ ، وَعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُنَافِي”.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/137) .

وما ذهب إليه شيخ الإسلام قول وجيه ، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين أيضاً ، حيث قال : ” الصحيح أن في ذلك تفصيلاً ، وهو إن كان شرط عدم البيع لمصلحة تتعلق بالعاقد أو بالمعقود عليه ، فإن الصحيح صحة ذلك “. انتهى من “الشرح الممتع” (8/ 243).

والحاصل : أنه لا يجوز لهم بيع هذه المساكن إذا أعطيت لهم على سبيل الانتفاع بها ، أو بيعت لهم مع شرط عدم بيعها لغيرهم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android