تنزيل
0 / 0

حكم المال المكتسب من مناقصة وهمية

السؤال: 174716

أرجو منكم إفادتي في سؤالي المطلوب لأني والله أرتجي المال الحلال في حياتي في كل الجوانب واسأل الله تعالى دائما أن يغنيني بحلاله عن حرامه , أنا متعب جدّاً وفكري دائماً شارد بسبب الموضوع الذي سوف أذكره ، فأرجو منكم إفادتي والرد على سؤالي .
السؤال الأول :
أنا أعمل مسئولاً للمشتريات في منظمة أجنبية وفي كل عام نقوم بشراء مواد عينية ( فرشات وبطانيات ومواد تنظيف … الخ ) لنقوم بتوزيعها على اللاجئين والمحتاجين ، وبحكم وظيفتي يجب عليَّ إحضار ثلاثة عروض أسعار من ثلاث شركات مختلفة عندما نريد شراء مادة معينة ، وبعد إحضار العروض تقوم اللجنة ( أنا أحد أفراد اللجنة ) بفتح العروض لاختيار الشركة الفائزة بالعطاء ، بالاعتماد على السعر المقدم ونوعية المادة المقدمة ، وعادة ما يتم أخذ السعر الأقل ويكون هو الفائز بالعطاء .
بداية السؤال : قررتُ أنا ومديري ( الذي هو فرد من لجنة اختيار العروض ) أن ندخل في هذا العطاء ونقدم عرض سعر باسم شركة معينة ورأس المال يكون منَّا والعائد عند الربح يكون لنا , قمت أنا بحكم وظيفتي بإحضار ثلاثة عروض من ثلاث شركات ( إحدى هذه الشركات هي الشركة التي قدمت عرض السعر الخاص بنا ) والشركتان الأخريان قمت أنا بكتابة السعر المطلوب للعطاء ، وبعد ذلك قدمت السعر الخاص بنا ليكون هو أرخص الأسعار من الشركات الأخرى ونكون نحن الفائزين بالعطاء ( أي إنني أنا الذي قمت بإحضار شركات وهمية وقمت بجعل السعر المقدم منا هو الأرخص لنفوز في العطاء ) أي إنني قمت بتلزيم العطاء لشركتنا لنفوز في العطاء , وفعلا قامت اللجنة بفتح العروض وكان عرض السعر المقدم منا هو الأرخص وفزنا في العطاء , وبعد ذلك بدأنا العمل وكان رأس المال منا وبعد توريد المواد كنا نجني الأرباح ونقتسمها بالنصف لكل منَّا .
سؤالي : هل ما قمت به حلال أم حرام ؟ وهل المال الذي جنيناه حلال أم حرام ؟ أرجو إفادتي فوالله إني شارد الذهن وضميري يؤنبني دائما ، علما أني قمت بعمل صلاة الاستخارة خمس مرات قبل البدء بالعمل وكنت مرتاحاً ! ولم أحس بأية إشارة منفرة .
= إذا كان المال الذي جنيته حراماً ماذا أعمل به ؟ علما بأني لا أستطيع إعادتة إلى الشركة وقد قمت بصرف جزء منه .
السؤال الثاني :
نحن منظمة أجنبية غير ربحية ، وفي كل سنة تأتينا منح من الدول المانحة على شكل أموال ، ونحن نقوم بصرفها على مستحقيها ، وفي نهاية السنة إذا لم نقم بصرف الأموال فإن ما تبقى منها يعود إلى الدول المانحة ويتم خصمه من منحة السنة التي تليها , وفي نهاية السنة المالية الحالية قام المدير بمراجعة المصاريف ووجد أن لدينا مبلغاً معيناً لم يتم صرفه وكان يجب أن يصرف على أغراض للمكتب ( مواد تنظيف وقهوة وشاي …. الخ ) وقال المدير : بدلاً من أن يتم إعادة هذا المبلغ إلى الدولة المانحة أحضروا فاتورة شراء وهمية بقيمة المبلغ ، وقمت أنا بإحضار فاتورة شراء وهمية من شخص أعرفه وبعد ذلك تم تقسيم المبلغ فيما بيننا ، وقال المدير : هذا المبلغ سوف نذهب به رحلة ترفيهية إلى منطقة معينة ونقوم بصرفه هناك ، علما بأن كلاًّ منَّا أخذ نصف المبلغ .
سؤالي : هل هذا العمل هو حلال أم حرام ؟ وهل المال المجني حلال أم حرام ؟ بالنسبة لي لأنني أنا من قمت بإحضار الفاتورة الوهمية وأخذت نصف المبلغ , وإذا كان هذا المبلغ مالاً حراماً ماذا أعمل به علما بأني قد صرفت جزء منه لغير الرحلة الترفيهية .
أرجو منكم إفادتي مع الشكر الجزيل .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
عقود المناقصات مباحة في الأصل ، فإذا كانت المناقصة لتوريد بضاعة محرَّمة أو إنشاء
مبنى تقام فيه المعاصي وتفعل فيه المنكرات حرم الدخول في التنافس عليها ، وأما
التنافس للحصول على عقد على مباح شراء أو إنشاء : فيجوز المشاركة للتنافس عليه ،
وقد صدر من ” مجمع الفقه الإسلامي ” التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم 107 (
1 / 12 ) بعنوان ” عقود التوريد والمناقصات ” يجيز فيه عقود المناقصات ويجعل حكمها
كالمزايدة ، ومما جاء فيه :
” عقد المناقصات :
أولاً : المناقصة : طلب الوصول إلى أرخص عطاء ، لشراء سلعة أو خدمة ، تقدم فيها
الجهة الطالبة لها الدعوة للراغبين إلى تقديم عطاءاتهم وفق شروط ومواصفات محددة .

ثانياً : المناقصة جائزة شرعاً ، وهي كالمزايدة ، فتطبق عليها أحكامها ، سواء أكانت
مناقصة عامة أم محددة ، داخلية أم خارجية ، علنية أم سرية ، وقد صدر بشأن المزايدة
قرار المجمع رقم 73 ( 8 / 4 ) في دورته الثامنة .
ثالثاً : يجوز قصر الاشتراك في المناقصة على المصنَّفين رسميّاً ، أو المرخص لهم
حكوميّاً ، ويجب أن يكون هذا التصنيف أو الترخيص قائماً على أسس موضوعية عادلة ”
انتهى من مجلة المجمع ( العدد 12 ، ج 2 ، ص 391 ) .
ثانياً:
ما فعلتَه أنت ومديرك حرام لا شك ولا ريب ، وهو داخل في ” الغش ” المحرَّم وفي ”
تضييع الأمانة ” التي ائتمنك عليها أصحاب العمل ؛ فأنت بفعلك هذا قد عطَّلتَ فائدة
” المناقصة ” ولم تقم بها على وجهها الصحيح ، مع وقوعك في ” التزوير ” وذلك بوضع
سعر من عندك لشركتين لم تدخلهما في المنافسة الحقيقية ، فأوقعتما ” الضرر ” على
شركات أخرى كان يمكن أن تفوز بالمناقصة فصار فيه ” أكل مال بالباطل ” ، فيتبين لك
بما سبق أن ما فعلته أنت ومديرك محرمات يقينية ، وصار الكسب الناتج من تلك الصفقة
محرَّم لا يحل لكما الانتفاع بقرش واحد منه .
ولا ندري كيف تقوم باستخارة على عمل محرَّم ، ولا نظن تحريم ذلك مما يخفى عليك ؛
وإلا فأسأل نفسك : هل تحب أن يطلع الناس ، وأصحاب الشركة ، على ما فعلت أنت
وصاحبك؟!!
وأنت أعلم الناس بحكم عملك وخبرتك أن المناقصات تقوم على التنافس الشريف ، وأن من
مصلحة صاحب العمل الحصول على عروض مختلفة لشركات مختلفة بأسعار متفاوتة ليختار
الأنسب له ، وأنت لم تقم بعملك الذي تستحق عليه الراتب الشهري ، وصاحب العمل خُدع
بالمال الذي دفعه ثمناً لتلك المشتريات ، فالسعر المقدم ليس تنافسيّاً وأنت كنتَ
السبب في ذلك ، فنرى أن الاستخارة لفعل أمر غير جائز تحتاج لتوبة واستغفار منه ؛
فلم تشرع الاستخارة لمثل هذا ، وما وجدته من راحة لا يلتفت إليه لأنه من الهوى الذي
قادك – ومديرك – للفعل المحرَّم ذاك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 137124 )
.

ثالثاً:
أما ما يجب عليكما فعله في هذا المال فمن قواعد أحكام المال الحرام : أنه لا يدخل
في ملك المسلم ، وأنه يجب إرجاعه إلى أصحابه ، ولكن ما هو مقدار المال المحرَّم
الذي يلزمكم إرجاعه لأصحابه ؟ الذي نراه : أن مقداره هو ما زاد عن السعر الأقل فيما
لو حصلت منافسة شريفة بين الشركات للحصول على تلك المناقصة ، ويرجع تحديد ذلك
بسؤالك هاتين الشركتين وشركة أخرى ثالثة عن سعرهم ، لو شاركوا حقيقة في تلك
المناقصة ، فما كان الأقل من ذلك ، فهو السعر المعتمد ، وما زاد فليس لكما الحق فيه
؛ بل هو من مال تلك المنظمة .
لذا فعليكما مع التوبة إلى الله أن ترجعا ذلك المال المحرَّم عليكما تملكه إلى تلك
المنظمة التي تعملون فيها بأي طريقة كانت ، من غير أن يرجع عليكم ذلك بالضرر ، فإن
لم تتمكنوا من ذلك فأنفقوا ذلك المال على مكان العمل ، كأن تشتروا به منظفات وأوراق
وأحبار وغيرها مما يصرف لكم من أصحاب العمل . فإن لم يمكن ذلك : فاصرفوه في المصارف
التي تضع فيها هذه المنظمة معوناتها ، وإلا فتصدقوا بها عن أصحابها الذي خدعتموهم ،
وأكلتم أموالهم .

ثالثاً:
ما قمتَ به أنت والمدير من صرف المال الزائد عن إنفاقه على مستحقيه من تلك المنح :
مالٌ محرَّم ، يلزمكما التوبة من أخذه ، ويلزمكما إخراجه من ملككما وإنفاقه في
الجهات التي يُصرف فيها مال المنح أصلاً ، فشراؤكم للشاي والقهوة والمنظفات وخروجكم
في رحلات ليس هذا من المصارف المعتمدة لإنفاق مال المنح عليه ، وكون بعض المال قد
زاد في أيديكم لا يبيح لكم إنفاقه عليكم ، بل كان الواجب عليكم صرفه في الجهات
المستحقة له ، أو رده إلى المنظمة ، لتتصرف فيه حسب نظامها .
ونرجو الله أن يوفقكما لتوبة صادقة ولإخراج ما دخل في ذمتكما من مال محرَّم برده
إلى أصحابه ، وإعطائه لمستحقيه .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android