أرجو منكم إفادتي في سؤالي المطلوب لأني والله أرتجي المال الحلال في حياتي في كل الجوانب واسأل الله تعالى دائما أن يغنيني بحلاله عن حرامه , أنا متعب جدّاً وفكري دائماً شارد بسبب الموضوع الذي سوف أذكره ، فأرجو منكم إفادتي والرد على سؤالي .
السؤال الأول :
أنا أعمل مسئولاً للمشتريات في منظمة أجنبية وفي كل عام نقوم بشراء مواد عينية ( فرشات وبطانيات ومواد تنظيف … الخ ) لنقوم بتوزيعها على اللاجئين والمحتاجين ، وبحكم وظيفتي يجب عليَّ إحضار ثلاثة عروض أسعار من ثلاث شركات مختلفة عندما نريد شراء مادة معينة ، وبعد إحضار العروض تقوم اللجنة ( أنا أحد أفراد اللجنة ) بفتح العروض لاختيار الشركة الفائزة بالعطاء ، بالاعتماد على السعر المقدم ونوعية المادة المقدمة ، وعادة ما يتم أخذ السعر الأقل ويكون هو الفائز بالعطاء .
بداية السؤال : قررتُ أنا ومديري ( الذي هو فرد من لجنة اختيار العروض ) أن ندخل في هذا العطاء ونقدم عرض سعر باسم شركة معينة ورأس المال يكون منَّا والعائد عند الربح يكون لنا , قمت أنا بحكم وظيفتي بإحضار ثلاثة عروض من ثلاث شركات ( إحدى هذه الشركات هي الشركة التي قدمت عرض السعر الخاص بنا ) والشركتان الأخريان قمت أنا بكتابة السعر المطلوب للعطاء ، وبعد ذلك قدمت السعر الخاص بنا ليكون هو أرخص الأسعار من الشركات الأخرى ونكون نحن الفائزين بالعطاء ( أي إنني أنا الذي قمت بإحضار شركات وهمية وقمت بجعل السعر المقدم منا هو الأرخص لنفوز في العطاء ) أي إنني قمت بتلزيم العطاء لشركتنا لنفوز في العطاء , وفعلا قامت اللجنة بفتح العروض وكان عرض السعر المقدم منا هو الأرخص وفزنا في العطاء , وبعد ذلك بدأنا العمل وكان رأس المال منا وبعد توريد المواد كنا نجني الأرباح ونقتسمها بالنصف لكل منَّا .
سؤالي : هل ما قمت به حلال أم حرام ؟ وهل المال الذي جنيناه حلال أم حرام ؟ أرجو إفادتي فوالله إني شارد الذهن وضميري يؤنبني دائما ، علما أني قمت بعمل صلاة الاستخارة خمس مرات قبل البدء بالعمل وكنت مرتاحاً ! ولم أحس بأية إشارة منفرة .
= إذا كان المال الذي جنيته حراماً ماذا أعمل به ؟ علما بأني لا أستطيع إعادتة إلى الشركة وقد قمت بصرف جزء منه .
السؤال الثاني :
نحن منظمة أجنبية غير ربحية ، وفي كل سنة تأتينا منح من الدول المانحة على شكل أموال ، ونحن نقوم بصرفها على مستحقيها ، وفي نهاية السنة إذا لم نقم بصرف الأموال فإن ما تبقى منها يعود إلى الدول المانحة ويتم خصمه من منحة السنة التي تليها , وفي نهاية السنة المالية الحالية قام المدير بمراجعة المصاريف ووجد أن لدينا مبلغاً معيناً لم يتم صرفه وكان يجب أن يصرف على أغراض للمكتب ( مواد تنظيف وقهوة وشاي …. الخ ) وقال المدير : بدلاً من أن يتم إعادة هذا المبلغ إلى الدولة المانحة أحضروا فاتورة شراء وهمية بقيمة المبلغ ، وقمت أنا بإحضار فاتورة شراء وهمية من شخص أعرفه وبعد ذلك تم تقسيم المبلغ فيما بيننا ، وقال المدير : هذا المبلغ سوف نذهب به رحلة ترفيهية إلى منطقة معينة ونقوم بصرفه هناك ، علما بأن كلاًّ منَّا أخذ نصف المبلغ .
سؤالي : هل هذا العمل هو حلال أم حرام ؟ وهل المال المجني حلال أم حرام ؟ بالنسبة لي لأنني أنا من قمت بإحضار الفاتورة الوهمية وأخذت نصف المبلغ , وإذا كان هذا المبلغ مالاً حراماً ماذا أعمل به علما بأني قد صرفت جزء منه لغير الرحلة الترفيهية .
أرجو منكم إفادتي مع الشكر الجزيل .
حكم المال المكتسب من مناقصة وهمية
السؤال: 174716
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
عقود المناقصات مباحة في الأصل ، فإذا كانت المناقصة لتوريد بضاعة محرَّمة أو إنشاء مبنى تقام فيه المعاصي وتفعل فيه المنكرات حرم الدخول في التنافس عليها ، وأما التنافس للحصول على عقد على مباح شراء أو إنشاء : فيجوز المشاركة للتنافس عليه ، وقد صدر من ” مجمع الفقه الإسلامي ” التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم 107 ( 1 / 12 ) بعنوان ” عقود التوريد والمناقصات ” يجيز فيه عقود المناقصات ويجعل حكمها كالمزايدة ، ومما جاء فيه :
” عقد المناقصات :
أولاً : المناقصة : طلب الوصول إلى أرخص عطاء ، لشراء سلعة أو خدمة ، تقدم فيها الجهة الطالبة لها الدعوة للراغبين إلى تقديم عطاءاتهم وفق شروط ومواصفات محددة .
ثانياً : المناقصة جائزة شرعاً ، وهي كالمزايدة ، فتطبق عليها أحكامها ، سواء أكانت مناقصة عامة أم محددة ، داخلية أم خارجية ، علنية أم سرية ، وقد صدر بشأن المزايدة قرار المجمع رقم 73 ( 8 / 4 ) في دورته الثامنة .
ثالثاً : يجوز قصر الاشتراك في المناقصة على المصنَّفين رسميّاً ، أو المرخص لهم حكوميّاً ، ويجب أن يكون هذا التصنيف أو الترخيص قائماً على أسس موضوعية عادلة ” انتهى من مجلة المجمع ( العدد 12 ، ج 2 ، ص 391 ) .
ثانياً:
ما فعلتَه أنت ومديرك حرام لا شك ولا ريب ، وهو داخل في ” الغش ” المحرَّم وفي ” تضييع الأمانة ” التي ائتمنك عليها أصحاب العمل ؛ فأنت بفعلك هذا قد عطَّلتَ فائدة ” المناقصة ” ولم تقم بها على وجهها الصحيح ، مع وقوعك في ” التزوير ” وذلك بوضع سعر من عندك لشركتين لم تدخلهما في المنافسة الحقيقية ، فأوقعتما ” الضرر ” على شركات أخرى كان يمكن أن تفوز بالمناقصة فصار فيه ” أكل مال بالباطل ” ، فيتبين لك بما سبق أن ما فعلته أنت ومديرك محرمات يقينية ، وصار الكسب الناتج من تلك الصفقة محرَّم لا يحل لكما الانتفاع بقرش واحد منه .
ولا ندري كيف تقوم باستخارة على عمل محرَّم ، ولا نظن تحريم ذلك مما يخفى عليك ؛ وإلا فأسأل نفسك : هل تحب أن يطلع الناس ، وأصحاب الشركة ، على ما فعلت أنت وصاحبك؟!!
وأنت أعلم الناس بحكم عملك وخبرتك أن المناقصات تقوم على التنافس الشريف ، وأن من مصلحة صاحب العمل الحصول على عروض مختلفة لشركات مختلفة بأسعار متفاوتة ليختار الأنسب له ، وأنت لم تقم بعملك الذي تستحق عليه الراتب الشهري ، وصاحب العمل خُدع بالمال الذي دفعه ثمناً لتلك المشتريات ، فالسعر المقدم ليس تنافسيّاً وأنت كنتَ السبب في ذلك ، فنرى أن الاستخارة لفعل أمر غير جائز تحتاج لتوبة واستغفار منه ؛ فلم تشرع الاستخارة لمثل هذا ، وما وجدته من راحة لا يلتفت إليه لأنه من الهوى الذي قادك – ومديرك – للفعل المحرَّم ذاك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 137124 ) .
ثالثاً:
أما ما يجب عليكما فعله في هذا المال فمن قواعد أحكام المال الحرام : أنه لا يدخل في ملك المسلم ، وأنه يجب إرجاعه إلى أصحابه ، ولكن ما هو مقدار المال المحرَّم الذي يلزمكم إرجاعه لأصحابه ؟ الذي نراه : أن مقداره هو ما زاد عن السعر الأقل فيما لو حصلت منافسة شريفة بين الشركات للحصول على تلك المناقصة ، ويرجع تحديد ذلك بسؤالك هاتين الشركتين وشركة أخرى ثالثة عن سعرهم ، لو شاركوا حقيقة في تلك المناقصة ، فما كان الأقل من ذلك ، فهو السعر المعتمد ، وما زاد فليس لكما الحق فيه ؛ بل هو من مال تلك المنظمة .
لذا فعليكما مع التوبة إلى الله أن ترجعا ذلك المال المحرَّم عليكما تملكه إلى تلك المنظمة التي تعملون فيها بأي طريقة كانت ، من غير أن يرجع عليكم ذلك بالضرر ، فإن لم تتمكنوا من ذلك فأنفقوا ذلك المال على مكان العمل ، كأن تشتروا به منظفات وأوراق وأحبار وغيرها مما يصرف لكم من أصحاب العمل . فإن لم يمكن ذلك : فاصرفوه في المصارف التي تضع فيها هذه المنظمة معوناتها ، وإلا فتصدقوا بها عن أصحابها الذي خدعتموهم ، وأكلتم أموالهم .
ثالثاً:
ما قمتَ به أنت والمدير من صرف المال الزائد عن إنفاقه على مستحقيه من تلك المنح : مالٌ محرَّم ، يلزمكما التوبة من أخذه ، ويلزمكما إخراجه من ملككما وإنفاقه في الجهات التي يُصرف فيها مال المنح أصلاً ، فشراؤكم للشاي والقهوة والمنظفات وخروجكم في رحلات ليس هذا من المصارف المعتمدة لإنفاق مال المنح عليه ، وكون بعض المال قد زاد في أيديكم لا يبيح لكم إنفاقه عليكم ، بل كان الواجب عليكم صرفه في الجهات المستحقة له ، أو رده إلى المنظمة ، لتتصرف فيه حسب نظامها .
ونرجو الله أن يوفقكما لتوبة صادقة ولإخراج ما دخل في ذمتكما من مال محرَّم برده إلى أصحابه ، وإعطائه لمستحقيه .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة