أريد من فضيلتكم توضيح كيف نطبق سنة اللعق بعد الطعام. هل الصحيح أن نلعق الأصابع ؟ ، أم الأصابع وكف اليد معها ؟ لأن الحديث فيها صرح باليد كما جاء عند مسلم : ( ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة ) ، وفي رواية : ( ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها ، أو يلعقها ) وما بعده (2033) ، وكذلك : ( إذا أكل أحدكم من الطعام فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها ) ، قال أبو الزبير : سمعت جابر بن عبد الله يقول : ذلك سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يلعقها فإن آخر الطعام فيه البركة ) رواه أحمد في مسنده ، فماذا علينا فعله – أفادكم الله – ؟
كيف نطبق سنة اللعق بعد الفراغ من الطعام ؟
السؤال: 174946
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يسن بعد الفراغ من الأكل لعق الأصابع وصحفة الطعام قبل مسح اليد بالمنديل أو غسلها .
قال البخاري رحمه الله في "صحيحه" (7/82) :
" بَاب لَعْقِ الْأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ "
ثم روى (5456) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا وكذا رواه مسلم (2031) .
قال النووي رحمه الله :
" وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَلْعَقهَا أَوْ يُلْعِقهَا ) مَعْنَاهُ – وَاللَّهُ أَعْلَم – لَا يَمْسَح يَده حَتَّى يَلْعَقهَا , فَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَحَتَّى يُلْعِقهَا غَيْره مِمَّنْ لَا يَتَقَذَّر ذَلِكَ ، كَزَوْجَةٍ وَجَارِيَة وَوَلَد وَخَادِم يُحِبُّونَهُ وَيَلْتَذُّونَ بِذَلِكَ وَلَا يَتَقَذَّرُونَ , وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ كَتِلْمِيذٍ , وَكَذَا لَوْ أَلْعَقهَا شَاة وَنَحْوهَا " انتهى .
وروى مسلم (2034) وأبو داود (3845) والترمذي (1803) عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ قَالَ : وَقَالَ : إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ قَالَ : فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةُ .
نَسْلُت الْقَصْعَة مَعْنَاهُ : نَمْسَحهَا ، وَنَتَتَبَّع مَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ الطَّعَام .
ثانيا :
السنة الأكل بثلاث أصابع : الإبهام والتي تليها والوسطى ، ولو احتاج إلى الأكل بأكثر من ذلك أو بالكف كلها فلا حرج عليه
روى مسلم (2032) عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا " .
واللعق يعني المص ، أن تمص الأصبع ، أو الكف ، إن كان أكل شيئا بجمع كفه ، وتلحس ، حتى لا يبقى به أثر للطعام .
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (24934) عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا طعم أحدكم فلا يمسح يده حتى يمصها ، فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له فيه .
وقال النووي رحمه الله :
" فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنْوَاع مِنْ سُنَن الْأَكْل , مِنْهَا اِسْتِحْبَاب لَعْق الْيَد مُحَافَظَة عَلَى بَرَكَة الطَّعَام وَتَنْظِيفًا لَهَا , وَاسْتِحْبَاب الْأَكْل بِثَلَاثِ أَصَابِع , وَلَا يَضُمّ إِلَيْهَا الرَّابِعَة وَالْخَامِسَة إِلَّا لِعُذْرٍ بِأَنْ يَكُون مَرَقًا وَغَيْره مِمَّا لَا يُمْكِن بِثَلَاثٍ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَار , وَاسْتِحْبَاب لَعْق الْقَصْعَة وَغَيْرهَا , وَاسْتِحْبَاب أَكْل اللُّقْمَة السَّاقِطَة بَعْد مَسْح أَذًى يُصِيبهَا , هَذَا إِذَا لَمْ تَقَع عَلَى مَوْضِع نَجِس , فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مَوْضِع نَجِس تَنَجَّسَتْ , وَلَا بُدّ مِنْ غَسْلهَا إِنْ أَمْكَنَ , فَإِنْ تَعَذَّرَ أَطْعَمَهَا حَيَوَانًا وَلَا يَتْرُكهَا لِلشَّيْطَانِ , وَمِنْهَا إِثْبَات الشَّيَاطِين , وَأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا إِيضَاح هَذَا , وَمِنْهَا جَوَاز مَسْح الْيَد بِالْمِنْدِيلِ , لَكِنَّ السُّنَّة أَنْ يَكُون بَعْد لَعْقهَا " انتهى .
والحاصل :
أن السنة أن يكون الأكل بأصابعه الثلاث ، وحينئذ يلعق هذه الأصابع التي أكل بها ؛ فإن احتاج إلى أن يأكل بكفه ، فلا حرج عليه ، ويستحب له حينئذ أن يلعق كفه التي أكل بها ، قبل أن يمسحها ، أو يغسلها .
راجع لمعرفة آداب الأكل بالتفصيل إجابة السؤال رقم : (13348) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة