0 / 0
90,55401/01/2012

كيف يتصرف من تعرَّض للضرب في الشارع من قبَل معتدين ؟

السؤال: 175170

عندما أدخل في مشاجرة أو مناورة بين أشخاص يكرهونني ويكونون منعدمي الأخلاق فإني أكون هادئاً وغير متعصب ، وغير ذلك فإني أنصحهم لله أكثر من مرة على أن ما يفعلونه من العنف المكروه في الإسلام وأنه يجب أن يحترموا تربية الأب والأم وألا يسبوا وغير ذلك .
لكن عندما يبدأ أحد بالهجوم عليَّ فإني لا أرد الضربات لأني لا أعلم موقف الإسلام من ذلك ، هل أرد كل ضربة بضربة مثلها أو أقف ولا أدافع عن نفسي ؟ وأقول هذا لأني أعلم أنني لو حدث وهجمت سأكون مؤذيا بالفعل ! .
فالرجاء منكم أن تجيبوني على موقف الإسلام من ” رد ” الضرب والعنف ، وأرجو أن يكون مصحوبا بالأدلة الإسلامية إن أمكن .
وجزاكم الله عن أفعالكم خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قد أحسنتَ في نصحك لأولئك الأشرار وتذكيرهم بالله تعالى على ما يصدر منهم من سوء أقوال وأفعال ، وهذا الذي يجب على المسلم فعله حين رؤية أو سماع مثل تلك المنكرات .
وإذا حصل منهم – بعد ذلك – اعتداء عليكَ فإنه يجوز لك دفعهم ، ويسمَّى هذا – في الشرع – ” دفع الصائل ” ، على أن هناك ضوابط لهذا الدفع ، أهمها أمران :

الأول : أن تدفعه بالأخف فالأخف ، فلا تضربه وأنت قادر على دفعه ، ولا تضرب بعصا مع استطاعتك ضربه بيدك .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 28 / 106 ) : ” ويُدفع الصائل بالأخف فالأخف إن أمكن ، فإن أمكن دفعه بكلام أو استغاثة بالناس : حرُم الضرب ، أو أمكن دفعه بضرب بيد حرُم بسوط ، أو بسوط حرُم بعصا ، أو أمكن دفعه بقطع عضو حرُم دفعه بقتل ؛ لأن ذلك جُوِّز للضرورة ، ولا ضرورة في الأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأخف .
وعليه : فلو اندفع شره بشيء آخر كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله أو حال بينهما جدار أو خندق أو غير ذلك : لم يكن له ضربه ، وإن ضربه ضربة عطلتْه : لم يكن له أن يثني عليه ؛ لأنه كُفيَ شرُّه ، ولأن الزائد على ما يحصل به الدفع لا حاجة إليه فلم يكن له فعله ” انتهى .

الثاني : تجنب الضرب على الوجه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِذَا ضرب أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ ) .
رواه البخاري ( 2420 ) ومسلم ( 2612 ) – واللفظ له – ، ورواه – أيضاً – بلفظ ( فَلاَ يَلْطِمَنَّ الوَجْهَ ) .

قال ولي الدين العراقي – رحمه الله – : ” قَدْ يُقَال إنَّ قَوْلَهُ [ يعني في رواية الحديث (إذا قاتل أحدكم أخاه) ] قَاتَلَ : بِمَعْنَى قَتَلَ وَإِنَّ الْمُفَاعَلَةَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا ، بَلْ هِيَ مِثْلُ عَاقَبْت اللِّصَّ ، وَطَارَقْتُ النَّعْلَ ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إذَا ضَرَبَ ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَلْطُمَنَّ الْوَجْهَ .
وَقَدْ يُقَالُ : هِيَ عَلَى بَابِهَا ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَتْ مُقَاتَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، وَلَوْ فِي دَفْعِ صَائِلٍ وَنَحْوِهِ : يَتَّقِي وَجْهَهُ ؛ فَمَا ظَنُّك بِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَرْبٌ ، فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَتَّقِيَ الْوَجْهَ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُدَافَعَةِ قَدْ تَضْطَرُّهُ الْحَالُ إلَى الضَّرْبِ فِي وَجْهِهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَنَهَى عَنْهُ ؛ فَاَلَّذِي لَا يُدَافِعُهُ الْمَضْرُوبُ أَوْلَى بِأَنْ يُؤْمَرَ بِاجْتِنَابِ الْوَجْهِ.” انتهى من ” طرح التثريب ” ( 8 / 16 ) .
وانظر جوابي السؤالين (78978 ) و (83420 ) .

وإذا كنتَ في بلد يحكم بالشرع في القصاص ، فلك أن تقاضي من ضربك لتقتص منه بمثل ما فعل بك ، والصحيح من قولي العلماء أن الضرب مما يجوز فيه القصاص .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ” وأما القصاص في الضرب بيده أو بعصاه أو سوطه مثل أن يلطمه أو يلكمه أو يضربه بعصا ونحو ذلك : فقد قالت طائفة من العلماء : إنه لا قصاص فيه بل فيه التعزير ؛ لأنه لا تمكن المساواة فيه .
والمأثور عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين : أن القصاص مشروع في ذلك ، وهو نص أحمد وغيره من الفقهاء ، وبذلك جاءت سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الصواب ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 28 / 379 ) .

على أنه من المهم هنا أن يعلم هذا الخصم أنك إنما تركته لله ، وعفوت عنه عن قدرة ، لا عن عجز ؛ وخاصة إذا كان من سفهاء القوم ، وأراذل الناس ؛ وإذا اضطرك الحال إلى أن تمسك به ، أو تجعله في موقف يوقن فيه بمقدرتك على الرد ، وعلى عقابه فهو حسن ؛ فالعفو مطلوب ، وهو من محاسن الأخلاق والفضائل ؛ لكن بحيث لا يغري السفهاء بك ، ويجرئهم على إيذائك .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android