هل يجوز قتل الشخص المريض بداء الكلب ، بعد اليأس من علاجه ، وأصبح يهدد الآخرين؟
هل يقتل المريض المصاب بداء الكلب إذا يئس من علاجه ؟
السؤال: 175379
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز قتل المصاب بداء الكلب ولا بغيره من الأدواء المعدية القاتلة كالطاعون والجذام ؛ لعظم حرمة النفس ، وحرمة الاعتداء عليها ، وإنما يستعمل هنا الحجر الصحي ، فيوضع المصاب في مكان خاص ، ويمنع من مخالطة الناس .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الجذام : ( فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ ) رواه أحمد (9720) من حديث أبي هريرة . وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند ، وقد رواه البخاري في صحيحه معلقا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” الجذام هو مرض يصيب الإنسان في أطرافه أحيانا والعياذ بالله ، إذا بدأ بالطرف يتآكل يتآكل حتى يقضي على البدن كله ، ولهذا قال العلماء إنه لا يجوز أن يخالط الجذماء الناس ، وإنه يجب على ولي الأمر أن يجعلهم في مكان خاص ، وهو ما يعرف الآن عند الناس بالحجر الصحي ؛ لأن هذا المرض والعياذ بالله الجذام من أشد الأمراض عدوى يسري سير الهواء ، نسأل الله العافية قالوا يجب على ولي الأمر أن يجعل الجذماء المصابين بمرض الجذام في مكان خاص كي لا يختلطوا بالناس ” انتهى من “شرح رياض الصالحين”.
وفي ” كشاف القناع ” (6/ 126) : ” ولا يجوز للجذماء مخالطة الأصحاء عموما ولا مخالطة أحد معين صحيح إلا بإذنه , وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الأصحاء ، بأن يسكنوا في مكان مفرد لهم ونحو ذلك ، وإذا امتنع ولي الأمر من ذلك ، أو المجذوم : أثم ، وإذا أصر على ترك الواجب مع علمه به : فسق ) . قاله [أي شيخ الإسلام ابن تيمية] في الاختيارات وقال : كما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه , وكما ذكر العلماء ” انتهى .
وفي “الموسوعة الفقهية” (15/ 131) : ” ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى منع مجذوم يتأذى به من مخالطة الأصحاء والاجتماع بالناس لحديث : ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) . وقال الحنابلة : لا يحل لمجذوم مخالطة صحيح إلا بإذنه . فإذا أذن الصحيح لمجذوم بمخالطته جاز له ذلك . لحديث ( لا عدوى ولا طيرة ) ، ولم نر للحنفية نصا في المسألة . وإذا كثر عدد الجذمى فقال الأكثرون : يؤمرون أن ينفردوا في مواضع عن الناس : ولا يمنعون من التصرف في حوائجهم ، وقيل : لا يلزم الانفراد ، ولو استضر أهل قرية فيهم جذمى بمخالطتهم في الماء ، فإن قدروا على استنباط ماء بلا ضرر أمروا به ، وإلا استنبطه لهم الآخرون , أو أقاموا من يستقي لهم وإلا فلا يمنعون ” انتهى .
وما قيل في الجذام يقال في غيره من الأمراض المعدية التي تؤدي للهلاك .
وأما قتل النفس المعصومة فلا يجوز إلا فيما أباحت الشريعة ، كما في الحديث : ( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ) رواه البخاري (6878) ومسلم (1676).
وفي مثل هذه الحال ، إلى أن يتم حجره ، ينبه من حوله إلى خطره ، وإذا لم تقم الدولة بذلك الحجر ، فعلى أهله والمحيطين به أن يقوموا هم بذلك ، فيجعلوه في مكان لا يتمكن من أذى أحد فيه .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب