أريد أن أعرف على أي أساس اللعب بالصور ( العرائس ) مباح لغير البالغين ؟ في شرح هذا الحديث في ” فتح الباري ” : ” كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم … إلى آخره ” أورد الإمام ابن حجر قول الإمام الخطابي : أَنَّ اللَّعِبَ بِالْبَنَاتِ لَيْسَ كَالتَّلَهِّي بِسَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا الْوَعِيدُ ، وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لِعَائِشَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا إِذْ ذَاكَ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ . ثم يقول : ” قُلْتُ : وَفِي الْجَزْمِ بِهِ نَظَرٌ ، لَكِنَّهُ مُحْتَملٌ ; لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِمَّا أَكْمَلَتْهَا أَوْ جَاوَزَتْهَا أَوْ قَارَبَتْهَا ، وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ قَطْعًا فَيَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ فِي خَيْبَرَ ” .انتهى سؤالي : ماذا لو كانت أمُّنا عائشة رضي الله عنها بلغت في سنِّ العاشرة مثلاً ؟ ماذا لو كان هذا الحديث وقت تبوك ؟ فاللعب بالصور إذن ليس مباحاً للصغار فقط . وفي حديث نظر أمِّنا عائشة للعب الحبشة يوم العيد يقول أيضاً : ” فَالظَّاهِرُ : أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ بُلُوغِهَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ الْحَبَشَةِ وَكَانَ قُدُومُهُمْ سَنَةَ سَبْعٍ فَيَكُونُ عُمْرُهَا حِينَئِذٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ” . انتهى والسؤال هنا : لماذا يَعتبر الإمام ابن حجر سن البلوغ هو 15 سنة ؟ لماذا يتجاهل عادة النساء في البلوغ قبل هذا السن بكثير ؟ .
هل اتخاذ الدمى خاص بالإناث ؟ وهل يجوز اللعب بها بعد البلوغ ؟
السؤال: 175405
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
للبلوغ علامات يُعرف بها وصول الذكر والأنثى لوقت التكليف وجريان قلم السيئات عليهما ، وهو أول كمال العقل ، ولم يختلف العلماء في كون الاحتلام – وهو خروج المني من الرجل أو المرأة في يقظة أو منام – علامة مشتركة للبلوغ عند الذكر والأنثى ، كما لم يختلفوا في كون الحيض علامة بلوغ عند الأنثى ، وأما بخصوص بلوغ سن معينة – وهو ما يهمنا هنا – فقد اختلفوا في ذلك على أقوال :
1. فعند الشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد من الحنفية يكون البلوغ للذكر والأنثى بتمام خمس عشرة سنة قمرية .
2. وعند المالكية بتمام ثماني عشر سنة ، وقيل : بالدخول فيها .
3. وعند أبي حنيفة أن البلوغ بالسن للغلام بلوغ ثماني عشرة سنة ، والجارية بلوغها سبع عشرة سنة .
وانظر ” الموسوعة الفقهية ” ( 8 / 192 ) .
وننبه هنا إلى أن العلماء لا يمنعون من حصول البلوغ للذكر والأنثى قبل ذلك السن بعلامة من علامات البلوغ عندهم المتفق عليها – كالاحتلام والحيض – ، والمختلف فيها – كإنبات الشعر حول العانة – وإنما علامة البلوغ بالسن تكون عند عدم وجود علامة من علامات البلوغ تلك ؛ ومعنى ذلك : أن كل من بلغ سنه خمس عشرة سنة فقد بلغ سن التكليف ، ولو لم يظهر عليه شيء من العلامات المعروفة ، عند من اعتبر هذه السن من أهل العلم ؛ أما إذا ظهر عليه شيء من هذه العلامات ، ولو قبل ذلك بسنين : فقد بلغ .
وعليه : فما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله من أن البلوغ عند عائشة رضي الله هو عند وصولها لسن الخامس عشرة هو قول الشافعية والحنابلة واثنين من كبار علماء المذهب الحنفي ، فليس في ذلك غرابة من جهة ، وليس فيه نفي لحصول البلوغ قبل ذلك من جهة أخرى ، مع ما في اعتبار هذه السن ، والاستدلال عليها من الخلاف المعتبر بين أهل العلم ، وليس هذا موضع تحريره .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ” إذا تمَّ له خمس عشرة سنة فقد حصل البلوغ ، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال ” عُرضتُ على النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ” ، وفي رواية صحيحة للبيهقي وابن حبان ” ولم يرَنِ بلغتُ ، وعرضتُ عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغتُ ” ، الشاهد قوله ” ورآني بلغتُ ” ؛ لأننا لو اقتصرنا على الرواية الأولى رواية البخاري لنازع منازع وقال : إنه لم يجزه لا لأنه لم يبلغ ، ولا لأنه بلغ ، ولكن لأنه ليس أهلاً للقتال إما لضعف جسمه وإما لغير ذلك من الأسباب ، لكن رواية البيهقي وابن حبان تدل على أنه لم يجزه لعدم البلوغ ، وللبلوغ أجازه ، قال نافع : فقدمتُ على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته بهذا الحديث فقال : هذا هو حد البلوغ ، وكتب إلى عماله بذلك ، وعلى هذا فنقول : إذا تم للإنسان خمس عشرة سنة فهو بالغ ، وإن كان صغيراً في جسمه ، وإن لم يحتلم ، وإن لم تنبت عانته ، فيمكن أن يكون الإنسان في أول النهار غير مكلف وفي آخر النهار مكلفاً ، إذا ولد عند زوال الشمس وتم له خمس عشرة سنة عند زوال الشمس : بلغ ” انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 9 / 296 ، 297 ) .
ثانياً:
أما بخصوص صنع الدمى والعرائس واقتنائها في البيوت ، فجمهور العلماء يرون ذلك جائزاً ولو كانت على شكل ذوات الأرواح ، ويرون ذلك مستثنى من عموم تحريم صناعة التماثيل واقتنائها ، خلافاً لمن قال إن لعب الأطفال المباحة هي ما لم تكن على صورة آدمي ، وخلافاً لمن قال إن الجواز منسوخ بالأحاديث المحرمة لصناعة التماثيل واقتنائها .
ودليل الجواز حديثان مشتهران :
1. عن عائشة قالت : كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي … الحديث ) رواه البخاري ( 6130 ) وبوَّب عليه : باب الانبساط إلى الناس ، ومسلم ( 2440 ) .
قال الشوكاني – رحمه الله – : ” قوله ” بالبنات ” قال في ” القاموس ” : والبناتُ : التماثيل الصغار يُلْعبُ بها ” انتهى .
وقوله ( اللُّعب) – بضم اللام -: جمع لُعبة ، قال في ” القاموس ” : واللُّعبة – بالضم – : التمثال وما يُلعب به ، كالشطرنج ونحوه ” انتهى من ” نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ” ( 6 / 260 ) .
2. وعنها – أيضاً – رضي الله عنها قالت : قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ – أو خيبر – وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّت رِيحٌ فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَب ، فَقَالَ ( مَا هَذا يَا عَائِشَةُ ؟ ) قَالَت : بَنَاتِي ، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ ، فَقَال ( مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن ؟ ) قَالت : فَرَسٌ قَالَ ( وَمَا هَذا الذي عَليه ؟ ) قَالَت : جَنَاحَانِ ، قَالَ ( فَرَسٌ لَه جَناحانِ ؟ ) قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَت : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه .
رواه أبو داود ( 4932 ) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
وانظري – للمزيد في المسألة – أجوبة الأسئلة ( 119056 ) و ( 20325 ) و ( 129324 ) و ( 9473 ) .
ثالثاً:
لمَن تكون هذه الإباحة من حيث الجنس والسن ؟ الظاهر : أن الجواز لا يقتصر على الإناث بل ويجوز للذكور أيضاً ، مع مراعاة طبيعة الدمية واللعبة التي يُلعب بها ، فلا يَلعب بلُعب البنات إلا البنات – مثلاً – .
وقد سبق دليل لعب الإناث باللُّعَب في حديث عائشة رضي الله عنها .
أما دليل جوازها للذكور :
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ ( مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ) فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ .
رواه البخاري ( 1960 ) ومسلم ( 1136 ) .
والظاهر – كذلك – جواز اللعب – في الأصل – للصغار من الذكور والإناث ، كما سبق في كلام الربيِّع ، وكما جاء عنها – أيضاً – ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ ، وَلُعَبُهَا مَعَهَا ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ ” رواه مسلم ( 1422 ) .
قال القاضي عياض – رحمه الله – : ” وقولها ” ومعها لُعَبُها ” أي : البنات التي يلعب بها الجواري ، يُريد : لصغر سنِّها ” انتهى من ” إكمال المعلم شرح صحيح مسلم ” ( 4 / 574 ) .
وأما حكم لعب الكبار البالغين بمثل تلك الدمى : فقد وقفنا على من يقول بالجواز ، وعلى مَن يرى الكراهة .
قال بدر الدين العيني – رحمه الله – في شرح حديث عائشة – : ” مطابقته للترجمة من حيث إن رسول الله كان ينبسط إلى عائشة حيث يرضى بلعبها بالبنات ويرسل إليها صواحبها حتى يلعبن معها ، وكانت عائشة حينئذ غير بالغة فلذلك رخص لها ، والكراهة فيها قائمة للبوالغ ” انتهى من ” عمدة القاري ” ( 22 / 170 ) .
وقال القاضي عياض – رحمه الله – : ” ما ورد فى اللعب بالبنات لصغار البنات ، والرخصة فى ذلك ” انتهى من ” إكمال المُعلِم شرح صحيح مسلم ” ( 6 / 635 ) .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر – رحمه الله – فيما نقلتْه الأخت السائلة عن الإمامين ابن حبان والنسائي رحمهما الله القول بجواز اللعب بالعرائس لصغار النساء ، دون تقييد ذلك بالبلوغ ، وقد تعقبهما بقوله ” وفيه نظر ” ، ويفهم منه أنهما يقولان بجواز اللعب بالعرائس لعموم جنس النساء ، وهذا القول هو الصواب .
والذي يظهر أن حديث عائشة رضي الله عنها في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر أو تبوك ورؤيته لعبها في بيتها ومنه الفرس بجناحين أنه قوي في الدلالة على جواز لعب النساء باللعب ولو بعد البلوغ ، فعمُر عائشة رضي الله عنها في خيبر – وكانت في سنة سبع للهجرة – كان خمس عشرة سنة أو أزيد ! ، وعمُرها في تبوك – وكانت في سنة تسع للهجرة – كان ستَّ عشرة سنة أو أزيد ، وفي كلا الحالتين فقد كانت بالغة ؛ لما يُعرف عن أهل تلك البلاد من البلوغ مبكِّراً ، بل قد رويَ هذا من قول عائشة رضي الله عنها نفسها ، قال الترمذي – رحمه الله – : قالت عائشة : ” إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ” . انتهى من ” سنن الترمذي ” ( 2 / 409 ) والجارية هي البنت الصغيرة ، قال البيهقي رحمه الله : ” تعني – والله أعلم – : فحاضت فهي امرأة ” . انتهى من ” سنن البيهقي ” ( 1 / 319 ) .
وينظر جواب السؤال رقم ( 122534 ) .
فيظهر من هذا ، والله أعلم ، أن عائشة رضي الله كانت قد بلغت قبل خيبر بزمن ، وأن هذا أقرب من القول بأنها لم تبلغ إلا في تمام خمس عشرة سنة .
وبناء على ذلك يقال : إن اتخاذ عائشة رضي الله عنها اللعب ، ولعبها بالعرائس ، كان قبل بلوغها وبَعده ، لا سيما ولم نقف على ما يدل على امتناعها من ذلك بعد البلوغ ، أو نهي النبي صلى الله عليه وسلم لها عنه ، أو ما يدل على تخلصها من لعبها عندما بلغت ، وكل ذلك لا يُعرف في الأحاديث والآثار .
وللعلم فإن الحافظ ابن حجر لم يجزم بعدم بلوغ عائشة في تلك القصة كما فعل الخطابي رحمه الله ، بل قد علَّق عليه بقوله ” وفي الجزم به نظر ” ، بل إنه في مواضع أخَر وفي قصة عائشة مع الحبشة ذكر أن ذلك كان سنة سبع للهجرة – وهي سنة غزوة خيبر – وأنها كانت بالغة ! وأن عمُرها كان حينئذٍ خمس عشرة سنة ! بل قال في موضع إن عمرها كان ست عشرة سنة ! وكان في ذلك يرد على الإمام النووي رحمه الله قولَه إن عائشة رضي الله عنها كانت يومئذٍ صغيرة دون البلوغ ! .
نص الرواية :
عن عَائِشَة قالت : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ حَرِيصَةً عَلَى اللَّهْوِ .
رواه البخاري ( 443 ) ومسلم ( 892 ) .
كلام الحافظ ابن حجر :
قال الحافظ – رحمه الله – : ” فالظاهر أن ذلك وقع بعد بلوغها ، وقد تقدم من رواية بن حبان أن ذلك وقع لما قدم وفد الحبشة ، وكان قدومهم سنة سبع ، فيكون عمرها حينئذ خمس عشرة سنة ” . انتهى من ” فتح الباري ” ( 2 / 445 ) ، وقال – رحمه الله – : ” قوله ( قدر الجارية الحديثة السن ) أي : القريبة العهد بالصغر ، وقد بينتُ في شرح المتن في ” العيدين ” أنها كانت يومئذ بنت خمس عشرة سنة أو أزيد ” . انتهى من ” فتح الباري ” ( 9 / 278 ) ، وقال – رحمه الله – : ” وقد تقدم في أبواب العيد جواب النووي عن ذلك بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ ، أو كان قبل الحجاب وقوَّاه بقوله في هذه الرواية ( فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن ) لكن تقدم ما يعكر عليه وأن في بعض طرقه أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة ، وأن قدومهم كان سنة سبع ، ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة ، فكانت بالغة وكان ذلك بعد الحجاب ” . انتهى من ” فتح الباري ” ( 9 / 336 ، 337 ) .
وكل ذلك يرجح بلوغ عائشة رضي الله عنها عند رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر ورؤيته لُعبها في بيتها ، ويقوي أن عائشة رضي الله عنها مع بلوغها بقي فيها ما في الصبايا الصغار من حب اللهو واللعب المباحين .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 12 / 121 ) ، بعد نقل كلام الخطابي ، وتعليق ابن حجر عليه : ” .. فهذا يدل على أن الترخيص ليس قاصراً على مَن دون البلوغ منهن ، بل يتعدى إلى مرحلة ما بعد البلوغ ما دامت الحاجة قائمة لذلك ، والعلة في هذا الترخيص : تدريبهن على شأن تربية الأولاد ، وتقدم النقل عن الحليمي : أن من العلة أيضاً ” استئناس الصبيان وفرحهم ، وأن ذلك يحصل لهم به النشاط والقوة والفرح وحسن النشوء ومزيد التعلم ” ، فعلى هذا لا يكون الأمر قاصراً على الإناث من الصغار ، بل يتعداه إلى الذكور منهم أيضاً ، وممن صرح به أبو يوسف ، ففي ” القنية ” عنه : ” يجوز بيع اللُّعبة ، وأن يلعب بها الصبيان ” ، ومما يؤكد جواز اللُّعَب المصوَّرة للصبيان – بالإضافة إلى البنات – : ما ثبت في الصحيحين عن الربيع بنت معوذ الأنصارية رضي الله عنها … . انتهى .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة