0 / 0

أساءت إلى امرأة فدعت عليه ولعنتها ثم تابت ، فهل تصيبها هذه اللعنة ؟.

السؤال: 175428

لعنتني امرأةٌ ودعَت عليّ ؛ لأني أساءت إليها ، وقد ندمتُ على ما فعلتُ ، فهل فعلاً ستقع عليّ تلك اللعنات التي أطلقتها ، أم أن الله سيعفو عنّي بعد توبتي ، علماً أنه لا يمكنني الذهاب إليها والاعتذار مباشرة ؛ لأن ذلك سيخلق المزيد من المشاكل ، كما أني قد حاولت ذات مرة أن أعتذر ولكن لم يتغير في الأمر شيء.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز للمسلم أن يلعن أخاه المسلم ، مهما كانت الأسباب ، لأن اللعن دعاء عليه بالطرد والإبعاد من رحمة الله ، وهذا مما لا يجوز للمسلم أن يدعو به على أخيه المسلم .
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/240) : " لعن المسلم من كبائر الذنوب ؛ لما ثبت عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ) ". انتهى .
والحديث رواه البخاري ( 6105) ، ومسلم (110).
ولا يخفى أن قتل المؤمن من أعظم الكبائر ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم لعنه كقتله ، فدل على عظم تحريم اللعن .
وينظر جواب السؤال (83390).
ثانيا :
من لَعن مسلماً ، فقد دعا عليه بأن يُطرد ويبعد من رحمة الله ، فإن كان المدعو عليه مستحقاً لـ اللعن استجيب له في هذه الدعوة ، وأصابته اللعنة ، وإن لم يكن مستحقاً لذلك رجعت اللعنة إلى صاحبها الذي دعا بها.
لما جاء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : ( إنَّ العبدَ إذا لعَنَ شيئاً ، صعدت اللَّعنةُ إلى السماء ، فتُغلَقُ أبوابُ السماءِ دونَها ، ثم تَهبِطُ إلى الأرض ، فتُغلَقُ أبوابُها دونها ، ثم تأخذُ يميناً وشمالاً ، فإذا لم تجد مَساغاً رجعت إلى الذي لُعِنَ ، فإن كان لذلك أهلاً ، وإلا رجعتْ إلى قائلها ). رواه أبو داود في السنن ( 4905) ، وجوَّد إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (10/467) ، وحسنه الألباني.
وبناء على ذلك ، فلا يضرك ما قالته فيك من اللعن والشتم ، وذلك لسببين :
الأول :
أن اللعنة لا تنزل إلا بمستحقها ، والذي يستحق اللعن هو الكافر ، والمبتدع ، والفاسق المرتكب لكبائر الذنوب .
فإن لم تكن اساءتك لهذه المرأة مشتملة على شيء من هذا ، فإن اللعنة لن تصيبك ، ويكون دعاؤها عليك باللعن من التعدي والظلم ، ودعاء المسلم على المسلم لا يستجاب إذا كان فيه تعدٍ وظلم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ) رواه مسلم في "صحيحه" (2735) .
ولعن المسلم للمسلم المعيَّن بغير حق من أعظم الإثم ، فكيف يستجاب لصاحبه فيه ؟!!
الثاني :
أن التوبة ترفع الذنب وآثاره ، فمن ارتكب ذنباً يستوجب اللعن ، ثم تاب منه ، فإن اللعنة لا تلحقه لزوال سببها .
قال الشيخ ابن عثيمين : " الذنوب السابقة على التوبة تهدمها التوبة هدماً ، ولا يكون لها تأثير إطلاقاً … وإن اللعن قد يقع وقت وقوع المعصية ، وقد يتأخر موجب اللعنة حسب ما تقتضيه إرادة الله وحكمته ، ولكن إذا مّن الله عليه بالتوبة علمنا أن هذا اللعن انتفى ، لأن اللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، ومن تاب إلى الله فهو في رحمة الله " انتهى من " فتاوى إسلامية " (4/147).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (4250) وصححه الألباني .

 

ثالثاً :
الواجب عليك أن تبادري إليها بطلب العفو والمسامحة عما أسأت إليها فيه ، فإن كان الذهاب إليها والحديث معها سيجلب المزيد من المشاكل ، فاحرصي على الاستغفار لها والدعاء لها ، وذكرها في المجالس بالثناء الطيب .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ينبغي للمؤمن أن يحرص على البراءة والسلامة من حق أخيه , فإما أن يؤديه إليه أو يتحلله منه , وإذا كان عرضا فلا بد من تحلله إن استطاع , فإن لم يستطع أو خاف من مغبة ذلك ، وأن يترتب على إخباره شر أكثر فإنه يستغفر له ويدعو له ويذكره بالمحاسن التي يعرفها عنه بدلا مما ذكره بالسوء " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (4 /375).
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android