أدير وكالة لعرض الأزياء ، لقد أنشأت هذه الوكالة أنا وشريكي منذ سنوات ، وقد عملنا فيها كثيراً إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه من النجاح ، وقد اعتنقتُ الإسلام منذ ثمانية عشر شهراً – ولله الحمد – وأصبحت أشعر أن هذا العمل غير مناسب لأني أشارك في التبرج وإخراج الفتيات وعرضهن بملابس داخلية أو ملابس سباحة … الخ إلى الناس ليشاهدوا تلك العورات ، يبدو لي أن هذا العمل لا يختلف كثيراً عن بيع الخمر أو المتاجرة بالبغايا والعاهرات ، أليس كذلك ؟ لكني أعود فأقول : إنهن فتيات غير مسلمات على كل حال ، ولا بأس ! ولكني أشعر بالذنب يحيك في صدري رغم كل هذا .
أصبحت في حيرة من أمري ، حتى لو فكرت في فض هذه الشراكة مع صاحبي فإن الأمر غاية في التعقيد والصعوبة ، فهذه شراكة بُنيت عبر السنين ولفضّها لا بد من إجراءات مطوّلة ، كما أنه لن يستطيع أن يدير الوكالة بمفرده ، وسيأخذ عليَّ في نفسه ، ولن يجد الشخص المناسب ليغطي مكاني ، وكل هذه أمور تجعلني أعيد النظر في مسألة فض الشراكة ، لكنني في الوقت ذاته لا يمكن أن أقدّم شيئاً على مرضاة الله ، فإن كان رضا الله في ترك هذا العمل وفض هذه الشراكة فلا بد أني سأفعل ذلك مهما كانت الكلفة ، فما نصيحتكم ؟ .
وجزاكم الله خيراً .
أسلمت حديثاً ولها شركة لعرض الأزياء فهل لها التكسب منها ؟
السؤال: 175568
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إننا نحمد الله تعالى أن وفقكِ للإسلام فهي نعمة جليلة تحتاج منكِ لمداومة شكر الله تعالى عليها بقلبكِ ولسانك وجوارحك ، وها أنتِ ترين المليارات من الناس لم توفَّق إلى ما وفقتِ إليه من إعلان التوحيد والشهادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، فمنهم من يعبد البشر ومنهم من يعبد الحجر ومنهم الملحد ، والحمد لله على إنعامه عليك بالإسلام .
وقد أعجبَنا منك تحريكِ للكسب الحلال ، وأعجبَنا منكِ – أيضاً – حسن فهمكِ لحقيقة مسألتكِ ، فلا مزيد على ما ذكرتِه من تأصيل أسباب التحريم ، فعرْض تلك الملابس – الداخلية والخارجية – على أجساد فتيات أمام الناس هو من الفحش في ذاته لما فيه من الاطلاع على عورات تلك الفتيات وزينتهن الباطنة والظاهرة ، بل إن حقيقة عروض الأزياء هي المتاجرة بأجساد العارضات لا باللباس الذي عليهن ، وعرض الأزياء فيه – كذلك – إشاعة المنكر والإعانة على الوصول إليه من اللباس العاري والفاضح ، ولو كانت هذه الأزياء على تلك الأجساد في صور فوتغرافية أو على صفحات المجلات لم يجز اقتناؤها ولا النظر إليها ، فكيف والمسألة هنا عرض مباشر على الجمهور ، ونظر مباشر حقيقي إلى أجساد شبه عارية ؟! وكون تلك الفتيات عارضات الأزياء من الكافرات لا يغيِّر من حكم التحريم في شيء ؛ فإن الله لا يحب الفساد ، ولا يأمر بالفحشاء ، وأوامر الشرع وأحكامه موجهة للناس عامة ، ويحاسب الخلق عليها يوم القيامة ؛ فكفره ليس عذرا له في انتهاك المحرمات ، وإنما هو زيادة في الوبال عليه .
وينظر جواب السؤال رقم (49694 ) .
وعليه : فلا يجوز لكِ البقاء شريكة في تلك الوكالة لعرض الأزياء ، ويجب عليكِ الكف فوراً عن تلك الشراكة حتى لا يترتب عليكِ آثام بعد أن طهركِ الله تعالى منها بإسلامك .
وأما بخصوص شريكك في تلك الوكالة فلا تلتفتي إلى ما سيترتب عليه من خسارة ، أو من عدم قدرة على إدارة تلك الوكالة وحده ، فالشأن الآن هو شأنك ، وعليكِ أن تخلصي نفسك من مصدر تلك الآثام والسيئات دون النظر إلى ما يترتب على غيرك من خسارة دنيوية ، وقد أثَّر فينا جدّاً قولك ” لكنني في الوقت ذاته لا يمكن أن أقدّم شيئاً على مرضاة الله ، فإن كان رضا الله في ترك هذا العمل وفض هذه الشراكة فلا بد أني سأفعل ذلك مهما كانت الكلفة ” ، ونِعْم – والله – ما قلتِ ، وهذا هو قول المؤمن الصادق في إيمانه الواثق بربِّه تعالى فيما أعدَّه للمتقين ، وهو ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من سلوك وامتثال ؛ فعندما نزل تحريم الخمر سارعوا إلى إراقة ما عندهم من خمور ، ولم يلتفتوا إلى أثمانها ، أو إلى مشاركتهم لغيرهم في التجارة بها ، ولم يكن لهم أن يترددوا في إتلاف ذلك المحرَّم بعدما سمعوا تحريمه من الوحي المطهر .
وأما بخصوص نصيبك من مال الشركة بعد فضها ؛ فلا حرج عليك إن شاء الله ؛ بسبب أنه كان لك قبل الإسلام ، وقبل معرفة الحكم الشرعي فيه ، ومتى بلغك حكم الشرع في ذلك ، عرفت تحريم هذا العمل ، فالواجب عليك الانتهاء عنه فورا ، ولا يحل لك شيء من الكسب الجديد بعد علمك بالتحريم .
ونوصيك بكثرة التصدق فإنه باب عظيم للأجر ولتطهير المال ، وانظري أجوبة الأسئلة (112149 ) و (2492 ) و (114798 ) .
ونسأل الله تعالى أن ييسر أمركِ وأن يبدلك خيراً من ذلك العمل ، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه وأن يغنيك بفضله عمن سواه .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة