أنا معتنقة للإسلام حديثاً ، وأحاول دائماً في جمع المعلومات والإرشادات إن شاء الله ، سؤالي يتعلق بوظيفتي الحالية ، أعمل كمربية منزل ، أعمل على رعاية شخص معوق إعاقة شديدة والذي يعاني دماراً في بعض أجزاء المخ أثناء الولادة ، هذا الشخص في الثانية والأربعين من عمره ، على الرغم من أن نشاطه العقلي وقدراته النشاطية لا تتعدى طفل رضيع ، فليس لديه أي تحكم في أي شيء ولا يستطيع عمل أي شيء لنفسه ، فعلى سبيل المثال : فهو لا يستطيع تنظيف نفسه ، أو إطعام نفسه ، ولا حتى لبس الملابس الداخلية ، وهو أيضاً لا يمكنه المشي ، أو الكلام على الإطلاق ، ويمشي بالكرسي المتحرك ، ولقد أخبرت عائلته : أني أستطيع التعامل مع هذا الشخص .
وسؤالي : هل قربي الشديد من هذا الشخص سوف يبطل وضوئي لأني ألمسه طيلة النهار ؟
أحكام مترتبة على قيام امرأة برعاية رجل معاق إعاقة عقلية شديدة
السؤال: 177015
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه ونوصيك بالتفقه في الشرع والعمل بالمستطاع من الطاعات فإن من شأن ذلك أن يعينك على الثبات والدعوة إلى الله .
ثانياً:
أما بخصوص عملك في القيام على ذلك الشخص المصاب بإعاقة في عقله فإنه عمل جائز في الأصل وفيه بعض الأحكام من المناسب ذِكرها لكِ مختصرة .
1. الأصل في عورة المعوَّق أنه يحرم النظر إليها ويحرم لمسها بدون حائل ، ولذا فيجب عليك سترها عند التنظيف وعدم النظر إليها ، ويكون تنظيفها من وراء حائل كالقفازات ولهذه القفازات فائدة إضافية مهمة وهي عدم تلويث اليد بالنجاسة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
رزق أبي بثلاثة أولاد ذكور معوقين ومصابين بالتخلف العقلي ، وهذا فضل من الله تعالى يخص به عباده المؤمنين والحمد لله رب العالمين ، هؤلاء الثلاثة هم إخوتي ، وهم طبعا كما ذكرت لفضيلتكم معوقون عاجزون عن خدمة أنفسهم ، ولذلك تقوم والدتهم بخدمتهم والقيام على رعايتهم في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ، ولكنهم الآن أصبحوا في سن الرشد ، ويبلغ أكبرهم 25 سنة ، فهل يجوز لوالدتي القيام بنظافة جسم أخي الأكبر واستحمامه ، حيث إنه لا يعرف كيف ينظف جسمه ؛ لأنه متخلف عقليا مع ما يعرضها للاطلاع على عورته ، وكذلك بالنسبة لي ؟
فأجابوا : ” يجوز لكم تنظيف هؤلاء المعوقين بالتغسيل وغيره ، لكن مع ستر عورتهم وتنظيفها من وراء حائل من لباس ونحوه ، ومع وضع شيء على اليد من جورب أو لفافة يمنع تلوثها بالنجاسة ، وعليكم استفراغ وسعكم فيما يحقق العناية بهؤلاء المعوقين ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ” . انتهى
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 24 / 425 ، 426 ) .
2. المعاق في عقله الذي لا شهوة له تجاه النساء يدخل في قوله تعالى : ( غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ) وهؤلاء تكشف المرأة أمامهم ما تكشفه أمام محارمها وهو ما يظهر غالباً كالرأس والوجه والذراعين والقدمين .
قال ابن قدامة – رحمه الله – : ” ومَن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر أو عُنّةٍ أو مرض لا يُرجى برؤه والخصيّ … والمخنث الذي لا شهوة له : فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر ؛ لقوله تعالى ( أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ ) أي : غير أولي الحاجة إلى النساء ، وقال ابن عباس : هو الذي لا تستحي منه النساء ، وعنه : هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار – أي مقدرة على الانتصاب – ” انتهى من ” المغني ” ( 7 / 462 ) .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 3 / 8 ) : ” وقال المالكية والشافعية والحنابلة – وهو رأي للحنفية – : حكم غير أولي الإربة حكم المحارم في النظر إلى النساء ، يرون منهن موضع الزينة ، مثل الشعر ، والذراعين ، وحكمهم في الدخول عليهن مثل المحارم أيضاً ؛ لقوله تعالى : ( أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِن الرِّجَالِ ) ” . انتهى
3. إن احتجتِ في عملك إلى النظر إلى عورته أو مسِّها فيباح لكِ ذلك لأنها حاجة أو ضرورة كالطبيب إذا احتاج إلى النظر إلى عورة المريض أو مسها .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 14 / 19 ) : ” لا خلاف بين الفقهاء في أن النظر إلى عورة الغير حرام ما عدا نظر الزوجين كل منهما للآخر ، فلا يحل لمن عدا هؤلاء النظر إلى عورة الآخر ما لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك كنظر الطبيب المعالج ، ومن يلي خدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء وغيرهما ، وكقابلة ، فإنه يباح لهم النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من العورة ، وعند الحاجة الداعية إليه ، كضرورة التداوي والتمريض وغيرهما ، إذ الضرورات تبيح المحظورات ، وتنزَّل الحاجة منزلة الضرورة .
ثم النظر مقيد بقدر الحاجة ؛ لأن ما أبيح للضرورة يقدَّر بقدرها ” . انتهى .
4. وفي حال حصل منكِ مسٌّ لذلك الرجل بسبب التنظيف والتطبيب فيفرَّق بين مس العورة من غير حائل ومس سائر بدنه ، فمس عورته من غير حائل ينقض الوضوء ، وأما مس سائر بدنه فلا ينقض .
وفي مس عورته قال علماء اللجنة الدائمة : ” لمس العورة بدون حائل ينقض الوضوء سواء كان الملموس صغيراً أو كبيراً ؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأ ) – رواه النسائي ( 444 ) وابن ماجه ( 481 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح النسائي ” – وفرْج الممسوس مثل فرْج الماس ” انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 5 / 265 ) .
وأما مسألة لمس المرأة لبدن الرجل وعدم نقض الوضوء منه فقد بينَّاه بتفصيل في جواب السؤال رقم ( 76115 ) .
5. وفي نهاية المطاف نرى أن تقوم المرأة على خدمة بنات جنسها من النساء ، ونرى أن يقوم الرجال على خدمة الرجال ، ولذا فإن تيسر لك العمل في خدمة امرأة فهو أفضل بلا ريب .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة