تنزيل
0 / 0

أكل ما سوى اللحم من أجزاء الإبل ، هل ينقض الوضوء ؟

السؤال: 177086

أعلم أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل ، فهل يجب الوضوء من أكل كبده الإبل ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اختلف القائلون بوجوب الوضوء من لحم الإبل – وهم الحنابلة – : هل يشمل ذلك جميع
أجزاء الإبل ، من كبد وطحال وكرش وشحم ، ونحوها ؟ على قولين :
القول الأول : أن الوضوء لا يجب إلا من أكل اللحم خاصة .
القول الثاني : أن الوضوء يجب من أكل اللحم ومن غيره من أجزاء الإبل ، كالكبد
والطحال والشحم ونحوها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” وفيما سوى اللحم من أجزاء البعير , من كبده , وطحاله
وسنامه , ودهنه , ومرقه , وكرشه , ومصرانه , وجهان : أحدهما : لا ينقض ; لأن النص
لم يتناوله , والثاني : ينقض ; لأنه من جملة الجزور ، وإطلاق اللحم في الحيوان يراد
به جملته ; لأنه أكثر ما فيه , ولذلك لما حرم الله تعالى لحم الخنزير , كان تحريما
لجملته , كذا هاهنا ” انتهى من ” المغني ” (1/124) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : ” (وأكل اللحم خاصة من الجزور) وخرج بكلمة ” خاصة ” ما عدا اللحم كالكرش ، والكبد ، والشحم ، والكلية ،
والأمعاء ، وما أشبه ذلك .
والدليل على ذلك :
1. أن هذه الأشياء لا تدخل تحت اسم اللحم ، بدليل أنك لو أمرت أحدا أن يشتري لك
لحما ، واشترى كرشا ؛ لأنكرت عليه ، فيكون النقض خاصا باللحم الذي هو الهبر .
2. أن الأصل بقاء الطهارة ، ودخول غير ( الهبر : اللحم ) دخول احتمالي ، واليقين لا
يزول بالاحتمال .
3. أن النقض بلحم الإبل أمر تعبدي لا تعرف حكمته ، وإذا كان كذلك ، فإنه لا يمكن
قياس غير الهبر على الهبر ؛ لأن من شرط القياس أن يكون الأصل معللا ، إذ القياس
إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة ، والأمور التعبدية غير معلومة العلة وهذا هو
المشهور من المذهب .

والصحيح : أنه لا فرق بين
الهبر وبقية الأجزاء ، والدليل على ذلك :
1. أن اللحم في لغة الشرع يشمل جميع الأجزاء ، بدليل قوله تعالى : (حرمت عليكم
الميتة والدم ولحم الخنزير) المائدة:3 ، فلحم الخنزير يشمل كل ما في جلده ، بل حتى
الجلد ، وإذا جعلنا التحريم في لحم الخنزير -وهو منع- شاملا جميع الأجزاء ، فكذلك
نجعل الوضوء من لحم الجزور -وهو أمر- شاملا جميع الأجزاء ، بمعنى أنك إذا أكلت أي
جزء من الإبل ، فإنه ينتقض وضوءك .
2. أن في الإبل أجزاء كثيرة قد تقارب الهبر ، ولو كانت غير داخلة لبين ذلك الرسول
صلى الله عليه وسلم لعلمه أن الناس يأكلون الهبر وغيره .
3. أنه ليس في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حيوان تتبعض أجزاؤه حلا وحرمة ،
وطهارة ونجاسة ، وسلبا وإيجابا ، وإذا كان كذلك فلتكن أجزاء الإبل كلها واحدة .
4. أن النص يتناول بقية الأجزاء بالعموم المعنوي ، على فرض أنه لا يتناولها بالعموم
اللفظي ؛ إذ لا فرق بين الهبر وهذه الأجزاء ؛ لأن الكل يتغذى بدم واحد ، وطعام واحد
، وشراب واحد .
5. أنه إذا قلنا بوجوب الوضوء وتوضأنا وصلينا ، فالصلاة صحيحة قولا واحدا ، وإن
قلنا بعدم الوجوب وصلينا بعد أكل شيء من هذه الأجزاء بلا وضوء ، فالصلاة فيها خلاف
، فمن العلماء من قال بالبطلان ، ومنهم من قال بالصحة ، ففيها شبهة ، وقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم : ( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) ، وقال صلى الله
عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .
6. أنه روى أحمد في مسنده بسند حسن عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( توضؤوا من ألبان الإبل ) ، وإذا دلت السنة على الوضوء من ألبان
الإبل ، فإن هذه الأجزاء التي لا تنفصل عن الحيوان من باب أولى .
وعلى هذا يكون الصحيح أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء مطلقا ، سواء كان هبرا أم غيره
” انتهى من ” الشرح الممتع ” (1/299 -302).

فالمسألة محل خلاف بين أهل
العلم ، والأحوط أن يتوضأ الإنسان عنده أكله أي جزء من أجزاء الإبل كالكبد والطحال
والكرش ونحوها ؛ وذلك خروجا من خلاف أهل العلم ، واحتياطاً لصحة الصلاة ، لكن لا
يجب الوضوء من ألبان الإبل ؛ لعدم صحة الحديث ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال
رقم : (36736)
.

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android