تنزيل
0 / 0
7,59804/11/2012

هل يستمر بمقاطعة شقيقه بسبب سوء خلق زوجته ؟

السؤال: 177558

إن لي أخاً يكبرني بخمس سنوات ، متزوج من امرأة منذ ستة عشر عاماً ، لقد هدَّدَتْه بالقتل حوالي خمس مرات بل إنها تضربه أحياناً ، وعندما كانت حاملا هددتْ أن تجهض الجنين .
إنها لا تحترم أحداً بما في ذلك والداي ، لذا فقد منعها أبي من دخول بيتنا وأمر أخي أن يطلقها ولكنه لم يرضخ لأمره بسبب أن لهم طفلاً في الثالثة من العمر .
أما أنا فرجل ملتزم منذ ستة عشر عاماً ، وقد حاولت جاهداً نصح أخي هذا وتوجيهه لا سيّما وأنه كان يأتي إلى المسجد ونلتقي هناك كلما واجه هذه المشاكل مع زوجته ، ولكن زوجته منعته من القدوم إلى المسجد ، بل حتى منعته من الصلوات الخمس وقالت : إنه لا يجب عليهما الصلاة ، إنما هي للمتشددين ، وأذكر أنها في إحدى المرات رمت كتاباً دينيّاً كان لديه ، وهو ما أراه أنا كفراً ، لذا فقد قاطعته منذ عام ونصف ولم يعد بيني وبينه أي تواصل واشترطت عليه إن أراد حفظ علاقاتي معه أن يطلق هذه المرأة ، وأن يحافظ على الصلوات ، وأن يطيع والداي .
لقد قاطعته من أجل الله تعالى ؛ لأنه لا يسمع كلام أحد إلا كلام زوجته ، وقد حاولت نصحه لمدة ثلاث سنوات دون فائدة .

فما رأيكم ؟ هل ما فعلته صحيح أم لا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
شكر الله نصحك لأخيك وقيامك بأمر الدعوة والبر بوالديك ، والذي يبدو أن شخصية أخيك
ضعيفة ، وأن زوجته هي التي تقوم على أمره ؛ فإن كان الحال كما ذكرتَ ؛ فالواجب على
أخيك أن يسمع لأبيه ، ويطيع أمره ، ويفارق هذه المرأة إن لم ينفع معها النصح والهجر
والضرب .
قال تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/ 34 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” ( وَاللاتِي تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ ) أي : ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه
يؤدبها بالأسهل فالأسهل .
( فَعِظُوهُنَّ ) أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة
والترهيب من معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع بأن
لا يضاجعها ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضرباً غير مبرح ،
فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا
) أي : فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية والتنقيب عن
العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 177 ) .
ثانياً:
أما ترك الصلاة : فإن كان الترك هو للجماعة : فهذه معصية ؛ لأن الراجح من أقوال أهل
العلم أنها واجبة ، أما إن كان الترك بالكلية : فهذا – والعياذ بالله – ردة عن
الدين ؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْعَهْدُ الَّذِي
بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي
( 2621 ) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
وللاستزادة انظر جواب السؤال رقم (
2128 ) .
رابعاً:
وأما رمي الكتاب الديني : فإن رمته قاصدةً إهانة الآيات والأحاديث فهو ردة عن الدين
، وإذا لم تقصد الإهانة فهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وإذا كان اتخاذ كتب أهل العلم
التي فيها قرآن وسادة من المحرمات فكيف بإلقائها احتقاراً لها ؟! .
ولذا فقد جاءت كلمات العلماء متوافقة في وجوب تعظيم كتب العلم وتحريم الاستخفاف بها
واحتقارها ؛ لما فيها من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي – رحمه الله – : ” ( و ) يحرم ( توسده ) أي المصحف
( والوزن به والاتكاء عليه ) لأن ذلك ابتذال له ( وكذا كتب العلم التي فيها قرآن
وإلا ) بأن لم يكن في كتب العلم قرآن ( كره ) توسدها والوزن بها والاتكاء عليها ”
انتهى من ” كشاف القناع ” ( 1 / 136 ) .
وفي ” حاشية الجمل على المنهج ” للشيخ سليمان الجمل الشافعي ( 1 / 225 ) : ” يجري
في كتب العلم الشرعي وآلته ما في المصحف ، غير تحريم المس والحمل ، لأنه يشعر
بالإهانة ” انتهى .

رابعاً:
اعلم أن الهجر لا يراد لذاته بل لما يؤدي إليه من نفع وفائدة ، فإذا رأيتَ أن هجرك
لأخيك سيؤثر فيه إيجاباً وسيرجع بسببه إلى رشده فامض به ، وإذا رأيت عدم نفعه أو
رأيته سيزيد من تسلط زوجته عليه وسيزيد في الشقة بين أفراد أسرتكم ، فنرى أن لا
تمضي به ، وحاول أن تتودد إليه بالهدية والكلام الحسن وتعاهده بنصحك باستمرار
فلعلَّ الله أن يجعل هدايته بسبب حسن تصرفك هذا معه .

ومما نوصيك به أن تجتهد في بذل النصح لزوجة أخيك وأن تهديها كتاباً أو شريطاً
فيه عظة وتذكير ؛ فقد يكون فعلها عماية وجهالة من غير علم بالعواقب .

وعليك بالدعاء – وتحرَّ ذلك في ثلث الليل الآخر – أن يشرح الله صدرهما ويصلح
حالهما لعلها أن تصادف ساعة إجابة فيكتب لك أجر هدايتهما وصلاحهما .

فإن رأيته مصرا على حاله ، مستمرا على ترك الصلاة ، وطاعة هذه المرأة في معصية
الله ، والإذعان لتسلطها ، فانقطعت عنه ، بغضا لحاله من معصية ربه ، وإعراضه عن
الطاعة ، فلا يظهر لنا حرج فيما تفعله إن شاء الله .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android