تنزيل
0 / 0

لماذا لا يحتفل المسلمون بمولد نبي الله عيسى كما يحتفلون بمولد نبي الله محمد عليهما الصلاة والسلام ؟

السؤال: 178136

إذا كان المسلمون يحتفلون بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، فما الضير في احتفالهم بمولد نبي الله عيسى عليه السلام ، ألم يكن نبيًا مبعوثًا من عند الله عز وجل؟ سمعت هذا الكلام من شخص ما ، ولكني أعرف أن الكريسماس والاحتفال به حرام ، ولكني أريد الإجابة على ما سبق؟ وجزاكم الله خيرا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الإيمان بعيسى عليه السلام نبيا ورسولا بعثه الله عز وجل لبني إسرائيل من الإيمان بالله ورسله ، ولا يصح إيمان أحد إلا بالإيمان بجميع رسل الله صلى الله عليهم وسلم ، قال الله تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/ 285 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد ، فرد صمد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه . ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء ، لا يفرقون بين أحد منهم ، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مهديون هادون إلى سبل الخير " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1 /736) .

وقال السعدي رحمه الله :

" فالكفر ببعضهم كفر بجميعهم بل كفر بالله " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 120) .

ثانيا :

الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة ، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه من بعده ، ولا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين أنه أجازه أو استحبه فضلا عن المشاركة فيه ، وكل ذلك من الأمر المحرم والبدعة المنكرة .

قال علماء اللجنة :

" الاحتفال بمناسبة المولد النبوي بدعة محرمة ؛ لأن ذلك لا دليل عليه من كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يعمله أحد من خلفائه الراشدين والقرون المفضلة " .

انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /244) .

راجع لذلك جواب السؤال رقم : (70317 ) ، (13810 ) .

فما يصنعه عوام المسلمين وجهالهم من الاحتفال بالمولد النبوي هو من محدثات الأمور التي يجب محاربتها والنهي عنها ، فالاستدلال بالاحتفال بالمولد النبوي على جواز الاحتفال بعيد الكريسماس باطل من أساسه ؛ لأن الاحتفال بالمولد النبوي غير جائز ؛ لأنه من البدع المحدثة ، وما قيس على البدعة فهو بدعة مثله .

ثالثا :

احتفال النصارى بما يسمى بـ(الكريسماس) احتفال بدعي شركي ، لا يجوز للمسلمين مشابهتهم فيه ، وعيسى عليه السلام بريء منه ومنهم .

وهو بالنسبة للمسلمين – فوق أنه بدعة – من التشبه بالكافرين فيما يخصهم من أمر دينهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) .

رواه أبو داود (3512) وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" ، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية وقال :

" وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) " انتهى من "اقتضاء الصراط" (ص 82- 83) .

وقال شيخ الإسلام أيضا :

" فقد تبين لك أن من أصل دروس – ذهاب – دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين ، كما أن من أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم ، ولهذا عظم وقع البدع في الدين وإن لم يكن فيها تشبه بالكفار ، فكيف إذا جمعت الوصفين ؟! " .

انتهى من "اقتضاء الصراط" (ص 116) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ؛ لأن فيها إقرارا لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورضا به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر ، أو يهنئ بها غيره ؛ وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود " انتهى ملخصا من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (3 /45-46) .

ولمعرفة حكم مشاركة الكفار في أعيادهم راجع جواب السؤال رقم : (1130 ) ، (145950 ) .

والخلاصة : أن الضرر حاصل باحتفال المسلمين بعيد الكريسماس من غير وجه :

1- أن فيه تشبهاً بالكفرة المشركين الذين يقيمون هذه الاحتفالات بدافع شركهم وكفرهم بالله العظيم ، لا من واقع شريعة نبي الله عيسى عليه السلام ؛ لأنه باتفاقنا واتفاقهم لم يشرع لهم مثل هذه الاحتفالات ، فهي مزيج من الشرك والبدعة ، مع ما يخالط ذلك مما يعملون من الفسق والفجور في هذه الاحتفالات كما هو معلوم . فكيف نتشبه بهم في ذلك ؟

2- أن الاحتفال بالمولد النبوي غير جائز لأنه بدعة محدثة كما تقدم ، فلا يجوز القياس عليه ؛ لأنه إذا فسد الأصل المقيس عليه فسد القياس .

3- أن الاحتفال بالكريسماس منكر بكل حال ، ولا يمكن القول بجوازه ؛ لأنه من أصله فاسد ؛ لما يحصل فيه من الكفر والفسوق والعصيان ، ومثل هذا لا يصح قياسه على شيء ، ولا يتخرج القول بجوازه بحال .

4- يلزم لصحة هذا القياس الفاسد أن نطرده فنقول : لم لا نحتفل بمولد كل نبي ؟ أليسوا بأنبياء مبعوثين من عند الله ؟! وهذا لا يقول به أحد .

5- أن معرفة ميلاد أي نبي من الأنبياء على وجه التحديد متعذرة ، حتى نبينا صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يعرف يوم ميلاده على وجه القطع ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد ذلك على أقوال متعددة بلغت التسعة أقوال أو أكثر ، فبطل الاحتفال بالمولد تاريخيا وشرعيا ، فالقضية برمتها سواء فيما يخص ميلاد نبينا أو ميلاد نبي الله عيسى عليهما الصلاة والسلام ، لا أصل لها .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

"الاحتفال بليلة مولده صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يصح لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الشرعية " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (19 /45) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android