0 / 0

ما حكم راتبه في العمل كجامع تبرعات لمؤسسة خيرية غير إسلامية ؟

السؤال: 178424

هل يجوز لي العمل كجامع تبرعات لمؤسسة خيرية غير إسلامية ؟ وهل ما أحصل عليه من راتب يُعد حلالاً ؟ وهل يجوز أن أحث المسلمين على التبرع لهذه الجمعية ؟ وهل أحصل على أجر وثواب لقاء كل ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الجواب :
أولاً :
إن كان عمل هذه الجمعية يقتصر على الأعمال الخيرية الإغاثية ، من إعانة الفقراء والبؤساء والمحتاجين ، ومساعدة العجزة والأرامل والأيتام والمرضى ، وإغاثة المنكوبين ، وغير ذلك من أعمال الخير ، فلا حرج من العمل معها ، والراتب الذي تتقاضاه على هذا العمل مباح لا حرج فيه .
فالأعمال الخيرية الإغاثية مندوب إليها عموماً ، ولو كان القائمون عليها من غير المسلمين ، وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين في حلف الفضول ، وهو حلف قائم على نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف .
وقال : ( لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ ) رواه البيهقي في “السنن الكبرى” (6/596) ، وينظر: ” صحيح السيرة النبوية ” للألباني (ص: 35).

ثانياً :
لا حرج من دعوة المسلمين للتبرع لهذه الجمعية من أموال الصدقة العامة ، لأن الصدقة على غير المسلمين من البر الذي أذن الله لنا فيه ، فقال : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ).
قال الإمام الشافعي: ” وَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى الْمُشْرِكِ مِنْ النَّافِلَةِ ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفَرِيضَةِ مِنْ الصَّدَقَةِ حقٌّ ، وَقَدْ حَمِدَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا فَقَالَ : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) “. انتهى، ” الأم ” (2/65) .
قال ابن كثير : ” وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( كَانَ أُسَرَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكِينَ) ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُكْرِمُوا الْأُسَارَى ، فَكَانُوا يُقَدِّمُونَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْغَدَاءِ “. انتهى من ” تفسير ابن كثير” (8/ 288) .
قال المرداوي : ” تَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ ” انتهى من “الإنصاف” (3/268) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” تجوز الصدقة على الكافر بشرط : ألا يكون ممن يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ، لكن إذا كان قومه يقاتلوننا في الدين أو يخرجوننا من ديارنا فلا نتصدق عليه ” ، انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (100/ 32 ، بترقيم الشاملة آليا) .
وينظر : جواب السؤال (3854).

ثالثاً :
أما الحصول على الثواب والأجر من وراء هذا العمل ، فيتوقف على نيتك وقصدك منه ، فإن أحسنت النية وقصدت نفع الفقراء والمحتاجين وإعانتهم ، فلك الأجر من الله على ذلك .
وقد حمد الله الصحابة لإطعامهم الأسرى المشركين ، وأنه كانوا يفعلون ذلك ابتغاء الأجر والثواب من الله ، فقال : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) الإنسان/ 9،8.
قال جمال الدين القاسمي : ” والآية تدل على أن إطعام المشرك مما يتقرب به إلى الله تعالى ، لقوله سبحانه: ( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ) أي قائلين ذلك بلسان الحال أو المقال .. فلا نقصد بإطعامكم إلا ثوابه تعالى والقربة إليه والزلفى عنده”. انتهى من ” محاسن التأويل” (9/375).
وقال صلى الله عليه وسلم : (فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) رواه البخاري (2466) ، ومسلم (2244) .
وهو صريح الدلالة في أن الصدقة على كل مخلوق حي فيها أجر وثواب من الله ، ومن أعان على ذلك وساهم فيه ، ناله نصيبه من الأجر ، بلا شك .
رابعاً :
إذا كان لهذه الجمعية غايات ومقاصد أخرى غير الأعمال الإغاثية ، كالتبشير والدعوة للنصرانية ، أو نشر بعض المناهج المنحرفة والفاسدة ، أو حرب المسلمين ، والسيطرة على بلادهم ، ونهب ثرواتهم : فلا يجوز العمل معهم حينئذ بأي حال من الأحوال ، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، ويكون الراتب الذي تتقاضاه على هذا العمل حينئذٍ سحت وحرام .
وينظر جواب السؤال (145321) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android