0 / 0

لديه أرض وقام ابنه بالبناء عليها ، فباعها الأب وأخذ الثمن فما الحكم ؟

السؤال: 178729

أب يملك قطعة أرض وقد بنى ابنه على هذه الأرض مبنى من ماله الخاص ، فباع الوالد قطعة الأرض هذه حيث إنه مالك هذه الأرض ، وقد سمعت حديثًا في سنن أبي داود رقم 3523 :
عن عبد الله بن عمرو بن العاص :” أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ‏فقال يا رسول :إن لي مالا وولدا وإن والدي ليجتاح مالي قال: ‏أنت ومالك لوالدك ، أن أولادكم من أطيب كسبكم ، فكلوا من كسب أولادكم”.
لدى الابن الذي شيّد هذا المبنى ثلاثة أبناء ، كيف سيتم تعويضه عن المبنى الذي بناه وباعه أبيه وأخذ المال ؟ وهل هذا الحديث صحيح ؟ وهل هناك محكمة شرعية تختص بالنظر في هذه الأمور؟ وما الحكم لو لم يكن هناك محكمة شرعية مختصة بالنظر في هذه الأمور في الهند ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
البناء الذي بناه الابن ملكٌ له ، وإذا لم يكن الأب محتاجا فليس له أن يأخذ من ثمن البناء شيئا ، بل يعطيه لابنه أو لورثته إن مات .
وإذا كان الأب محتاجا ، جاز له أن يأخذ من ثمن البناء قدر حاجته ولا يزيد ؛ وذلك أن أخذ الأب من مال ابنه مشروط بشروط بينها أهل العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله معلقا على حديث : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) :
“هذا الحديث ليس بضعيف ؛ لشواهده ، ومعنى ذلك : أن الإنسان إذا كان له مال : فإنَّ لأبيه أن يتبسَّط بهذا المال ، وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء ، لكن بشروط :
الشرط الأول : ألا يكون في أخذه ضرر على الابن ، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد ، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه : فإن ذلك لا يجوز للأب
الشرط الثاني : أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن سيارة يحتاجها في ذهابه ، وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها : فليس له أن يأخذها بأي حال .
الشرط الثالث : أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً : فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه .
وعلى كل حال : هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ، ولكنه مشروط بما ذكرنا ” .
انتهى من “فتاوى إسلامية” (4/ 136) .
وهناك شرط رابع ذهب إلى القول به جمهور العلماء ، خلافاً للإمام أحمد رحمه الله ، وهو :
أن يأخذ الأب مال ولده لحاجته إليه ، فإن كان غير محتاج ، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً إلا برضى ولده .
وقد استدلوا على ذلك بعدة أحاديث ، منها : ما رواه الحاكم (3123) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم هبة الله لكم [يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ] فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) . صححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” ( 2564 ) ، وقال : “وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة ، وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) ليس على إطلاقه ، بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء ، كلا ، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه . والله أعلم” انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله : ” وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ) متفق عليه . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه) رواه الدارقطني ؛ ولأن ملك الابن تام على مال نفسه , فلم يجز انتزاعه منه” انتهى من “المغني” (5/ 395) باختصار .
فينبغي بيان الحكم الشرعي للأب .
وللابن وأولاده الرجوع للقضاء ، أو الاستعانة بأهل العلم ومن لهم تأثير على الأب لإقناعه برد ما لا يحتاجه من ثمن البناء إليهم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android