لقد نذرت صيام يوم الخميس إذا غابت المعلمة ، ولقد غابت كما كنت معلقه نذري بذلك الأمر ، ولم أصم يوم الخميس لنسياني للأمر ، وقد نسيت إلى أن مر ثلاثة أسابيع .
نذرت أن تصوم الخميس ثم نسيت صومه
السؤال: 179965
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من نذر طاعة كالصيام أو القيام لزمه الوفاء بنذره ، سواء كان نذره مطلقا كقوله : نذرت أن أصوم يوم الخميس ، أو معلقا على شرط ، كقوله : إن حضر فلان ، أو غاب فلان .
قال ابن قدامة رحمه الله عن نذر الطاعة : ” وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : التزام طاعة في مقابل نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها ، كقوله : إن شفاني الله فلله علي صوم شهر ، فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع ، كالصوم والصلاة والصدقة والحج ، فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم . . . إلخ ” انتهى من “المغني” (13/ 622) .
ومن نذر نذرا معيّنا ، كصوم هذا الخميس ، لم يجز له تأخير الوفاء به عمدا ، فإن نسيه ، قضاه ، ولا إثم عليه ولا كفارة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” سائل يقول عندما حضرت إلى المملكة للعمل سألت الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في عملي وسفري هذا ، ونذرت لله سبحانه و تعالى أن أصلى يومياً أربع ركعات حمداً وشكراً له ، وذلك طول حياتي ، وذات يوم نسيت صلاة هذه الأربع ركعات ، وقمت بصلاتها في اليوم التالي ، فما الحكم في هذا السهو ؟ هل قضاؤها ثاني يوم مقبول ، أم الأمر فيه كفارة ؟ أرجو إفادتكم بارك الله فيكم ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن أجيب على سؤاله أود أن أنبه ، وكم نبهت ونبه غيري أن النذر مكروه ، حتى قال بعض العلماء إنه حرام ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، وفي القرآن ما يشير إليه ، أي إلى النهي عنه ، حيث قال الله تعالى : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ٌ) ، أي : أطيعوا الله تعالى بدون أن تقسموا ، أو : أطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمركم بالخروج ، بدون أن تقسموا ، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير ، والنظر يقتضي النهي عنه أيضاً ؛ ذلك لأن كثيراً من الناذرين يصعب عليهم أن يوفوا بنذورهم ، فتجدهم يذهبون إلى كل عالم يطرقون بابه لعلهم يجدون الخلاص منه ، وبعضهم يتهاون ولا يوفي بنذره ، وإذا تهاون الإنسان بنذره الذي يجب عليه الوفاء به فإنه يخشى عليه من النفاق لقول الله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .
وبعد هذا نجيب على سؤال السائل ونقول : إنك نذرت أن تصلى لله تعالى أربع ركعات ، طول حياته ما دام في المملكة كما يظهر لي من سؤاله ، والصلاة طاعة لله عز وجل ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه) ، وعلى هذا فيلزمك أن تصلى كل يوم أربع ركعات كما نذرت ، فإذا نسيتها ذات يوم فصلها متى ذكرتها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها ولا كفارة لها إلا ذلك ) والواجب بالنذر أن يحذو به حذو الواجب بأصل الشرع .
أما لو تركتها عمداً إلى اليوم الثاني فإنك آثم بذلك لأنك لم تأت بنذرك ، وعندي تردد في كونه يجزئك أن تقضيه في اليوم الثاني أو لا يجزئك ، لأنها صلاة مؤقتة بوقت ، أخرجتها عن وقتها بدون عذر شرعي ، فلا تكون مقبولة منك ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وأنت مأمور أن توفي بنذرك في وقته الذي عينته ؛ فإن أخرته عن وقته الذي عينته عمداً فقد فعلت غير ما أمرت ، فيكون ذلك مردوداً عليك ، وفي هذه الحال تكفر كفارة يمين لفوات النذر عن وقته ، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب